جميعنا يدرك أهمية البحث العلمي الذي أصبح اليوم غير مقتصرا على دولة معينه أو شركة او فئه من الناس او علماء وباحثين وأساتذة وطلاب جامعات فمن غير الممكن اليوم لاى من هذه المؤسسات مهما كبرت أن تدعي ملكيتها للمعلومات التي قد تحتاج اليها اليوم ... وأمام كثرة هذه المعلومات برز الى السطح هول من الاكتشافات الحديثة وزاد الاهتمام أكثر بالعلم والعلماء والمخترعون وبالمراكز البحثية والمراكز المتخصصة وببنوك المعلومات وتكاملت هذه المؤسسات مع بعضها بفضل توافر الإمكانيات المادية والبشرية والمعنوية المقدمة من الدولة ومن المجتمع ..
ومن الأهمية بمكان اليوم أن يفكر كل فرد منا مهما كان عملة التفكير المنهجي والعلمي السليم الذي سيكون له دورا مهما في حل مشكلاتنا ومعضلاتنا التي تواجه كل افراد المجتمع سوا اكانت هذه المعضلات اقتصادية او اجتماعية وثقافية الى غير ذلك من القضايا فنحن هنا في المنطقة العربية عموما وفي اليمن خصوصا امام خيارين اما ان نمضي في طريق العلم ا وان نسلك الطريق الاخر المناهض للعلم والتكنولوجيا فاختيار طريق العلم والمعرفة والتقانات هو الذي سوف يساعدنا في التغلب وتجاوز الكثير من معضلاتنا ومشكلاتنا الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية التي تتطلب منا اليوم اللجو الى التخطيط والتنظيم العلمي واجراء البحوث العلمية وهذا في اعتقادي لن يتم الا من خلال مساهمة المؤسسات العلمية المتمثلة في الجامعات الوطنية اليمنية الحكومية والخاصة ومراكز البحث للمساهمة في حل قضايا ومشاكل المجتمع المتعددة .. فالبحث العلمي من صميم اختصاص الجامعات الذي يقع في موضع القلب في الجسد كتوفير التعليم والبحث العلمي وادواتة وخدمة المجتمعات الى غير ذلك .. فدور الجامعة هنا هو بمثابة عقل المجتع والجسم السليم لن يكون الا في العقل السليم والبحث العلمي هو عقل الجامعة والدراسات العليا في الجامعات هي ادائة الرئيسية وهي الاداة التي تقود وترشد حركة التنمية، غير ان جامعاتنا الوطنية اليمنية رغم كثر عددها وتعدد تخصصاتها وتلونها لم تستطيع حتى اللحظة ان تترجم تلك الاهداف الى واقع يلامس حياة اليمنيين فهي لم تعد قادرة على القيام بوظيفتها الحقيقية رغم ما قد ينظر اليها في ان تكون هي المنطلق أو والمرجع لا نطلاق اليمن نحو النهضة الحديثة لليمن في كل جوانبها المختلفة .. فكلنا يعرف ما تواجهه اليمن خلال المرحلة الراهنة من تحديات اقتصادية واجتماعية وسياسية داخلية وخارجية وتقتضي الحاجة هنا ان يكون للجامعات اليمنية في عملية الاصلاح والتنوير ومد الحكومة وكل القطاعات بالمشورة، غير انه وقبل ذلك كله هناك حاجة اليوم لمعالجة مشكلات التعريفات وتحديد المسميات والألفاظ والمفاهيم العلمية المستخدمة لتعرض نفسها بإلحاح لتكون هذه التعريفات جامعة ومحددة وواضحة رغم تعدد التعريفات في العصر الحديث بسبب تعدد اساليب البحث والمدارس التي ينتمي اليها العلماء والأساتذة والباحثون ولست هنا بصدد الخوض في البحث وتعريفة وترك الامر لاصحاب الاختصاص وما اريد قولة هنا فقط هو ان جامعاتنا اليمنية اليوم في حالة صعبه جدا يرثى لها ليس فقط من حيث المخصصات المالية ودورها في عملية البحث العلمي بل ان هذه الجامعات لم تتطور وترتقي مع تطور الحركة الاجتماعية خصوصا اننا نعيش في العقد الثاني من القرن الواحد والعشرون والذي ليس فيه للضعيف مكان، فالجامعات اليمنية اليوم لم تتطور في تحقيق اهدافها ومضامينها وفي فلسفتها نحو تلمس حاجات اليمنيين وتعمل على تلبيتها لاعتبار ان الجامعات ينبغي ان تكون جزء مهما من نسيج هذا المجتمع وخدمته وليس معزولة عنه فالجامعة في أي بلد في العالم المتطور والمتحضر هي منبع العلم ومنار الثقافة وهي المؤسسة العلمية التي تعني باستمرار وتواصل التطور الحضاري لاي مجتمع من خلال مد تلك المجتمعات بمختلف العلوم والمعلومات التي يولدها اعضاء هيئة التدريس وبحوث الطلاب وطلاب الدراسات العليا المتولدة عن بحوثهم الهادفه المترجمة لمختلف اللغات لاكتشاف المزيد من قوانين الطبيعة واستغلال ما تمتلكه وتكتنزه الارض الانسان وتسخيره في خدمة المجتمع والانسان اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وتحويل تلك القوانين والنظريات الى ابتكارات تكنولوجيه اتقنية لدعم وتطور العقلية التكنولوجية من خلال نشر وترجمة هذه البحوث من والى مختلف اللغات والعكس حتى تتفاعل وتتلاقح مع بعضها في سبيل رفع مستوى الحياة الثقافية والاقتصادية والاجتماعية وهذا الدور التنموي يمكن ان يضاف ويحسب لجامعاتنا اليمنية ان فعلت ذلك كما هي عليه جامعات العالم وخصوصا تلك الدول التي كانت والى حدا قريب تعد من ضمن الدول النامية والفقيرة مثل الصين والهند وماليزيا وتركيا وسنغافورا مع العلم ان من اهم وظائف الجامعات في انحاء الدنيا هو :-
1. توفير التعليم لابنا المجتمعات من خلال امداده بالموارد البشرية المؤهلة فالمتغيرات المحلية والدولية التي طراات على المجتمع اليمني على سبيل المثال وخصوصا منذ العام 2011م تقتضي الانتقال عاجلا نحو ايجاد واعادة صياغة السياسات وخصوصا في الجوانب الاقتصادية واعادة هيكلة المجتمع اليمني وفي الجوانب السياسية والثقافية والتي على ضوئها سوف تزيد من اهمية دور الجامعات اليمنية في اعداد وتاهيل وتدريب اليمنيين لمواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجهها البلد اما من خلال التغلب عليها او بتذليلها وتطويعها لمصلحة المجتمع اليمني .
2. القيام بخدمة المجتمع الذي نشاءت فيه هذه الجامعات لاعتبار ان عمل تلك الجامعات اصبح اليوم غير محصور في تخريج الكم الكبير من الطلاب فقط وانما ايضا في نوعية التعليم وجودته لجميع افراد المجتمع لان الجامعة ينبغي ان تكون جزء فاعلا من نسيج هذا المجتمع الذي ترعرعت فيه وتفاعلت معه وليس كما كان ينظر اليها في السابق ذلك البرج العاجي الذي لا يصل اليه الا فئة قليلة من افراد المجتمع وهو الامر الذي ابقى جامعاتنا لتكون محصورة على شرائح وطبقات معينة في المجتمع بل ومنعزلة تماما في احيانا كثيرة عن مكونات المجتمع اليمني وبهذا تصبح الجامعة بعيدة مفهومها الشامل كجامعة تخدم المجتمع.
3. ينبغي ان يكون هناك علاقة تعاون وتنسيق وثيق بين الجامعات وخرجيها من الطلاب وبين القطاعات المختلفه في الدولة والقطاع الخاص والمجتمع باسره لمد هذه القطاعات بالكوادر والموارد البشرية المتعلمة في مختلف التخصصات العلمية والعملية متجاوزه بذلك الى تطوير العلم والمعرفة وتوظيفها في خدمة الوطن ومستقبل أجياله .
4. القيام بعملية البحث العلمي يشمل المجالات المختلفة لاعتبار ان الجامعة هي مؤسسة تتوافر فيها الكوادر العلمية والفكرية والبشرية القادرة على القيام بالابحاث المرتبطة بالاحتياجات التنموية في البلاد لاعتبار ان الجامعات هي ايضا المؤسسات العلمية الوحيدة التي يتم عن طريقها القيام بعملية الابحاث بصورة علمية منضبطة وايضا تقديم المشورة والخدمات الاستشارية لمختلف القطاعات العامة والخاصة والمختلطة غير انه من الضروري هنا ان تتوافر العناصر الاساسية لعملية نجاح هذه البحوث وفعاليتها في مختلف الجامعات اليمنية وهذا في اعتقادي لن يتم الا من خلال :
- وجود الطاقة الفكرية .
- عملية التمويل الكافي .
- الأجواء الاكاديمية المناسبة .
- الوقت الكافي .
وهنا أحب أن أشير من خلال هذه السطور حتى تؤتي البحوث العلمية ثمارها منذ زرعها وهي صغيرة في المهد منذ المراحل الدراسية الاولى والتي تحتاج اثنا نموها الى الرعاية والاهتمام الكافي في البنى التعليمية ويمكن الاستعانة بكثير من حصص النجاح في اكثر من بلد في العالم وخصوصا منها التجربة الصينية والتي بموجبها حققت الصين انجازات مهمة جدا ابهرات العالم في منتجاتها التي غزت اسواق الولايات المتحدة الامريكية والسواق الأوروبية واسواق الدول النامية والفقيرة .. ذلك يعود الفضل كله لدور السياسات التعليمية الحكيمة للحكومة الصينية بقيادة الحزب الشيوعي الصيني، بدا من التركيز على الطلاب من الشباب الصيني المتفوقين والمتميزين علميا بدا من المراحل الاساسية فالثانوية وصولا الى المراحل الجامعية وفقا لاختصاصات يناسب تميزهم ونبوغهم وميولاتهم ورغباتهم العلمية مؤسسين بذلك نواه عمل بحثي عظيم يخدم مصلحة البلاد والعباد وتاتي مرحلة اعداد الطالب في الصين مثلا في مرحلة الاولى ( الاساسية والثانوية ) التي تسبق وصولة الى المرحلة الجامعية حيث تكون هذه المرحلة قد كسرت حاجز الجليد بينها وبين المرحلة الثانوية حتى يكرس الطالب جل وقته في عملية البحث والدراسة ومن الملاحظ اليوم ايضا ان عملية البحوث التي تتم داخل الجامعات اليمنية هي عبارة عن تمارين بحثية يقوم بها طلاب البكالاريوس والماجستير ودرجة الدكتوراه وينطبق ذلك ايضا على العديد من بحوث الاساتذة الجامعين انفسهم لينالوا بموجبها الترقية في سلك التدريس ومن الحقائق الماثلة امامنا اليوم ما نراه من اهتمام وتفضيل للابحاث الاساسية على البحوث التطبيقية التي يجب ان تعطى الألوية على البحوث النظرية لاعتبار ان اليمن تعد اليوم ضمن افقر 10 دول في العالم ولدينا قضايا ومشاكل اقتصادية واجتماعية وسياسية لا حصر لها ومن غير المعقول ان نقوم اليوم بالتغاضي وصرف اذهان طلابنا في ابحاث بعيدة عن قضايا ومشاكل المجتمع اليمني دون الاهتمام بالابحاث التطبيقية وخصوصا تلك الابحاث التي قطع فيها العلم اشوطا كبيرة وسبقتها دولا كثيرة .. ومن الواجب اليوم على الحكومة اليمنية ممثلة بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي والجامعات اليمنية العامه والخاصه ووزارة التربية والتعليم ووزارة التعليم الفني والمهني والتي لا تستطيع انكار اننا نعيش اليوم حالة من التغيرات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي طرأت علينا منذا بداية العام 2011م وحتى اليوم وهذا يتطلب من كل الجامعات الوطنية في اليمن لان تدرك حجم وقدر هذه التغيرات حتى تساهم هي ايضا بدورها في هذا التغيير والتطوير ونماء سواء اكانت تلك المشاركة في طريقة واسلوب تغيير سلوك وثقافة الافراد او عن طريق المشاركة والمساهمة في عملية اعادة هيكلة المجتمع اليمني من جديد اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا فكلاهما مرتبطا بالاخر فعملية التغيير هي محور عملية التنمية ومفتاحها وهذا الامر يتطلب من كل المعنيين في هذه العملية البدء في عملية التخطيط للتنمية ان لم تكن قد بدات للاسهام فيها بدورا كبير ان كان لدينا خطط واستراتيجيات واضحة تنفذ فالمهمة هنا شاقة لكنها عظيمة جدا في توجيه خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية نحو مساراتها الصحيحة لتحقيق الرفاه والسعادة لكل المواطنين اليمنيين لا ان تجلب لهم التعاسة والشقاء وتزيد من المساهمة في احكام سيطرة الدول الطامعة والاستعمارية الاقليمية والدولية لان تجد لها موطئ قدم في اليمن، فالمناهج الدراسية القائمة والمعمول بها اليوم ينبغي ان توضح المفاهيم الوطنية الصحيحة للمجتمع واهدافها وميادينها المختلفة وركائزها وأسسها الأولية وعوامل نجاحها هنا وهناك فالشروط التي ينبغي الالتزام بها اثنا السير في الخطط الحكومية ينبغي ان تكون واضحة المعالم وشفافة لان الجامعة لا تستطيع بمفردها مواجهة قضايا المجتمع كقضايا القطاعات الاقتصادية الانتاجية مثل القطاع الصناعي والقطاع الزراعي وغيره وتقديم الحلول المناسبة لهما وتطويرها وقد أثبتت البحوث والدراسات العلمية والاقتصادية التي قامت بها مختلف الجامعات وعلى مر العقود الماضية ان هناك تأثيرا كبيرا في تنمية الزراعة وتطوير الصناعات المختلفة والتطوير الطبي والهندسي وكثير من الجوانب الانسانية الاخرى غير ان سلم اولويات تلك الابحاث تختلف من بلد الاخر تبعا لمراحل التطوير التي يمر بها البلد نفسه ولعلنا نستفيد هنا في اليمن من ابحاث جامعات الدول المتقدمة التي سبقتنا لحركة البحث العلمي في كثير من المجالات حيث أثبتت التجارب العلمية ان الاستثمار في مجال البحوث العلمية وفي مجال تنمية الموارد البشرية يعود ريعه بإضعاف مضاعفة ما كان ينفق عليه في السابق واكبر مثال وشاهد على ذلك ما وصلت اليه الدول الغربية ودول شرق اسيا والصين والهند وتركيا وكوريا في عملية التنمية من خلال تحديد مخصصات كافية لعملية البحث والتطوير العلمي والتي قد تصل هذه النسب في الدول المتقدمة الى نحو اكثر من 3% - 5% من ميزانياتها وعلى العكس من ذلك نجد تلك النسب تتضائل في المنطقة العربية الى اقل من 1% من ميزانياتها ومن المؤسف جدا ايضا ان تتضائل هذه النسب في كثير من البلدان العربية والتي فيها اليمن لتصل الى الصفر، وكما اسلفت سابقا ان الجامعات الوطنية في اليمن يقتصر اهتمامها وعملها في المقام الاول اليوم في تخريج الطلاب فقط وحجب انظارها عن الرؤية الحقيقية لاهمية البحث العلمي في الجامعة ويعزي تردي هذا الوضع في الجامعات اليمنية الى تردي السياسات التعليمية والجامعية والى انعدام وضعف المخصصات المالية وادارتها ومن المضحك المبكي ان اسرائيل تنفق على بحث العلمي قدر ما تنفق كل الدول العربية مجتمعة ووفقا لتقارير فان اسرائيل تنفق ما مقداره 2% من دخلها القومي الضخم على الابحاث العلمية وتمتلك اكثر من 1,5% براءة الاختراع على مستوى العالم في حين اننا لا تمتلك شيء من ذلك رغم الوجود الشكلي لمركز البحوث ومعاهد الدراسات وان ظهر بعض هذه البحوث يكون باللغة العربية فلسنا هنا بصدد رسم صورة سودا وفقدان الاصل في المستقبل لنعيش قانطين مهجرين من وطننا اليمن ، لذا ادعو الحكومة وكل النخب العلمية والأكاديمية اليمنية الى العمل الجاد والمضني في سبيل التنظيم والتخطيط والاداره السليمة حتى لا تبقى بلادنا تعيش في جزيرة منعزلة لاعتبار اننا لا يمكن ان نعيش اليوم ا وان نتقدم خطوه واحدة الى الامام وكل منا يعمل بمفرده او ان تعمل أي مؤسسه من مؤسساته في وادي واخرى في واديا اخر .