|
-لم يكتف هادي بالهدفين ويبدو أنه يريد تكرار اكتساح المانيا التاريخي للبرازيل بسبعة أهداف في المونديال العالمي بالسعي لأحراز مزيدا من الاهداف في مرمى خصومه وفي وزمن قياسي ،فلم تمض سوى ساعات على اطلاق دعوته للمصالحة والاصطفاف الوطني في خطابه الرسمي بمناسبة عيد الفطر المبارك ،حتى بدأ بتدشين أولى خطواتها على الارض بجمعه الفرقاء والمتصارعين تحت قبة جامع الصالح ،والمهارة هنا ليست في سرعة وفجائية الخطوة بقدر ماهي في اختيار المكان والتوقيت المناسبين ،حيث تمكن هادي من استغلال شعائر العيد وقدسية بيوت الله لتجاوز عقبة رئيسية في طريق المصالحة بكسر حاجز اقناع الفرقاء بالتواجد في مكان واحد والجلوس بجوار بعضهم والالتقاء وجها لوجه .
-أعتقد أن تحقيق المصالحة الوطنية ليست هدف هادي الوحيد من جمع الفرقاء في مسجد الصالح فهناك أهداف أخرى يسعى الى تحقيقها وفي مقدمتها التالي :
1-ازالة ماتبقى من عقبات أمام استكمال عملية نقل السلطة وتنفيذ مخرجات الحوار الوطني عبر التركيز على تهيئة الوضع الداخلي وتوفير الاجواء المناسبة لإجراء الاستفتاء على الدستور الجديد وتعزيز فرص المصادقة الشعبية عليه ،فهادي يدرك أن استمرار الوضع الحالي على ماهو عليه يجعل من المستحيل اجراء الاستفتاء او على الاقل المخاطرة بأسقاط الدستور شعبياً في حال أستمر التوتر في علاقاته مع مراكز القوى الرئيسية في البلاد ،ما يجعل من تحسين العلاقات معها واحتوائها ولو بصورة مؤقتة أمرا ضرورياً ولامفر منه .
2-حاجة هادي لدعم مراكز القوى والكيانات السياسية المؤيدة لها من أجل تمرير الجرعة السعرية الجديدة خلال الايام القادمة بصورة آمنة وسلسة خاصة مع ادراكه بأن الاقتصاد الوطني وصل الى مرحلة شديدة الحرج ولم يعد قادرا على تحمل مزيدا من التأجيل للجرعة الكارثية،لذا من المهم الحصول على تأييد ودعم تلك القوى للجرعة وضمان عدم استغلالها لأي ردة فعل شعبي غاضبة لتغذية وتأجيج الشارع ضد الحكومة والنظام وعدم تكرار ما قام به محتجين قبل اسابيع من قطع لشوارع واحراق للاطارات وشل الحركة في العاصمة لعدة ساعات .
3-مثل جمع هادي لفرقاء الشمال في المسجد وسعيه للمصالحة بينهم ردا قوياُ لكل الاصوات النشاز التي تتهمه بالتواطئ والتهيئة لفصل الجنوب عن الشمال ،ومن ثم فأن هذه الخطوة احرقت ورقة الانفصال التي لجأت مراكز النفوذ لاستخدامها بكثافة ضد هادي في الفترة الاخيرة .
4- التحرك في طريق المصالحة يفتح الباب من جديد لان يكون هادي مرشحاً مجمعاً عليه من قبل القوى الرئيسية الداخلية والخارجية في الانتخابات الرئاسية القادمة بعد أن كانت حظوظه قد تراجعت بقوة خلال الفترة الماضية .
5-من الواضح أن القيادة السعودية قد رهنت تقديم المساعدات المالية والاقتصادية الكبيرة التي وعدت الرئيس هادي بها خلال زيارته الاخيرة للمملكة بتحقيق المصالحة الوطنية ،ويبدو أن هادي أراد من خلال المشاهد المصورة لجمع الفرقاء في مسجد الصالح اظهار مدى جديته وعزمة على تنفيذ ما يمكن اعتباره شرطا سعوديا للافراج عن الاموال والمساعدات الموعود بها ،صحيح أن اللقاء كان شكليا لكنه لايقلل من اهمية الخطوة ،فتحقيق مصالحة من هذا النوع لايمكن أن يتم في ليلة وضحاها ويحتاج الى لقاءات اخرى ومزيدا من الوقت وكثيرا من الدعم المالي لتجاوز العقبات الكثيرة و ضمان التوصل الى مصالحة حقيقية وشاملة وليس مجرد هدنة مؤقتة أومصالحة جزئية ،ولاشك أن القيادة السعودية تدرك كل ذلك لذا فأن مستوى تجاوبها ودعمها لأولى خطوات المصالحة سينعكس مباشرة سلبا او ايجابا على الخطوات التالية .
-لاشك أن غالبية اليمنيين مع المصالحة الوطنية رغم الآلام والمآسي والدماء الزكية التي سفكت بسبب صراع مراكز القوى في البلاد ،لكن شريطة الا تكون المصالحة على حساب الوطن وتطلعات اليمنيين في التغيير و اقامة الدولة المدنية المنشودة دولة النظام والقانون أو أن تتسبب هذه المصالحة في الالتفاف على مخرجات الحوار الوطني أوالتنصل من تنفيذ جزء منها لان الشعب لايمكن أن يقبل أو يسكت على ذلك وهذا ما يجب على مراكز القوى فهمه واستيعابه جيدا .
aziz5000000@gmail.com
في الثلاثاء 29 يوليو-تموز 2014 05:26:07 م