! لماذا ولمن نمدد ؟.. ( 1 )
الطريق إلى التمديد هو عنوان لمادة ثابتة سأقوم بكتابتها بشكل منتظم في هذا الحيز المحدد خلال الفترة القادمة ترصد لنهج مؤسسة الرئاسة في تعاملها مع متطلبات مرحلة التغيير والتجاوب مع القضايا الملحة التي يطالب بتحقيقها طلائع الشعب المكافح ويعاني منها عامة الناس في معيشتهم اليومية .
ونأمل أن نحقق من جملة الملاحظات ومستوى النقد الذي سوف نعمل على توجيهه في هذا السياق ونخص به سياسات وممارسات الأخ الرئيس هادي وطاقم مستشاريه ومساعديه في نهجهم وإدارتهم للشأن اليمني حرصا منا على أعانته في أداء مهامه وواجباته الرئاسية على الوجه الأمثل والأصوب من خلال الرصد للقصور والكشف عن العيوب والأخطاء في قيادته لمرحلة تاريخية هامة كالتي يمر بها الوطن الآن ,وتؤسس لبناء اليمن المدني الجديد الذي لابد لهُ من تجاوز أخطاء الماضي القريب والبعيد.
وسنعمل على هذا المسار في تقويم نهج مؤسسة الرئاسة إلى ان يتضح الخيط الأبيض من الخيط الأسود فيما يخص نوايا التمديد للمرحلة الانتقالية من عدمها ,أو ترشيح الرئيس هادي لولاية ثانية , بمعنى أنه طالما ظل هادي على رأس السلطة في اليمن فلابد لنا من رصد وتقييم أدائه العام المرتبط بمصالح الناس ومصير وطن يمر في مرحلة من أكثر مراحل تاريخه المعاصر تعقيدا وأهمية ويؤسس ليمن مدني حديث معاصر ومتطور .
وفي شأن التقارير التي تحدثت عن بحث أطراف محلية ودولية خطة طريق للتمديد للرئيس هادي سواءً لشهرين تحت مبررات فنية تتعلق بطبيعة الاجراءات المطلوبة دستوريا وقانونيا لاستكمال التجهيزات الإدارية والفنية اللازمة للعملية الانتخابية , او التمديد لعامين إضافيين بذريعة الحرص على اللحمة الوطنية والسيادة اليمنية وحساسية وخطورة المرحلة الدقيقة وضغط متطلباتها العديدة وتوافق القوى السياسية وإجماع الأطراف الوطنية كافة للتمديد لهادي !.
لماذا نمدد المرحلة الانتقالية ؟ وهل هادي هو القائد المناسب للمرحلة القادمة ؟.
ولكن السؤال الذي يجب أن يطرح ابتداء, كيف وصلنا إلى هذه المرحلة والوضع القائم حاليا والذي يفرض علينا التمديد ؟ وماهي الأسباب والمبررات التي فرضت التمديد؟ بمعنى من هي تلك الأطراف والجهات التي أعاقت تنفيذ مهام المرحلة الانتقالية والمحددة بالإطار الزمني في المبادرة الأممية الخليجية , وفي ظل ضوابطها العديدة وضباطها العددين المشرفين على متابعة تنفيذ بنودها الملزمة وسير آليتها المزمنة على النحو الأمثل ؟, وماذا عن دور الدول العشر الراعية للتسوية ؟ أليسوا الحريصين على استكمال تنفيذ المبادرة ؟ أذن لماذا لم يمارسوا ضغوطاً كافية على الطرف الذي يعيق تنفيذها ؟ ثم أين هي الإجراءات الرادعة والعقوبات اللازمة على الأطراف المعرقلة ؟.
ومن ناحية أخرى فهناك أعداد كبيرة ومجامع كثيرة من الفئة الصامتة (وأريد في عمودي هذا أن أعبر عنهم ) ممن لا تؤيد ولا ترغب في التمديد , ليس لشخص هادي , بل من حيث المبادئ الوطنية والأسس القانونية , ولتجربتنا الطويلة والمريرة كشعوب عربية (مضطهدة) مع قياداتها (الدكتاتورية) التاريخية بسبب من هكذا تمديد !,كذلك لم نرى(حتى الآن) في الواقع الميداني أي أسباب موضوعية ملحة تفرض وتعزز من قناعة التمديد , وكذلك لم نلمس (بتأثير واسع وحجم مناسب)خلال الفترة المنصرمة بروز العامل الفردي والحافز الذاتي للمعني بالتمديد المتمثل بتلك السجايا الشخصية القدوة في الإيثار والبذل والعطاء, والصفات الرائدة والمتميزة في التصدي للمهام الكبيرة والجسام , وعن الكاريزما الملهمة في شخصه القيادي والقدرة على المبادرة والتأثير إيجابا في محيطه الإنساني , تزكيه وتبرر لهُ مثل هذا التمديد الذي يفرض عليه أعلى درجات الالتزام والانضباط في تحمله للأمانة وتقلده للمسؤولية ,وتمثله للسلوك الإنساني الرفيع وقيمه الحضارية الراقية وامتلاكه للأخلاق العالية ومما يؤدي للاطمئنان إليه في السراء والضراء .
ومن هنا جاءت الحاجة الموضوعية والعضوية لوضع ضوابط وشروط للقبول بالتمديد في شكل حزمة من المهام العاجلة والواجبات الملحة للمرحلة الراهنة واللاحقة ,والمتمثلة في قائمة من العهود والمواثيق من الواجب الامتثال لها والتقيد بها لإنجاز التغيير المطلوب في واقعنا المزري والمتردي , وجملة من المزايا والسجايا التي يجب أن يجسدها في سلوكه وصفاته من يرغب بقيادة المرحلة القادمة للتغيير والعهد الجديد والالتزام ببنودها ومهامها العديدة ..ومن يرغب في التمديد .
وهنا أيضا لابد لنا من كلمة نختزل فيها ما سبق ذكره بالسؤال التالي: -
لماذا نمدد لشخص هادي؟ وماذا نريد من هادي أن يجسده ويلتزم به في سماته وأدائه ؟ وماهي المهام والمتطلبات التي نشترط عليه أن ينجزها في الفترة القادمة من خلال منحه مثل هذا التمديد؟ , بمعنى , لماذا نمدد المرحلة الانتقالية التي هي في الأصل ممددة ؟.. والتي كانت محكومة مسبقا باتفاقية وضوابط دقيقة ومبرمجة , وألية مجدولة ومزمنة ! وتحظى بتوافق الفرقاء السياسيين كافة في الساحة الوطنية عامة !.
هذا السؤال تحديدا هو القضية الهامة والمحورية التي باتت تحظى باهتمام الناس جميعا , بل ربما أنها أصبحت القضية الوطنية الأولى الجديرة بالفحص والتدقيق لعلاقتها الجوهرية والعضوية بالتأسيس لليمن الجديد المدني والحديث
نعم , ذلك هو السؤال الأهم والأعم الذي سوف نعمل للرد الشامل عليه في الفترة القادمة من هذا الحيز المتوفر , وإيفائه حقه من البحث والعناية والتدقيق لوضع معالم على الطريق , وهو الجهد الذي يجب أن يبذل ويوجه لرسم خارطة واضحة الخطوط للطريق الأمثل والأمن للتمديد .والله من وراء القصد وهو ولي الهداية والتوفيق .
* هل لهادي أن ينحاز للشعب وينتصر لمصالحه؟ .. ( 2 )
هذه الثورة أخي الرئيس ,أعمق ,وأنبل ,وأعظم من أن تختزل بمجرد تغيير حاكم .
توقفت عند كثير من الاحاديث والارقام والإحصائيات ,ورغم إيماني بأنها لا تمثل كل الحقيقة، لكنها على اقل تقدير تؤشر الى نقاط مهمة قريبة من مزاج المواطن اليمني وحالته الراهنة ، أبرزها إن هذا المواطن لا يهمه من يقيم في دار الستين، بقدر ما تهمه مستجدات حياته اليومية وما يتعلق بها، وليس ايضا بجديد القول أن الشعب لا يهمه من يحكم بقدر ما يهمه كيف يحكم وماذا يحقق له من منجزات على أرض الواقع .
وحيث تحرص نخبة الساسة والمثقفين أن يتوفر في شخص الرئيس الكثير من الصفات والشروط المرتفعة في السمات والاداء بحيث تتوفر فيه صفات القائد الناجح مثل: 1-الشجاعة2-الامانة 3-الايثار 4-القدرة على الحفاظ على وحدة الوطن وسيادته 5-ان يكون محنك 6-الذكاء 7-القدرة على الاقناع 8-القدرة على السيطرة 9-اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب , وكذا الحفاظ على العملية الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة , والتمثل لأعراف ومبادى سائدة , تجد عامة الناس تهتم بصفات الرئيس على الصعيد الشخصي من حيث دماثة اخلاقه وحسن سلوكه في حب الخير وتقديم الغير عن مصلحته الشخصية وقدرته على توفير الأمن والاستقرار والعدل والمساواة وتحقيق التنمية والرفاهية .
ولذلك الأجدر بهادي أن ينحاز لإرادة الشعب ويخضع لطموح أمة أسست لشرعيته الجديدة ودعمتها بأكثر من ستة ملايين صوت كما لم تفعل لأحد من قبل ,هذا الشعب الذي كسر حاجز الخوف والصمت وتعلم مواجهة الظلم والطاغوت دون تردد أو وجل ,يريد أن يشاهد ويلمس بناء نظام جديد شفاف في تعامله مع الشعب وعادل في حكمه لليمن يبني الوطن ويرفع من شأنه عاليا ويعزز اللحمة الوطنية بين ابنائه .
الشعب الذي ثار في الريف والمدينة ومن مختلف الطبقات والفئات لا يرى وبعد مرور ما يقارب العامين من عهد حكومة الوفاق سوى الفوضى والعنف والفساد الذي نال من كافة حقوقه في الأمن والعيش الكريم واستشعر خطرا من ساسة سرقوا منه الثورة ,ولم يحسنوا لا قيادة ولا إدارة , بينما الاحزاب والرئاسة مشغولة في المحاصصة وتقسيم التركة أو الكعكة ومنغمسة في أمور التمديد !؟ .
أن خيار التمديد ما يزال هو الاحتمال الاقوى، إلا أن مدته موضع تباين بين تمديد تقني قصير يريده البعض لمدة ستة اشهر أو أقل (خاضع لمتطلبات العملية الانتخابية واستكمال مهام المرحلة الانتقالية), وتمديد سياسي توافقي طويل الأمد من سنتين إلى أربع (ويمكن اخراجه بمدة ولاية كاملة لهادي بإحكام الدستور الجديد) يريده البعض الأخر ,وكلا منهم يرى في اختياره تحقيق مصالحه الفئوية والحزبية وينطلق منها في تحديد خياراته ومواقفه من هادي والتمديد له من عدمه .
بينما ينظر عامة الناس بخوف كبير إلى الاحداث ويخشوا أن يكون الخوض في التمديد شرارة لمحظور أكبر على مستوى البلد، وتالياً فإن الاولوية المطلقة هي لحفظ المؤسسات وتحديثها بدءا من الجيش والأمن الذي يجب ابعادهما عن أي تنافس أو تجاذب سياسي , إلى المؤسسات التشريعية والرقابية والقضائية والعدلية إلى المؤسسات السيادية والمدنية كافة ,وصولا إلى تشكيل حكومة وفاق وانقاذ وطني تحظى بموافقة ودعم القوى السياسية كافة , تعمل على الترتيب والاشراف على المرحلة المقبلة الخاصة بالإعداد للانتخابات البرلمانية والرئاسية القادمة (على أن تتاح لها الفترة والصلاحيات الكاملة والمناسبة خارج أجندة الجدولة المزمنة لألية المبادرة الخليجية) , بما يعفينا من المغامرة في تشرذم الوطن والمخاطر من تشظي الدولة ومؤسساتها.
فنهج التمديد هنا يعادل أخطاء التوريث .
هل لهادي أن ينحاز للشعب وينتصر لمصالحه؟
* الطريق إلى التمديد ! (3)
- عن الرئيس هادي وفساد المقربين ! .
هذه الثورة يا فخامة الرئيس .. أعمق ، وأنبل ، وأعظم من ان تختزل بمجرد تغيير حاكم .
أن يعين (هادي) بإسهاب ذوي القربى والمقربين منه ممن يجاهروا بولائهم الشخصي لهُ ,ومن جماعة معينة ومنطقة محددة خاصة ما يتعلق بالتعيينات في الجانب العسكري والأمني (ولأغراض تتعلق بالتمهيد للتمديد) حيث وجدتُ بعض الأصدقاء من ابين يسخروا من مقولة الأبينة بدلا من السنحنة ليقولوا لي بكل ألم :هي اللودرة وأكثر من ذلك فهي في جزء بسيط منها يكاد يكون محصور في أسرته من جماعة المارمي وقريته ذكين وشلته (القديمة)المقربة التي لم تغادرها ثقته بعد إلى الفضاء اليمني الاوسع والوطني الأجمل ! , وفي ذلك يتأسس خطر كبير على مستقبل اليمن وتماسك لحمته ووحدته (وكما هي المقدمات تكون النتائج ) .
أخي الرئيس : هذه الثورة وعملية التغيير هي التي جاءت بكم إلى سدة الحكم وكرسي الرئاسة هي من الصناعة الخالصة للشعب اليمني الحر , ومع أنكم رئيس توافقي انتقالي إلا أن من يرصد أدائكم للفترة الماضية يلاحظ أن العمل من أجل التمديد يأخذ الكثير من جهدكم ووقتكم الذي يفترض ان يكرس لصالح الشعب في التخفيف من فقره ومعاناته في ظل ارتفاع الاسعار وعدم توفر الخدمات الأساسية التي بغيابها ينتفي العيش الكريم فما بالكم ببقية الحقوق ؟ , (فنهج التمديد هنا يعادل بحجمه أخطاء التوريث في عهد صالح ) .
كما أن هادي يضغط على القوى الثورية وحلفائهم اجمالا بعدم مغادرته النهائية للمربع القديم للنظام السابق باتجاه الانحياز الكامل لأغلبية الشعب وهم من الفقراء والكادحين ومراعاة مصالح أهله وأسرته الكبيرة (اليمن) ليتقوقع على نفسه وينغلق في مجاميع صغيرة بعضهم من الوصوليين والانتهازيين ,ويختزل الشعب اليمني بأكمله بأعداد قليلة من الأفراد والمجموعات والنخب التي تعمل من أجل مصالح فئوية وحزبية ضيقة وأنانية , وأولئك النفر مهما بلغت أهميتهم وقوتهم وتأثيرهم فلا يعني ذلك تمثيلهم للشعب اليمني بأكمله ومصالحه كافة ! .
أخي الرئيس نرجو اعطاء جل اهتمامكم وعنايتكم لمحاولات اختراق وافساد مؤسسة الرئاسة وبعض المقربين منكم وخاصة انجالكم ناصر وجلال من قبل بعض الرموز الخطيرة والفاسدة للعهد السابق , فأن ما يشاع عن علاقة مالية ذات مصالح خاصة ومشبوهة تربط بين نجلكم الأكبر جلال والملياردير الفاسد حافظ معياد ,هي بالمؤكد والمجمل تسيء كثيرا لكم ولعهدكم الجديد الواعد بالعطاء ,ولذلك من الأفضل والأنسب تحاشي مثل هذه العلاقات التي لابد أنها (وبالمحصلة) تبنى على أسس فاسدة ومحرمة وغير قانونية بالمطلق , تلك العلاقة الخفية التي تستفز وتستنفر الشعب وتثير الكثير من الاسئلة والمحاذير .
كما يلاحظ فساد شقيقكم ناصر منصور في قضايا كثيرة في الجنوب خاصة ما يتعلق بمصافي عدن أو دفعه لتعيين بعض الفاسدين وحمايتهم والاصرار على بقاء البعض الأخر من الفاسدين في مناصبهم الحالية ,وكذا تدخل أبنائكم ناصر وجلال في اعمال الحكومة وتسيير شؤون الحكم والدولة وذلك يتنافى مع مواد الدستور ونصوص القانون وصلاحياتكم المخولة بموجب المبادرة الأممية واليتها التنفيذية المزمنة لانتقال السلطة كما أنه يشكل مساس بالحقوق الإنسانية والوظيفية للأخرين ؟ وهي ايضا ذات الأخطاء الجسيمة للعهد السابق! , وذلك أمر جلل ينبى بالسوء مبكرا .
نعم تقديرنا الكبير وامتنانا العظيم لشخص الرئيس هادي وما تجشمه من مخاطر وعناء عظيم في تحمله هذه المسؤولية التاريخية والوطنية في قيادة اليمن في مرحلة دقيقة وفاصلة هي من أهم مراحلة المصيرية وأكثرها خطورة وتعقيدا , وحرصنا الغيور النابع من ارتباطنا بمعالم هذا العهد الجديد وشراكتنا لهُ, هو السبب الوحيد وما يدفعنا تحديدا لتوجيه هذا النقد القاسي والحريص على عدم تلوث هذا العهد الناهض ورموزه الرائدة بأمراض العهود السابقة في الفساد والمحسوبية وغيرها من الاعراض السيئة والمظاهر السلبية , والله من وراء القصد وهو ولي الهداية والتوفيق .
Hvr_2009@yah00.com