عباس الديلمي
طباعة المقال طباعة المقال
RSS Feed مقالات رأي
RSS Feed
عباس الديلمي
تعز.. بين إمام زيدي وأمير جهادي
مشكلتنا مع النباح.. وهل تتعظ الكلاب؟
أما آن للأحقاد أن تذهب..؟!

بحث

  
اللعنة التي انتظرت من يستحقها
بقلم/ عباس الديلمي
نشر منذ: 10 سنوات و شهرين و 12 يوماً
الثلاثاء 14 يناير-كانون الثاني 2014 04:10 م

لكل مجتمع رواسبه الثقافية -كما يقول علماء الاجتماع- ومن هذه الرواسب ما هو إيجابي كالعادات والتقاليد الحميدة، والتعاون على الخير، وإحياء المناسبات الإنسانية، وما شابه ذلك ،ومنها ما هو سلبي كالنظرة الدونية للمرأة، والقول بالخرافة، والتطرف والتعصب الديني والمذهبي، وغير ذلك مما يلحق الأذى بالمجتمع، إذا ما بُعثَ وأُثير، ولعل هذا -كما أرى- ما جعل مُعلمنا الأول يقول: «الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها» أي أن في كل مجتمع رواسب سيئة أو سلبية إذا ما بعثت من مراقدها فهي الفتنة الأشد من القتل الملعون باعثها.
من هذا المنطلق يتم النظر إلى ما تشهده بلادنا من مآسٍ لفتنة تزهق الأرواح وتستبيح الدماء والأعراض والأموال بلا أدنى مراعاة لدين أو قيمة من القيم، تشرد وتخرب وتخيف الطرقات وتقلق السكينة.. إلخ.
إنها الفتنة المذهبية في أبشع صور التطرف الديني، فهل كانت هذه الملعونة نائمة بين ظهرانينا فجاء من أيقظها؟، أم كانت في انتظار من يستحق لعنة إيقاظها؟!!
بالعودة إلى تاريخنا -بحثاً عن الإجابة- نجد أن تاريخنا اليمني، منذ مجيء الإسلام لم يشهد حرباً دينية أو مذهبية أو طائفية، وأن العنف الديني في اليمن قد دُفن بحادثة أصحاب الأخدود أو نصارى نجران، الذي يفصلنا عنه ما يزيد عن أربعة عشر قرناً من الزمن، أما العنف المذهبي فلم تشهده اليمن، التي تتعايش فيها أكثر من أربعة مذاهب، ولننظر على سبيل المثال إلى مديرية حراز بمحافظة صنعاء، حيث تتعايش فيها أربعة مذاهب، ومنذ مئات السنين لم يشهر سيفٌ أو تُصوبُ بندقية بدافع مذهبي.
لماذا نشهد اليوم -وفي عهد الديمقراطية والتعددية- حرباً مذهبية، بكل ما تحمله من مفردات التكفير والاستعداء والتحريض على الإبادة، وزرع الأحقاد القاتلة في نفوس أبناء المجتمع الواحد..؟ وكم هو الأمر مخيف ومؤلم عندما نجد قرون هذه الفتنة الشيطانية قد تمكنت من أن تطل بقرونها من مدن عرفت بالإخاء والمحبة والتسامح كتعز وعدن على سبيل المثال!!
إذا ما كان أبناء اليمن المشهود لهم بالحكمة والإيمان -ممن لا ينطق عن الهوى- قد تخلصوا من التطرف الديني والتعصب المذهبي بمجيء الإسلام، فأين كانت هذه الفتنة المذهبية كامنة أو نائمة حتى تظهر علينا اليوم كبعير أجرب هائج فَلَت من عقاله، أو ككلب مسعور لدغه عقرب؟!
هل هي مستقدمة؟ هل هناك من نقلها كفيروس جرثومي قاتل؟؟ يبدو ذلك، خاصة إذا ما نظرنا إلى استهدافنا بالتطرف الديني والفتن المذهبية والطائفية في إطار استهداف العالم الإسلامي بذاك الفيروس وليس العربي فقط.. وهذا ما تعززه مشاهدتنا لمشاهد تطابق فيها ما يحدث في اليمن مع ما يحدث في العراق وسوريا، ومصر التي -لأول مرة في تاريخها- يقُتل ويُسحل فيها أناس لديانتهم أو مذهبهم كما حدث في نهاية حكم الرئيس مرسي..
لتكن هذه الفتنة نائمة إلى أن جاء من استحق لعنة إيقاظها، أو فلتكن مستقدمة في إطار مخطط خبيث.. لابد من أن نعمل شيئاً يبرىء ساحتنا أمام الله سبحانه ويغفر لنا عند أبنائنا وأجيالنا القادمة، ويشهد بإيماننا بوطننا وبالإسلام الحق وجوهره الطاهر.
نحن مطالبون بالتصدي لفتنة خبيثة، كلٌ من موقعه.. وقبل أن أناشد ولاة الأمر، أقول لصناع الرأي من حملة الأقلام الشريفة، وأصحاب السماحة من علماء الدين الأجلاء، إذا ما كان أدباء وكُتّاب اليمن هم من حصّنوا هويته وبنيته الثقافية من شرخ التشطير الاستعماري، وإذا ما كان علماؤها المجتهدون من أصحاب الفضيلة والسماحة قد حفظوا اليمن من العنف والقتال المذهبي الطائفي وحصّنوا المساجد من رذيلة التحريض.. وجعلوا نقاش المسائل الخلافية محصوراً عليهم كعامل إثراء وتنوع فكري اجتهادي، فأينكم اليوم مما يحدث، الجميع مساءل أمام أهل اليمن، بل وغير اليمنيين، الجميع مطالب أن يقول كلمة حق إزاء ما يحدث وقطع الطرق أمام من يعمل من أجله، ويدعو إليه ويموله.
الجميع وبلا استثناء مطالب بالتصدي لما يحدث وكل من موقعه، مالم فإن اللعنة التي انتظرت من يستحقها لن تنحصر على باعث هذه الفتنة أو من استقدمها، بل ستلاحق الجميع.. أما مسئولية الدولة التي قد يرى البعض اقترانها بمخرجات الحوار ودستور الدولة الاتحادية الجديدة، فإن خطورة ما يجري يحتم إجراءات عاجلة يعرفها جيداً كل من أقسم يميناً دستورية بأن يحافظ على اليمن ويخلص لأمانةٍ حملها.. فلسنا بأعلم منهم بخفايا ما يجري وما يتهدد اليمن أرضاً وإنساناً..
شيء من الشعر:
مُذْ سيَّسَوا الدينَ الحنيف وليلُهم
يسري على تلك الربوعِ فُصولا
لم يتركوا تحت الرواسب فتنةً
تلقي عصاةَ أو تنام قليلا
قوم على درب التحجر يسحبون
وراءهم جثثَ القرونِ الأولى
***
باسمِ (البَراءِ) أو (الجهادِ) تَراهمُ
عبئاً على كتف البلاد ثقيلا
من بعد أن جعلوا التقاتل منهجاً
وعلى الغواني أن تجر ذيولا«1»
(1) إشارة إلى البيت القائل:
«كُتِب القتل والقتال علينا
وعلى الغانيات جر الذيولِ»
Share |
عودة إلى مقالات رأي
مقالات رأي
دكتور/عبدالعزيز المقالح
حافظوا على وطنكم الجميل
دكتور/عبدالعزيز المقالح
كاتب/عبدالكريم الرازحي
فيروس الكراهية
كاتب/عبدالكريم الرازحي
كاتب/وليد محمد سيف
بانتظار الجمهورية الرابعة
كاتب/وليد محمد سيف
كاتب/ماهر إبراهيم جعوان
اشتقنا إليك رسول الله
كاتب/ماهر إبراهيم جعوان
كاتب/دكتور / محمد حسن بن حُميد
الجنوب ..حل مظلمة وخلق مظالم
كاتب/دكتور / محمد حسن بن حُميد
كاتب/عبدالوهاب الشرفي
الرحمة المهداة
كاتب/عبدالوهاب الشرفي
الـمـزيـد
جميع الحقوق محفوظة © 2012-2024 وفاق برس
برنامج أدرلي الإصدار 7.2، أحد برمجيات منظومة رواسي لتقنية المعلومات والإعلام - خبراء البرمجيات الذكية