مَنْ منا كان يتصور ان يلج اليمن العام 2013م بسلام؟ ومَنْ منا خطر بباله بعد أزمة طاحنة، أن يطوي اليمنيون صفحة عام 2011م المشحون بالعنف؟ ومَنْ منا تفائل مجرد تفاؤل عابر أننا يمكن نسلك طريقاً غير طريق الفوضى التي وجدت بعض الدول نفسها منجرة إليه، والتي ما زال البعض غارقاً فيها سواء التي لم تحل بعد، أو تلك التي ظن أهلها أنهم قد حلوها.
تلك الاسئلة ضرورية جداً، لأنها المرتكز الذي من خلالها يمكن ان نحكم بأن عامنا الذي ولجنا فيه سيكون عاماً لليمن الجديد، فالعام المنصرم شهد تحولات عظيمة على الساحة اليمنية، ابتداءً بتسليم واستلام السلطة بين الرئيسين علي عبد الله صالح وعبد ربه منصور هادي، عقب انتخابات رئاسية مبكرة، فتحت باب الامل لما بعدها من تحولات كبيرة، وبين بداية العام الذي شهد أول تسليم للسلطة في اجواء سلمية.. اختتمنا العام ذاته بقانون اعادة هيكلة الجيش على اسس علمية، لتنزاح عقبة الانشطار في القوات المسلحة والتي مثلت قنبلة موقوتة طيلة العام الفائت.
تغلبنا على مشاكلنا حينما تعاملنا معها بعقلانية، وحينما لم نرفض -مثل بقية الدول- مساعدة الاشقاء والأصدقاء، فالحوار الذي اعددنا له منذ النصف الثاني من العام 2012م والمرتكز على المبادرة الخليجية والياتها المزمنة، هو الرهان الذي نجح فيه اليمانيون فيما فشل فيه بقية من اجتاحتهم فوضى ما يسمى بالربيع العربي.
ان العام 2012م سيظل محفوراً في صفحات التاريخ اليمني، وسيبقى العالم بأسره مبهوراً بالتجربة اليمنية التي نزعت فتيل الازمة الطاحنة، فقد استطاع اليمنيون رغم غلبة السلاح في ايديهم ان يغلبوا حكمتهم على كل شيئ جاعلين مصلحة بلدهم فوق كل اعتبار، وسيدون التاريخ ايضا ان التغيير الحقيقي هو الذي احدثه اليمن، من خلال الحوار لا عبر فوهات المدافع.
ان عاماً كالذي انقضى حريٌ بنا ان نتذكره بكل خير، لأننا لم نصل الى ما وصلنا اليه اليوم في العام الجديد إلا باصطفاف جميع القوى السياسية فيه على كلمة السلم ونبذ الحرب.. فما تحقق وسيتحقق هو نتاج عمل دءوب فيه، ليس لليمنيين فقط بل للأشقاء والأصدقاء الذين ادركوا بأن دعمهم لليمن سيجنبهم الويلات التي كانت واردة الحدوث لا قدر الله، وقد مثل تعاونهم معنا باباً واسعاً نجانا الله فيه مما لحق ويلحق بإخوتنا في الدول الأخرى..
لليمنيين فرصة لن تتكرر في عامهم الجديد 2013م، فمن خلاله وعبر المؤتمر الوطني للحوار ستذوب فوارق شاسعة، كانت الى وقت قريب سبباً في الفرقة، فمتى ما ادرك اليمنيون ان طريقهم هو الخروج بنتائج تخدم البلاد في مؤتمر المنتظر، سيجنون ثمرة ذلك الادراك والسعي في العام القادم، حيث سيكون الصندوق اليمني شاهداً على التحول الكبير من دولة بعض الافراد الى دولة كل الافراد.
نرجو من الله عز وجل ان يكتب للمؤتمرين التوفيق، وان يجنبهم الخلافات التي كانت تحدث في المرات السابقة، وان يجعل نصب أعينهم محبة الوطن التي هي من صميم الإيمان.. اليمن مقبل على سنة هي كفيلة بعون الله في تغيير حالنا للأفضل، شريطة ان ننسى الماضي بسلبياته، وان لا نأخذ منه سوى العبر التي تجعلنا ننبذ كلما يعيق التقاءنا حول التفاهم الذي سيقودنا بحول الله وقدرته الى بر الامان..وكل عام واليمن بلد للجميع.
-أستاذ مساعد بجامعة البيضاء: