لا شك أن أوضاع اليمن باتت أكثر تعقيداً مما توقع المتشائمون بعد قرار مجلس الامن الدولي الاخير 2041 والمؤسف ان المجتمع الدولي قد أسهم بقدر كبير في هذا التعقيد الذي اصبح يهدد بانهيار الاتفاقات التى توصلت اليها القوى السياسية في مؤتمر الحوار الوطني.
ومهما اختلفت وجهات النظر حول قرار مجلس الامن الاخير الذي انبثقت مضامينه كما قالت القائم بأعمال سفارة الولايات المتحدة الامريكية بصنعاء كارين ساساهارا من النقاشات التى دارت داخل مؤتمر الحوار الوطني الذى اختتم اعماله نهاية يناير الماضي فان القرار ينتقص من سيادة اليمن ويضعه تحت الوصاية الدولية وهي مسالة لا تحتاج الى الكثير من الجدل اذا ما استندنا الى سجل المواقف التى اتخذت بشأن العراق والبلدان التى وضعت تحت البند السابع كما اننا في هذه الحالة لا نلقي التهم جزافاً اذا ما قلنا ان الحكومة اليمنية تتحمل كامل المسؤولية ليس فقط في عدم تجنيب اليمن تبعات مثل ذلك القرار وإنما في عدم ادراكها بان قراراً كهذا سيوسع من دائرة الازمة التى تعاني منها اليمن اكثر مما سيعمل على احتوائها كما يطرح بعض السفراء الغربيين اذ يكفي انه الذي يقفز على شرعية وحدة 1990م بتأكيده على انتقال اليمن من دولة موحدة الى دولة اتحادية فهو بهذا النص يغلق حقبة الدولة الموحدة ويضع اليمن امام مرحلة جديدة اساسها الاتحاد وليس التوحد.
والغريب والمريب ان يوضع اليمن تحت الفصل السابع بحجة معاقبة المعرقلين للتسوية السياسية في حين ان الجميع في مجلس الامن يتفق على ان مؤتمر الحوار قد خرج باتفاقات ناجحة وإجراءات تضمن التحول الى الدولة الجديدة وطي صفحة الماضي وان المهمة التى يجب ان تكون لها الاولوية القصوى يجب ان تتركز على مساعدة اليمن في فرض الامن واستئصال جذور الارهاب وبناء دولة النظام والقانون وإحياء النشاط الاقتصادي وجلب الاستثمارات وتخفيف اعباء الفقر عن مواطنيه.
والثابت ان المواطن في اليمن لن يشعر بالتغيير لمجرد وضع اليمن تحت الفصل السابع والاكتفاء بوضع قائمة بالمعرقلين والأسماء التى ستتضمنها ولكن فان التغيير الذى يروم اليه هذا المواطن يقتضي التفكير بأسلوب جديد والتعامل مع قضايا الناس بحلول غير تقليدية وبأساليب تعتمد على الابتكار بما يمكن المواطن اليمني من استعادة ثقته بنفسه والتمتع بحياة كريمة بعيداً عن المسكنات التي لن تفلح في معالجة مشكلاته المتفاقمة والتى تتمثل في ثالوث الفقر والمرض والجهل.
من الواضح ان اختبارات صعبة سيشهدها اليمن خلال الفترة القادمة ولو بدأنا في قراءة الحدث من خلال استعراض قرار مجلس الامن الدولي المتضمن إخضاع اليمن للفصل السابع من الميثاق الأممي فسيكون بمقدورنا تأشير طبيعة هذا التحول فقرار مجلس الامن كان مؤشراً مهماً على ان ثمة تغييراً في تعاطي المجتمع الدولي مع القضية اليمنية إن لم يؤكد على ان المجموعة الدولية باتت تنظر لما تشهده البلاد بنظرة غير ايجابية وان ما يطفو على السطح يوحي بأن الوضع في طريقه الى التدهور وانه مرشح لتلقي صدمات كارثية ربما تجهز على وجوده كدولة ومجتمع ومن هنا كانت تقديرات بعض المحللين السياسيين متوازنة عندما اشارت الى ان كل ما يصدر عن مجلس الامن بشأن بعض الدول ينطلق في المقام الاول لخدمة مصالح الدول العظمى التى تمارس دكتاتورية عالمية ولا يُرجى من أي دكتاتورية خير صغيرةً كانت أم كبيرة.
*صحيفة الرياض: