يرى الكثيرون أن هناك تعاطف ايراني مع التنظيم الدولي للإخوان المسلمين وأن ايران وقفت الى جانبهم ضد النظام المصري حيث لم تساند الخطوات التي نفذها الجيش بعد عزل مرسي, ويربطون ذلك بالانسجام الكبير والتبني العلني لواشنطن للتنظيم الدولي للإخوان ويعتبرون ان ذلك يدل على تنسيق وانسجام مع الايرانيين, وهذا يتناقض مع العداء الظاهر بين أمريكا وايران.
اذا فككنا الجمل اعلى هذا وناقشنا كل سببية لحالها يمكننا أن نصل الى تحليل منطقي للحالة.
في البداية يجب التمييز بين التنظيم الدولي للإخوان وبين أحد أهم مكوناته وهم اخوان مصر, فمع ان اخوان مصر -أيام رئاسة مرسي- كان لهم مواقف سلبية ضد ايران في محاولة منهم لإرضاء السعودية والامارات على اعتبار أن اخوان مصر يشكلون رأس الحربة في مواجهة الخطر الشيعي المتوهم, ووصل الأمر الى ان قامت حكومة مرسي بإغلاق قناة العالم الايرانية والتي لم تغلق حتى أيام نظام مبارك, اضافة الى مهاجمة القرضاوي لإيران واتهامها بأنها تنشر التشيع واعلان رفضة لمحاولة تشييع مصر على حد زعمه, اضافة الى ان الإخوان حاولوا مغازلة الغرب عبر اظهارهم العداء لإيران لكي يثبتوا أنهم لن يكونوا ثورة اسلامية مشابهة للثورة الايرانية ذات التوجه المعادي للهيمنة الغربية على القرار الدولي.
ومع كل تلك التصرفات الطائشة من اخوان مصر كان الموقف الايراني موضوعياً بدرجة كبيرة بعد الانقلاب الشعبي الذي توج بانقلاب سياسي عسكري قاده الجيش المصري ضدهم, فلم تنجر ايران الى التهليل او التصفيق للعسكر, ولم تغازل الغالبية العظمى من الشعب المصري الذين انتفضوا ضد الاخوان, ووقفت ايران موقف عقلانياً وسياسياً وأخلاقياً أيضاً, خصوصاً أن النظام المصري الجديد أفرط في معاقبة الإخوان وشيطنتهم وعمل على سحقهم في كل الميادين حتى على مستوى "المدارس الابتدائية", وهذا بالتحديد ما جعل ايران تتعاطف معهم, وذلك أظهرها للعامة أنها مؤيدة للإخوان, كما لا يخفى على أحد الدعم الايراني المستمر لحركة حماس الإخوانية مع تضاد مواقفها مع ايران في سوريا, فايران تعتبرها حركة مقاومة مع كل الانتهازية التي ظهرت بها أخيراً.
اذاً موقف ايران يختلف تماماً عن الموقف الأمريكي, موقف ايران سياسي وقِيَمِي أيضاً في دعمها لبعض حركات الإخوان المسلمين كحركة حماس على اعتبار انها حركة تحرر, وسياسي في التعامل مع اخوان مصر -خصوصاً بعد خلع مرسي- على اعتبار أن تعامل النظام بوحشية معهم سيمكنهم من اعادة تنظيم انفسهم تحت لافتة المظلومية وسيأتي الوقت الذي يتمكنون فيه من العودة الى المشاركة في السلطة عاجلاً أم آجلاً, وعندها ستقول لهم ايران: دعمناكم خلال حكم مبارك وانقلبتم علينا عند وصولكم الى السلطة, فهل ستنقلبون علينا من جديد بعد ان دعمناكم عند تعرضكم للظلم عقب الاطاحة بمرسي؟.
أما الموقف الامريكي فهو انتهازي بامتياز, حيث جاء استجابة للتنازلات التي قدمها التنظيم الدولي للإخوان للمشروع الغربي في المنطقة والتزامه بتهدئة جبهة فلسطين والسعي الى حلها وكبح جماح المجموعات المناهضة لذلك, وأتى ذلك بعد ان اقتنعت واشنطن بالدراسات التي قدمتها لها مراكز الابحاث الغربية والتي أكدت أن حركة الإخوان المسلمين هي الأقدر على ترويض الشعوب العربية للسلام مع اسرائيل, كونها تنطلق في عملها السياسي من الدين الذي يعتبر الحامل الرئيسي لأي مشروع في الوطن العربي, بعد أن ضربت المشاريع القومية والاشتراكية, وقد ذكر الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل ذلك في اكثر من مقال.
اذاً ايران وقفت مع اخوان مصر في مظلوميتهم, لكنها ضدهم في مشاريع تنظيمهم الدولي للاستحواذ على السلطة في سوريا وبقدر أقل في اليمن خصوصاً أنهم يستجرون في الحالتين التدخلات الدولية وبالأخص الأمريكية, وذلك ما يزعج الايرانيين كثيراً.
بينما أمريكا تدعم التنظيم الدولي للإخوان بشكل عام -بعد الاتفاق الآنف ذكره- لأن هذا التنظيم هو الرافعة الجديدة لمشروعهم في المنطقة, لذلك تقف ورائهم في ليبيا وتونس ومصر وسوريا واليمن.
albkyty@gmail.com
- نقلاً عن صحيفة الأولى