دماء عشرات أو مئات الجنود التي سفكت في محافظة أبين لا يجب أن تمر وتضيع وسط تقارير اللجان التي شكلت من أكثر من جهة بالحكومة بطريقة تعكس روح الاستهتار بدماء وحياة اليمنيين.. وإصرارهم على اللامبالاة في تحمل المسؤولية..
أعتقد أن الشعب اليمني ليس بحاجة للعويل والولولة واستجداء بيانات الإدانة والاستنكار من بعض الأحزاب أو الحكومة.. ولقد حان الوقت بعد مذبحة الأحد الدامي في دوفس والكود في أبين أن تقول قيادات الجيش قولها أو تُسرح وتحاكم، ولتموت كما ذبح أولئك الجنود الأبرياء..
إن القادة -عسكريون وأمنيون- يتحملون أمانة ومسئولية وطنية ودينية.. وعليهم أن يثبتوا للشعب أنهم أبرياء.. وكيف؟.. أما أن يرموا مسئولية جريمة أبين على القاعدة فقط.. فذلك أمر مرفوض ..مرفوض ..
كما أن المؤتمر الشعبي العام بعد مذبحة أبين مطالب أن يتحمل مسئوليته الوطنية والدينية والانسانية، وأن يتحرك لحماية دماء منتسبي الجيش والأمن وعدم السماح بتكرار هذه الجرائم من خلال اتخاذ مواقف شجاعة وقوية يدافع بها عن هذه المؤسستين الوطنيتين.. كما أن عليه أن يغادر فوراً نمطية أسلوب إسقاط الواجب ببيانات الإدانة والاستنكار، والانتقال الى مربع جديد لوقف جرائم الإبادة التي يتعرض لها الجيش.. وأن يتحرك بقوة.. وبإمكانه أن يوقف أولاً حملة التحريض والاستعداء على الجيش بسهولة من خلال الدول العشر الراعية للمبادرة، والإصرار على فك حصار على معسكرات الحرس الجمهوري في أرحب ونهم.. والتأكيد أنه لا حوار مع أي حزب تورط أو تتورط عناصره في مذبحة أبين أو حرض أو ساند مادياً ومعنوياً أو استخباراتياً القاعدة ..
المؤتمر مطالب أن يكشف للشعب دور شركاء القاعدة بالجريمة، ومنهم ببيان واضح وصادق ولا يتهاون بذلك مهما كان الثمن.. ويكفي أنه بالأمس قد ضحي بالرئيس علي عبدالله صالح، فيما لم يضح المشترك بعشرات المتاريس من الحصبة مقابل ذلك، فإن الكارثة أن ضللنا ندندن من جديد باسم المصلحة الوطنية حتى يباد الجيش اليمني بالكامل..
أعتقد أن المصلحة الوطنية العليا تكمن بحماية الجيش والأمن وعلى المؤتمر الشعبي العام أن يقوم بذلك.. وليس هناك ما هو أكثر قداسة من أولئك الجنود الذين تم ذبحهم بطريقة بربرية.. فلا يجب أن يسمح بتكرار ما حدث مهما كان الثمن.. ولا يجب أن يغيب على بال المؤتمر أيضاً أن ما يحدث اليوم يشبه كثيراً ملامح الجريمة التي ارتكبها الإيرانيون ضد الجيش العراقي.. وإن كان في اليمن باسم القاعدة.. إن السكوت عن جريمة أبين لا يعني أبداً الحرص على الوفاق ألبتة.. وأية أهمية لوفاق وسط دم مسفوح لخيرة أبناء الشعب..
لقد بدأت أبشع صور هيكلة الجيش اليمني تتضح في أبين بتلك المذبحة الوحشية والإبادة الجماعية التي تعرض لها الجنود والضباط برصاص وخناجر إرهابيو القاعدة.. هذه الجريمة ليست الأولى بل هي امتدادا لنفس تلك الجرائم ونفس الأهداف التي جرت لأحد الألوية العسكرية في الجوف من قبل الإصلاح والحوثة، ولما يحدث من حصار لقوات الحرس الجمهوري في أرحب ونهم من قبل الاصلاح والقاعدة .
طبعا ثمة فرق بين هيكلة الجيش وبين إبادة الجيش ..لكن لا فرق بين أهداف من ارتكبوا جريمة أبين أو من يحاصرون الحرس الجمهوري في محافظة صنعاء.. بالتأكيد أن تكون اليمن دولة بدون جيش فذلك لا يعني أن القاعدة والاصلاح يريدون أن تكرر اليمن نموذج إحدى الدول الاوروبية ولو الأمر كذلك لكان هدفهم تدمير الأسلحة وليس ذبح الجنود.. بيد أنهم يريدون تكرار النموذج الصومالي بدأ من نهب أسلحة الدولة، الى إنشاء أمراء الحروب وها قد صار لدينا أمراء وإمارات للقاعدة والاصلاح في بعض المحافظات..
علينا اليوم أن نعترف أن الحرب ضد القاعدة في اليمن تدخل أخطر مرحلة.. فجحافل قوى الإرهاب انتقلت من تكتيك تبادل الأدوار الى خوض معركة واحدة تستخدم فيها مختلف الأسلحة من الأحزمة الناسفة، الى السيارات المفخخة, الى الافيون، والحرب النفسية والفتاوى الدينية.. الى إعادة الهيكلة.. فهذا التحالف صار يضم كل قوى الشر في البلاد ولا يجب أن يستهان به أبداً.. ولابد من وقفة وطنية صادقة وجادة مع الجيش والأمن وخصوصاً مع قوات الحرس الجمهوري والأمن المركزي والقوات الجوية، كونها تواجه حرب شرسة وقذرة، تتزامن مع حملة تحريض موجهة إعلامياً وسياسياً من قبل المشترك وأبواق الفرقة المنشقة.. وعلى المؤتمر أن يتحمل مسئوليته الوطنية بشجاعة.. ولا وقت للمهادنة..
benanaam@gmail.com