وجه فخامة الرئيس الحكومة بتنفيذ النقاط العشرين , وهي مجموعة من النقاط كان قد تم الاتفاق عليها بين القوى السياسية الوطنية اثناء التفاوضات والتفاهمات التي تمت في سبيل مشاركة جميع القوى في البلد في مؤتمر الحوار الوطني وليس فقط القوى الموقعة على المبادرة الخليجية , ولضمان ان تقتصر كل تلم القوى على آلية الحوار لحل المشكلات التي يعاني منها الوطن .
كان الاتفاق قد تم على تنفيذ النقاط العشرين كتمهيد لمشاركة الجميع في حوار وطني . اي انها كانت بمثابة شرط من بعض القوى لمشاركتها في مؤتمر الحوار الوطني , ومع انه لم يتم تنفيذها الا ان تلك القوى سارت في طريق مؤتمر الحوار وانخرطت فيه , وكلما اثيّر موضوع تنفيذ النقاط العشرين كان هناك من يتجاهل ذلك ومن يضع العراقيل دون التنفيذ .
من يطالب بتنفيذ النقاط العشرين ومن لا يتحمس لتنفيذها ومن يضع العراقيل دونها , جميعهم كانوا قد قبلوا بها ووقعوا عليها اثناء تفاوضاتهم وتفاهماتهم السابقة لمؤتمر الحوار , واتضح ان الذين يضعون العراقيل امام تنفيذها كانوا يتعاملون معها " كتكتيك " , فتم القبول بها في مرحلة لم يكن في مصلحتهم ان يظهروا بمظهر رفض الاخر , ورفض تصحيح الاخطاء التي تضررت منها قوى وطنية اخرى . وما ان سار الناس الى مرحلة اخرى حتى عملوا على عرقلة تنفيذها .
نجحت القوى المعرقلة في تعطيل تنفيذ النقاط العشرين بطريقة " ماكرة " لم يتمكن معها المطالبون بتنفيذها من رفض المضي في طريق مؤتمر الحوار الوطني حتى يتم التنفيذ , لانهم لو فعلوا ذلك ووقفوا مكانهم لحين التنفيذ لتّهموا بان لديهم آليات اخرى غير الحوار . ولكن القوى المعرقلة لم تنجح في تفريغ تلك النقاط من مضمونها او ان يكتمل مشوار الحوار الوطني دون تنفيذها .
اثبتت النقاط العشرين انها نقاط واقعية , وانها ليست رغبات لقوى وليست كذلك لقوى اخرى , فبعد مشوار طويل من الحوار الوطني عادت النقاط العشرين لتضع نفسها في الواجهة كضرورة لا يمكن بدونها اكتمال النظر في العديد من القضايا المتحاور فيها , ولا يمكن بلورة حلول جادة لتلك القضايا قفزا فوق تلك النقاط .
ادرك فخامة الرئيس واقعية هذه النقاط ووجه الحكومة بتنفيذها , بينما لا تزال تلك القوى المعرقلة في ذات الموضع منها . توجيه فخامة الرئيس هذا تبعه هجوم عليه من القوى المعرقلة , و حتما سيتصاعد ذلك الهجوم بشكل ملّفت كلما اصرّ على تنفيذ الحكومة لتوجيهه , وكلما فشل التدخل من وراء الكواليس لعرقلة تنفيذ تلك النقاط .
ما اريد ان الفت عناية فخامة الرئيس اليه هو ان موقف القوى التي تعرقل تنفيذ النقاط العشرين هو موقف احتمائي وليس موقف موضوعي , فتلك النقاط هي نقاط واقعية لا شك , ولكن هناك قوى ترى ان تنفيذ تلك النقاط قد يترتب عليه عواقب سيئة عليها مستقبلا , فتنفيذ بعض تلك النقاط سيمثل اذا ما تم اعترافا بأخطاء سيضعف الاعتراف بها موقف القوى المعرقلة ويعزز موقف القوى " الخصمة " في مواجهتها , وهي تعمل على عرقلة تنفيذ تلك النقاط منعا للأثار السيئة التي قد تلحقها وليس لان لديها مأخذ عليها .
ما سارت فيه كل القوى في البلد هو التفاهم والنقاط العشرين هي احدى ثمرات ذلك , وما تسير فيه حاليا هو الحوار الوطني وقد قربت ثماره على النضوج , وما دام الجميع قد ارتضى بالتفاهم وبالحوار فيجب ان تهيئ كافة الطروف البيئية التي تجعل من التفاهم ومن الحوار منتهى لكل المشكلات في البلد , ويجب ان تجفف كل المخاوف لدى اي قوة كانت لضمان نجاح الحوار وامتثال نتائجه , او على الاقل ان يتحدد من الذي لا يرتضي بالحوار كآليه لحل المشكلات , وليس من يتخوف من الحوار لان هناك مخاوف ما لديه .
يجب ان تكلف لجنه عالية المستوى تتولى عمليه " مصالحة " في البلد , وهي عمليه مطلوبة بإلحاح وموعدها قد حان , وعملية " المصالحة " هذه يجب ان تكون عملية واسعة تتمكن من معالجة الاثار السيئة التي لحقت باي قوة في البلد , وتطبب كافة الاوجاع و " الاحقاد " التي في النفوس وسواء على مستوى القوى او مستوى الشخصيات . المصالحة هي ما يجب ان تتوجه اليه الان يا فخامة الرئيس حتى يمتثل الجميع ما سيخرج به مؤتمر الحوار الوطني او يتضح ايا من القوى التي لديها آليات أخرى .
Alsharafi.ca@gmail.com