ببيان الجيش دخلت الأزمة المصرية مرحلة حاسمة، ليس من زاوية بقاء مرسي في السلطة من عدمه، وإنما من الزاوية الأهم وهي مدى إدراك المصريين للخلل الحقيقي والمتمثل في غياب العقد الاجتماعي بشأن الأسس العامة للدولة والتي بدونها لا يمكن المضي قدما نحو الاستقرار والتقدم.
لاحظوا أن غياب الأسس العامة للدولة انعكس حتى على بيان الجيش فهو يتدخل كما قال لأسباب «أخلاقية ونفسية» و«استنادا إلى مسؤوليته الوطنية والتاريخية» أي ان هذا التدخل لا يستند إلى قضية أهم وهي حماية الأسس التي قامت عليها الدولة ومصالحها الحيوية العليا التي تتفق كافة القوى والأطراف على عدم تجاوزها بموجب العقد الاجتماعي الذي يجب وضعه والاتفاق عليه.
هناك ثلاثة أسئلة تكون الإجابة عليها مهمة لقراءة جدوى التدخل ومدى تساوقه مع الحاجة الفعلية لمطالب الشعب التي تحدث عنها البيان ولم يفصح عنها.
السؤال الأول: هل جاء بيان الجيش في الوقت المناسب أم أنه سبق وقته وقبل أن يترك للحل السياسي فرصة كافية لاختبار قدرته بعيدا عن ضغط الجيش؟
السؤال الثاني: ما هو المقصود بأن يكون الجيش طرفا رئيسيا في معادلة المستقبل؟ هل المقصود به أن يقوم بنفس وظيفة الجيش التركي مثلا بحماية أسس الدولة وعقدها الاجتماعي بحيث يصبح تدخله محكوما بهذه المهمة ولا سواها؟ وما الذي منعه أن يكون كذلك في تلك اللحظة التاريخية التي انهار فيها نظام مبارك؟
السؤال الثالث: هل يفهم مما ورد من حديث «الإعلان عن خارطة مستقبل وإجراءات يشرف على تنفيذها...» أنه أدرك الخلل الناجم عن غياب أسس الدولة وحاجتها فعلا لعقد اجتماعي ينظم هذه المسألة على النحو الذي يجعل الديمقراطية عملية منتظمة في إطار من التناسق الوطني وأن هذا هو المطلب الشعبي الذي أشار إليه، وهل لهذا السبب لم يذكر الجيش في بيانه «الشرعية الدستورية»؟