|
ذنبنا.. أننا تكلمنا وثُرنا ؟!
بقلم/ يحيى عبد الرقيب الجبيحي
نشر منذ: 10 سنوات و 10 أشهر و 21 يوماً الأربعاء 01 يناير-كانون الثاني 2014 01:21 ص
- من الصحفي المستقل حزبياً - يحيى عبد الرقيب الجبيحي، الى العزيز الزميل/ علي البخيتي.. فمع اعجابي ببعض مقالاتكم رغم بعض التباين الذي لا يفسد للود قضية، ومنها المقالة المنشورة يوم السبت 21-12-2013م بصحيفة (الأولى) بعنوان (ذنبنا أننا صمتنا!).. والتي تساءلتم بها أين الكُتَّاب والشعراء والمثقفون والأدباء والفنانون والسياسيون مما بات يحدث في وطننا اليمني اليوم؟ بسبب الصمت والسكوت الذي قد يكون أحياناً من ذهب فعلاً! الى غير ذلك مما جاء في المقالة الآنفة الذكر! فأود تعقيباً على هذه المقالة بالقول:
- إن ذنبنا.. وتحديداً.. ذنب امثالي هو أننا تكلمنا، وثرنا!.. تكلمنا عن أيادي البطش وعن أدوات القمع والفساد، قبل المزايدين وعديمي القيم والمبادئ الفاضلة ممن باتوا اليوم يحكمون باسم ثورة الشباب! وكنا أول المنظمين لثورة الشباب هذه، التي بشَّرت عبر توجهاتها المعلنة بالحرية والحياة الكريمة لمجتمع أضناه صقيع الخنوع، والتطلع الى بناء وطن يتساوي فيه كل أبنائه دون استثناء!.
ـ فماذا حدث بعد ثورة الشباب تلك؟! أو بالأحرى كيف غدى الواقع اليوم؟!
ـ لقد غدى العقل الذي حكم قبل ثورة الشباب هو الحاكم ذاته بعدها!.. وبات من كان ضد بعض كتاباتنا في الامس، ممن ظلوا يسردون مناقب وايجابيات حاكم الأمس عبر المقالات واللقاءات وتأليف الكتب والتي كانت كلها تُمجِّد الظلم والقمع والفساد! بات مثل هؤلاء بعد ثورة الشباب هم من يشغلون المناصب السياسية والقيادية العليا بالدولة اليوم بما في ذلك بعض المستشارين ومن يديرون رأس الدولة؟!
ـ واصبحت الحزبية بعد ثورة الشباب فوق الوطن! فمهما كانت العلاقة ورسوخها ومصداقيتها لدى بعض قادة الأحزاب والمعنيين بها، بجانب توفر المؤهلات العلمية والعملية والوطنية والثورية، أجل والثورية.. فإن ذلك كله لايجدي نفعاً، أمام الانتماء الحزبي القائم على الايمان الراسخ بقواعد ومعايير وتوجهات الحزب! حتى انحصرت التعيينات بمختلف مسمياتها ومستواها على المعايير الحزبية الضيقة فحسب! وفي مجتمع لايزال يعاني ثلثي سكانه من الأمية بجانب أمية بعض المحسوبين على الثقافة والتي هي أدهى وأمَر!.
ـ والحوثيون توسعوا بعد ثورة الشباب التي كانوا جزء منها بفضل عوامل عديدة عبر السلاح وليس عبر الفكر والكلمة! وهو ما يتنافى كلية مع بعض كبار فقهائهم وعلمائهم، فها هو الامام محمد الباقر الذي نقل عنه إبنه جعفر الصادق يقول: (إن الخصومة في الدين تُحدِث الشك وتورث النفاق)! وهاهو العلامة المجتهد المجاهد - يحيى بن محمد الحوثي - الذي عاش في القرن الثاني عشر الهجري والذي كان تلميذاً لإبن الأمير الصنعاني هاهو يشتهر بمواقفه المعلنة ضد إمام ذلك الزمان بسبب استخدام جنوده القوة ضد بعض أبناء تهامة واعتبار ما سلبه الجنود بمثابة نصر له!.
ـ والسلفيون.. الذين ظلوا قبل الثورة مع طاعة ولي الأمر، ليصبحوا بعدها رجال حرب يحملون السلاح حتى أصبح أحد قادتهم مطلوبٌ للادارة الامريكية بتهمة الإرهاب.. وكان كاتب هذه الاحرف المنتمي بالولادة الى منطقة جبل حبشي محافظة تعز لايعرف قبل ثورة الشباب هل هو زيدي أم شافعي؟! رغم اقامته بصنعاء العاصمة منذ قرابة ربع قرن، ليظهر له ذلك بعد ثورة الشباب بسبب ظهور الظاهرة الحوثية بالصورة التي ظهرت بها، وقيام الحرب الحوثية - السلفية؟!
ـ والجنوبيون.. الذين كان لهم قصب السبق في اعادة وحدة الوطن اليمني وظلوا كذلك حتى قيام ثورة الشباب - أصبحوا بعدها رواداً لعودة الانفصال تحت مسميات عديدة؟! وبعض هؤلاء حصروا القضية الجنوبية وحل المظالم التي لاينكرها عاقل بمشاريعهم الصغيرة والتافهة، لتتحول قضية شعبنا في المحافظات الجنوبية الى عنوان جلي للابتزاز والارتزاق خاصة في أروقة ما يسمى بمؤتمر الحوار الوطني!
ـ بل هل كان أحدنا يتوقع بعد قيام ثورة الشباب ظهور حروب مذهبية ودعوات انفصالية الى درجة محاربة بعض ابناء المحافظات الشمالية وحرق بعض محلاتهم التجارية وغيرها من قبل بعض أشقائهم ببعض المحافظات الجنوبية والشرقية؟ وهو مالم يحدث أثناء الاستعمار البريطاني؟!.
ـ وهل كان أحدنا يتوقع بعد قيام ثورة الشباب قيام بعض ابناء محافظة مأرب بتخريب ثروات الوطن وعنواناً جلياً للظلام؟ وممارسة الخطف وكل الموبقات!.. بينما كانت محافظة مأرب ذاتها قبل ثورة الشباب يتباهى بعضنا بشجاعة أبنائها وبعدم خضوعهم للضيم.
ـ هل كان أحدنا يتوقع بعد قيام ثورة الشباب ظهور مجموعة حقيرة تعيش بين أظهرنا وتدين ظاهرياً بديننا لتظهر فجأة بمجمع الدفاع بمثابة ذئابِ متوحشة يعجز القلم عن وصف بعض أعمالها القبيحة وغير المصدقة لولا أنها الحقيقة ؟!
ـ هل كان أحدنا يتوقع بعد قيام ثورة الشباب .. وصول حالة تعز التي انطلقت منها شرارة الثورة إلى ماوصلت إليه اليوم.. بسبب التنازع الحزبي المقيت بين بعض أبنائها المسؤولون قبل غيرهم عما آل إليه الوضع في تعز مدينة ومحافظة !!
ـ هل كان أحدنا يتوقع بعد قيام ثورة الشباب ظهور مثل هذه الظواهر التي هي مجرد نماذج وبمثابة جزء من كل وغيض من فيض ؟!!
ـ مع أن الخطأ ليس بثورة الشباب تلك وما مثلت من منطلقات وتوجهات وهو ما يقتضي عدم ندم أمثالي في الانضمام لها وإنما في غفلة الشباب وافتقادهم للقدوة وتصديقهم لمن ادعوا القدرة على تحقيق أهدافهم وتطلعاتهم ممن انظموا إليهم ليكونوا هم سبب ما آل إليه الوضع في اليمن اليوم بعد أن عملوا بكل جهد لإفراغ الثورة من أهدافها وتطلعاتها وبالصورة الجزئية التي قمتُ بسردها آنفاً بكل إيجاز ممكن.
ـ وإذا كان الحاكم - أياً كان - لا يقدر على تحقيق النجاح الا بوجود قوى سياسية واجتماعية قادرة على مقاومة أخطاء وتجاوزات ومطامع الحاكم، فان الوضع القائم في يمننا اليوم إنما يؤكد عدم وجود تلك القوى السياسية والاجتماعية، لأن العقل وأدواته اللذين حكما قبل قيام ثورة الشباب هما الحاكمان اليوم؟!
ـ أمام وضع كهذا.. ماالذي يقدر أمثالي طرحه عبر الكتابة؟! خاصة مع استمرار التمسك بالمبادئ الثابتة والاستقلالية الحزبية؟! أوَ ليس السكوت يصبح من ذهب فعلاً؟!
ـ فذنبنا ليس بصمتنا أيها الزميل، وإنما لأننا تكلمنا وثرنا؟!! وإن كان الأمل لا يزال ديدننا رغم ما بات يظهر أمامنا.. ولسان الحال يردد قول الشاعر:
((أعلل النفس بالآمال أرقبها .. ما أضيق العيش لولا فسحة الأملِ) |
|
|
|
|
|
|