|
سلفيو دماج.. هجرة طوعية أم تهجير قسري ؟!!
بقلم/ جلال الدوسري
نشر منذ: 10 سنوات و 10 أشهر و 12 يوماً الإثنين 20 يناير-كانون الثاني 2014 05:46 م
ما بين الهجرة الطوعية والتهجير القسري فرق كبير في الدلالة والمعنى وكذلك الأبعاد من نواحي عديدة قد لا يعلمها الكثيرون عن جهل وضلال أو تجهيل وتضليل..
فإذا كانت الهجرة تعني الإنتقال من مكان إلى أخر في سبيل تحقيق هدف ما ، يكون في الغالب هدف فيه المصلحة والمنفعة ، كانت خاصة أو عامة ، وبغض النظر في ذلك عن الظروف التي دعت إليها ؛ فإن التهجير يعني الإرغام على مغادرة المكان لفرد أو جماعة دون إرادتهم أو موافقتهم وبالقوة القهرية لأي سبب من الأسباب..
وبينما يكون الأمر في الحالة الأولى يمثل نوعاً من أقصى درجات الإيثار والتسامي ؛ فإنه في الحالة الثانية يمثل قمة القسوة والتعسف والإضطهاد..
وفي عملية إنتقال الأخوة السلفيين من دماج في محافظة صعدة إلى محافظة الحديدة كما ورد ؛ نجد أن العملية تمت بموافقتهم على ذلك بعد حرب طاحنة أستمرت لحوالي الثلاثة أشهر ، وذهب ضحيتها المئات إن لم يكن الألاف من القتلى والجرحى والمشردين ، وهي تلتبس بالمذهبية والطائفية ، كفتنة تم خوض لهيبها عن قصد من قبل أطراف محلية ، أشعلتها وتؤججها أطراف إقليمية ودولية ، في إطار المؤامرة الصهيوسعودية الكبرى ، التي تعمل على أن تجعل من الأمة العربية بأسرها تعيش في حالة اللا إستقرار بشكل مطلق.. ولو أن الأمر كان يقتضي من الأخوة السلفيين أن يقوموا بالإنتقال هذا من ذو قبل ، وقبل أن ينخدعوا بجرهم إلى مستنقع ولهيب الفتنة هذه ، وقبل التغرير عليهم بما سمي النصرة لهم تحت رايات مختلفة؛ إلا أن الأمر هنا ما زال يفترض أن يحسب لهم - على إعتبار أننا نحسن النوايا - ونعتبر أن موافقتهم على عملية الإنتقال هذه ، إنما أتت في سبيل درء المفاسد وجلب المصالح ، المتمثلة بإخماد نار الفتنة حفاظاً على الأرواح والدماء ، وإغلاق باب من أبواب الشر في وجه أعداء الوطن والأمة..
وبذلك نعتبر أن عملية الإنتقال هذه كانت هجرة طوعية ، ويكونوا هم بحكم الفائزين شرعياً وأخلاقياً وإنسانياً ، ولهم على ذلك ثواب عظيم إن لم يكن في الدنيا ففي الأخرة بكل تأكيد..
أما من يعتبر هذه العملية على أنها تهجير قسري ويعمل على إثارة وإشاعة وترسيخ هذا المفهوم ؛ فإنه قد يكون يدرك أو لا يدرك أن هذا إنما هو جزء من المخطط ضمن المؤامرة الكبرى ، والذي يَرمى منه إظهار أن ما صارت إليه الأمور في دماج هو الإنتهاء من الحدث بخروج طرف منتصر هو الأخوة أنصار الله الحوثيين ، وآخر مهزوم هو الأخوة السلفيين ، وهما الطرفان اللذان كما أرى أنه قد تم الزج بهما لخوض غمار هذا الفصل من مسلسل الفتنة ، دون أن يكون لأيٍ منهما رغبة أو إرادة في ذلك..
وبالتالي فإن هذا يقود إلى وجهة واحدة ، هي إستمرار الفتنة ولو بنقلها إلى مناطق أخرى متعددة ومختلفة ، وذلك من خلال أمرين : الأول يتمثل في إشعار أنصار الله بأنهم المنتصرين مما يجعلهم ينتشون ومن ثم يتمادون ويستمرون في خوض غمار الفتنة في أكثر من مكان ومع أكثر من طرف.. والثاني يتمثل في إشعار وتحسيس السلفيين بأنهم المهزومين ، مما يزرع ويوغل في صدورهم روح الشعور والإحساس بالقهر والمظلومية ، ومنه تبقى تنمو وتزداد لديهم الرغبة العارمة في الثأر والإنتقام ولو بعد حين وبأي مكان..
وعلى ما سبق؛ أرى أن نعتبر العملية ونتعاطى معها على أنها هجرة طوعية ، حتى يتعمق ويترسخ هذا المفهوم في الأفئدة والأذهان عند كل أبناء الأمة ، حيث وفي هذا ما يشير ويدلل على التسامح والسلام والإخاء ، بعكس إعتبارها تهجير قسري الذي كما ذكرت أنه لن يولد سوى التضاغن والتباغض والتحاقد ، ليستمر ويتواصل النزاع ، وتنتشر وتتزايد الفتن ، وهو ما أعتقد أن ليس هناك من إنسان وطني ذو خلق قويم ونهج مستقيم يتمنى أو يحبذ ويساهم في حدوثة وأحداثة..
وفي ظل أننا محكومين بدولة تقف عاجزة كل العجز بمختلف مؤسساتها عن القيام بأيٍ من واجباتها المفروضة تجاه الوطن والمواطن بشكل عام ؛ فإنني أتوجه بالدعوة إلى كل أبناء الوطن ، وبمقدمتهم رجال الدين والفكر والثقافة والإعلام أن يحكموا العقول قبل القلوب عند الدخول في التعاطي مع هذه القضية أو غيرها من القضايا المشابهة ، وذلك بالنظر بعين الحكمة إلى الواقع وإلى الدلالات والأبعاد ، والتي قد يكون في تعاطيهم لها أو معها إما الخير وإما الشر على أي بًعدٍ ومدى..
ولنكن جميعاً مع: كفى الله المؤمنين شر القتال ، وجنبهم والوطن الفتن ما ظهر منها وما بطن.. |
|
|
|
|
|
|