دار نقاش في مقيل الجمعة حول سعي اليمنيين للتغيير منذ عام 1948 وحتى عام 2011. من المحاورين من يشيد بالنتائج، التي لولاها لما وصلت اليمن اليوم إلى ما تنعم به من تطور وتقدم.
ومن المحاورين من يرى أن أخطاء قاتلة ارتكبها صناع التغيير، هي السبب في كل ما تعانيه اليمن من تخلف، ولو اتخذ صناع التغيير منهجاً أكثر حكمة، لكان الوضع اليوم مختلفاً، وكانت النتائج أفضل.
في 1948؛ اختلفت عناصر متعلمة مع الإمام يحيى كنتيجة لبخله وتفرده في الحكم، وتوليته لأولاده واستبعاد شركائه في بناء الدولة، رغم ما يتمتعون به من كفاءة وخبرة, وبحكم خلفيته الثقافية المناهضة للتطور، وشكه في خطورة كل تطور على حكمه.
كانت الأوضاع العامة تؤكد أن الحكم قد وصل إلى مرحلة تتطلب التغيير للحكم، بحكم أرقى قد اتفقوا عليه في ما سمي "الميثاق المقدس".
ودون تخطيط مدروس وإعداد محكم وفهم واعٍ للنتائج المحتملة، ودون اختيار دقيق لأدوات التغيير المتبنية عن قناعة وفهم وعلم للتغيير, اقتصر التفكير على التخلص الجسدي من الإمام يحيى الذي تجاوز الـ80 من العمر، وخلال أيام معدودة فشلت الحركة الدستورية، ولم يبقَ في ذاكرة الشعب حينها سوى جريمة قتل الإمام، وفرصة نهب صنعاء.
بذلك، فقدت اليمن نخبة من القوى المثقفة والمتعلمة، والتي كان يمكن أن تكون رصيداً لبناء المستقبل الأفضل، في ظل ظروف أفضل وشعبية أكبر، وأدوات تغيير أضمن.
والسؤال الذي يطرح نفسه: هل كان خيار التغيير وطريقته وزمانه ومنهجه هو الأفضل لتحقيق التطور والتقدم؟
التجربة الثانية عام 1955، والتي استهلت بمعركة الجيش مع الفلاحين في الحوبان، ولتفادي عقاب الإمام، قرروا استبداله بأخيه عبدالله، حاصروا الإمام أحمد، وانتظروا في العرضي حتى جاءتهم مدافع الموجاني من قاهرة تعز، ومن جديد سقط العشرات من القوى التي كانت تشكل أملاً لصناعة المستقبل. ومن جديد هل كان اختيار الحركة وطريقتها ومكانها وترتيباتها سوف يحقق هدف التغيير في التطور والتقدم؟
التجربة الثالثة حركة سبتمبر1962 ومبادئها الـ6 التي فشل تنفيذها، كما فشل الميثاق الوطني، ووثيقة العهد والاتفاق، ودستور دولة الوحدة, وما الذي يضمن أن ما سيطلع به مؤتمر الحوار لن يلاقي نفس المصير. صدق الله القائل: "وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ".