|
هناك شرع وقانون يطبق على الجميع باسندوة وغيره.
أتحدى أن أي سياسي أو مسؤول أو شيخ سلم قاتلاً يمثل حارسا شخصيا له أو لأحد من عائلته كما فعل باسندوة، ما حدث يؤكد أن هذا الرجل ليس بلطجياً، بل إنسان مدني ويحتكم إلى الشرع والقانون، وهذا شيء يضيف إليه ولا ينتقص منه شيئاً.
الحدث أخذ مدى كبيراً وحملات إعلامية ربما لم تحظَ بها أحداث راح ضحيتها عشرات، ولم نشاهد من يسلم قاتلا واحداً في أي منها.
الزخم الإعلامي الأسطوري في تناول أي حدث له صلة بباسندوة من قريب أو من بعيد، يوضح أن خارطة أعداء باسندوة تتوسع على الرغم من كثرة محبيه، لعله استجلب خلال الفترة الماضية عداوات كان في غنى عنها بقليل من الحكمة، ودون أن يقدم أي تنازلات.
لعله أيضا تغافل عن حقيقة أن مهمة رئيس الوزراء ليس كسب هؤلاء أصدقاء وأولئك أعداء، بل إيجاد القانون العام وتطبيقه بحيادية وموضوعية دون الحاجة لأي تصريحات تصادمية.
يعجبني في هذا الرجل قلبه الطيب، وروعته كإنسان ووطني، لكني أنتقده كرئيس حكومة، وأتمنى أن يبتعد في خطاباته عن أي حماس يفتقد الحكمة، فالتغيير يحدث بخلق سلوك عام عبر قانون قوي يطبق على الجميع، وتلك هي العدالة الانتقالية في أجمل صورها.
العبارات التصادمية دعها لنا صحفيين أو شباباً أو مفسبكين أو متظاهرين، أما أنت فأنت رئيس حكومة تمثل القانون، واجبك أن تكسب الجميع دون محاباة طرف على آخر، وهذا لا يتنافى إطلاقا مع مبادئ الانتقال إلى الدولة الحديثة، بالعكس أنت عندما لا تخسر أي طرف وتكسب الجميع، تساهم في تطبيق القانون، بعكس إذا انفعلت وتحمست بكلمة أو عبارة.
لا خلاف على المبدأ، الخلاف هنا على الأسلوب.
الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: "الحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها فهو أحق الناس بها".
وأنت رجل مؤمن ولك أن تستفيد وتأخذ الحكمة والتوازن والتدرج الذكي في القرارات من الرئيس هادي، اتخذ قرارات تغيير قوية في الفترة السابقة، ومع ذلك لم تخرج منه كلمة أو عبارة خلقت أي نوع من التصادم مع أي طرف، لأنه اعتمد على قوة القانون في تنفيذ قراراته. ولأن المشكلة في هذه البلاد ليست مشاكل أشخاص أو فئات تحصرهم أو تقصيهم أو تعاديهم، بل مشكلة دولة وانعدام مؤسسات وعدم وجود قانون يطبق على الجميع، بدليل أن اليمني في الخارج أيا كان شيخاً أو نافذاً أو حتى ديناصوراً، تجده ملتزماً بالقوانين لا يجرؤ على مخالفتها.
تصور أن مهاتير محمد بدلا منك في هذا الموقف، ماذا كان سيعمل؟
مؤكد أنه لن يلقي أي خطاب، بل سيوجد قانوناً، والقانون يفرض نفسه على الجميع، ومع ذلك فأنا أتخيل أن يكون خطابه:
"يا مشائخ اليمن الكرام، أنتم جزء لا يتجزأ من هذا المجتمع، والشيخ في اليمن الجديد هو الرجل الكريم الذي يترفع عن المال العام من أجل الفقراء، فأنتم أكبر وأسمى من أن تطالبوا بأموال عامة في بلد يعاني ثلث سكانه من المجاعة، وفيه ما يقارب الأربعة ملايين طفل يواجهون خطر الموت بسبب سوء التغذية. سنظل نؤكد على أهمية دوركم في إصلاح ذات البين، ومنع الظواهر السلبية كالاختطافات والتقطعات وانتشار الأسلحة، ومنع الثارات، والتصدي لمحاولات استهداف المصالح العامة للشعب والبلد..".
عطروا قلوبكم بالصلاة على النبي.
في الثلاثاء 15 مايو 2012 04:40:43 م