|
فالمحاكم بهذا الشكل هي المعنية بتحقيق العدالة بين الناس خاصة إذا كان القضاة من الأتقياء الأخيار وقد حضرتُ عددا من الجلسات في محاكم ومجمعات قضائية في عدن على نحو ما ذكرت سلفا وشعرتُ أن العدالة تتحقق في هذه المحاكم لوجود الرقابة وسلامة الإجراءات وتهيئة الجو المناسب للقضاة في إصدار أحكامهم وكم كنت مسرورا عندما كان القاضي في منصته يُسيّر الإجراءات والكل منصت والجو هادئ وكأن على رؤوس الحاضرين الطير فالمتقاضون ينتظرون ومستفيدون من معطيات القضايا وترافع المحامين وإبداعاتهم وردودهم الشفوية واعتراضاتهم المسببة ومن الفصل فيها من قبل القضاة المتمكنين وكم هو جميل عندما يتم النداء الأول عبر حاجب المحكمة الذي ينادي الخصوم بأعلى صوته فيسمع كل من بداخل القاعة أو خارجها وفقا لنص المادة (159) مرافعات فيحضر الجلسة كل من سمع النداء ولا يتم استبعادها ولا شطبها ولا غير ذلك مما يضر بالمتقاضين فالقاضي رئيس الجلسة يشعر بالمسئولية الكاملة الملقى على عاتقه ولا يجرؤ على المخالفة لكننا نجد معظم مباني المحاكم اليمنية بشكل بيوت سكنية قديمة منذو عهد الخلافة العثمانية أو مباني خاصة استأجرتها الوزارة وهي أشبه بالدكاكين أن لم تكن شقق سكنية ومثل هذه المباني لا تصلح أن تكون محاكم لتحقيق العدالة فهي بالغالب لا تصلح أن تكون حتى سكنا شخصيا لمستأجرين فما الحال إذا استُخدمت محاكم شرعية لتحقيق العدالة فالقاضي يعقد جلساته في غرفة صغيرة جدا لا تتسع إلا لمكتبه وأمين سره ومتقاض مع خصمه فتجد القاضي جالسا على كرسي وماسه ولا توجد قاعة يجلس فيها المتقاضون لمراقبة الإجراءات أثناء انعقاد الجلسات كما أن المتقاضي الذي نودي باسمه يدخل الغرفة فيجد نفسه ارفع من القاضي الذي ينظر إلى المتقاضي وهو ارفع منه فيشعر القاضي بالإحباط ولا يأمن على نفسه ولا تجد لقراراته سماع في بعض الأحيان هذا فضلا عن التجاوزات التي يرتكبها القضاة من التقصير والإهمال نظرا لعدم وجود جو مناسب له كقاضي حكم فتجده لا يكلف نفسه شيئا في تطبيق القانون فهذه القضية يستبعدها وتلك القضية يشطبها دون منادات من قبل الحاجب وربما يكون المتقاضون في داخل القاعة أو خارج الباب وقد يكون لهذا المتقاضي أو ذاك شهود أحضرهم ومنتظرا سماعهم أو معد نفسه لطلب إصدار قرارا مستعجل لأمر طارئ حدث أثناء نظر القضية أو انه سيطلب اتخاذ تدبير معين فتضيع الحقوق بسبب الاستبعاد أو الشطب هذا فضلا عن رسوم الإعادة التي أصبحت عبئا كبيرا لا يستطيع تحمله ويثقل كاهل المتقاضين بمعنى أن كثيرا من القضاة يرتقي بأخلاقه وحسن إجراءاته وجمال مظهره مع رقي مبنى المحكمة فيتحرى العدالة ويطبق الشكليات الهامة ويظهر بالمظهر الجميل الذي يتناسب مع مهمته السامية في تحقيق العدالة وبالعكس تجد القضاة يتهاونون في الإجراءات الشكلية وربما أحيانا الموضوعية المؤدية إلى ضياع الحقوق بسبب رداءة المبنى وضيق مكتبه وعدم وجود قاعة لإدارة الجلسات فالجو عنده ضبابي لا فرق بين الشقة التي يسكنها وبين المحكمة التي يديرها فيتغير مزاجه وينعكس سلبا على تحقيق العدالة .والدولة الناجحة هي التي تهتم بالسلطة القضائية أبنية وإنسانا لأنه إذا استقامت العدالة فقد صلحت الدولة في جميع مؤسساتها ولو حسبت الدولة إيجارات المحاكم السنوية لوجدت أنها مكلفة لها بشكل كبير ولو سخرت هذه الإيجارات لبناء محاكم قضائية لكان أصوب لها وأحسن وأفضل من أن تظل تحت رحمة المؤجرين الذين يقومون بإغلاقها في حال تأخر الإيجارات عن موعدها فهل ستعي الدولة ذلك ؟ هذا ما نأمله .
Anomanlawyer1@gmail.com
في الأحد 21 ديسمبر-كانون الأول 2014 12:12:41 ص