من يتابع أغلب الصحف والمواقع الإخبارية في اليمن يلاحظ أنها تعمل بناء على قاعدة رئيسية وهي " نسخ لصق ", فكل صحيفة تعتبر كوكتيل يؤخذ من ما ينشر في المواقع والصحف الأخرى سواءً المحلية أو العربية أو الأجنبية.
لا يجد الصحفي اليمني صعوبة في انشاء صحيفة أو افتتاح موقع إخباري, فبعض الصحف - الأسبوعية تحديداً - أو المواقع الإخبارية يشرف عليها صحفي واحد فقط, وما يحتاجه هو جهاز كمبيوتر وخط انترنت ومن ثم يقوم بالعملية الشهيرة " نسخ لصق ", ويرسل الصحيفة " بي دي إف " عبر الايميل الى المطبعة وتصل الى القارئ في الصباح الباكر عبر شبكة الموزعين.
الصحفي في اليمن غالباً لا يصنع الخبر من مصادر خاصة به, انما ينقله عن وسيلة أخرى, لذلك نلاحظ أن أغلب عناوين الصحف والمواقع متشابهة الى حد بعيد وما يفرق بينها هو اختلاف ترتيب تلك الأخبار.
كما أن اغلب وسائل الاعلام في اليمن تفتقر الى التقارير الصحفية والتحقيقات التي تعتبر عماد الصحافة العالمية, واعتقد ان السبب ليس في عدم وجود قدرات لدى الصحفيين اليمنيين بقدر ما هو ناتج عن نقص في التمويل, أو بسبب ان اغلب تلك الوسائل ممتلكة لمراكز قوى تقليدية لها اجندتها البعيدة عن العمل الصحفي, و ما تريده هو الترويج لسياستها وتلميع قادتها والتحريض على الخصوم, وكل ذلك لا يحتاج إلا الى " ربطة قات " وعلبة " شارك " وفي الساعة السليمانية يتم اختراع وفبركة الأخبار, وشن الهجوم على المُعادين.
بدأت صحيفة الأولى اليومية عمل بعض التقارير عن بعض صفقات الفساد المدعمة بالوثائق والمستندات, وكان أكثرها اثارة للجدل هو ما يتعلق بالخزينة العسكرية وكيفية التصرف في ميزانيتها, اضافة الى الكثير من صفقات فساد بعض الوزراء والجمعيات الخاصة الذين تاجروا بدماء الشهداء وأنات الجرحى, تلك التحقيقات تعتبر نقلة نوعية في الصحافة اليمنية, لكن المتربصين بكل جميل أقاموا الدنيا ولم يُقعدوها, ورفعوا الكثير من الدعاوى ضد الصحيفة ممثلة برئيس تحريرها محمد عايش والصحفي محمد العبسي, رُفعت تلك الدعاوى بهدف وقف تلك التحقيقات والهاء الصحفيين بالذهاب الى النيابة والمحاكم بدلاً من تفرغهم لأداء عملهم, ففي الوقت الذي يتم التستر والتغاضي عن مفجري انابيب النفط وخطوط الطاقة الكهربائية وإعطائهم الملايين كجزية, ولا يتم رفع أي دعاوى ضدهم, ويتواجدون أحياناً داخل صنعاء دون أن يمسسهم ضرر, يتم رفع عشرات الدعاوى على الصحفيين من جهات رسمية رفيعة في قضايا نشر, ويُجرجرون الى المحاكم بأوامر قبض قهرية يتم استخراجها قبل أن يرتد بصر المدعي.
هناك الكثير من العوائق التي تواجه الصحافة التحقيقية في اليمن, وما حصل للصحفي نائف حسان رئيس تحرير صحيفة الشارع وزميلة نشوان دماج من اختطاف على أيدي بعض رجال القبائل الموالين للسعودية بسبب تغطيتهم لما يحصل من خروق سعودية للحدود اليمنية لخير مثال على تلك الصعوبات.
كما أننا نلاحظ أن أغلب الصحف والمواقع المحلية تستند في تسريباتِها للأخبار عن الأوضاع الداخلية على الصحف الخليجية وأحياناً الأجنبية, فاغلب المسئولين في اليمن عندهم عقدة نقص, كون أغلبهم أعضاء في نادي " اللجنة الخاصة السعودية" لذلك فتصريحاتهم تُعطى لوسائل الاعلام الخليجية, وهذا بدوره يضعف الصحافة المحلية ويجعلها تستعين بقاعدة " نسخ لصق ".
albkyty@gmail.com
" نقلاً عن صحيفة الأولى اليومية "