وقعت القيادة المركزية للجيش الأميركي، في احراج جديد بنشرها الاثنين الماضي، مقاطع فيديو من أشرطة ضبطت في عملية الانزال التي نفذتها القوات الخاصة في نهاية يناير الماضي في محافظة البيضاء اليمنية، ما تسبب في الغائها المؤتمر الصحفي، وذلك بعد ان نشرت في اليوم التالي لتنفيذ عملية الانزال البري لتسجيلات، تبين لاحقا انها قديمة صورت في أفغانستان قبل سنوات.
- تضمنت مقاطع الفيديو الاخيرة، درسا تعليميا للإرهابيين المفترضين بعنوان "افعل ذلك بنفسك"، موجه لـصانعي القنابل الطموحين، الذين يسعون لمهاجمة الدول الغربية، ولكن بعد ساعات، اعترف مسؤولين في البنتاغون أن أشرطة الفيديو هذه تعود إلى 10 سنوات مضت، حيث تشبه الرسائل التدريبية التي نشرها تنظيم القاعدة على الإنترنت في 2007.
-فشل العملية الميدانية كان واضحا ولا يمكن انكاره مع مقتل جندي امريكي وجرح اخرين واسقاط اباتشي تتجاوز قيمتها 70 مليون دولار، علاوة على استشهاد نساء وأطفال ومدنيين اخرين من اليمنيين وعشرات الجرحى في العملية ،يضاف الى ذلك الفشل في القبض على أي من القيادات المهمة في القاعدة وتسببها في احراج شديد لترامب امام الرأي العام الأمريكي لما اظهرته من تهور وعدم مبالاة بحياة الجنود الأمريكيين والمدنيين اليمنيين.
- لذا وبدلا من الاعتراف بالخطأ والتسرع في المصادقة على العملية رغم ادراكه مخاطرها الكبيرة ،ابدى ترامب مكابرة غريبه واصرارا عجيبا على نجاح العملية عبر الترويج بحصولهم على كنز ثمين من المعلومات بشأن عن القاعدة وخططها المستقبلية وذلك في أجهزة الحاسوب والتلفونات المصادرة خلال العملية.
-لكن مع تكرار نشر البنتاغون لتسجيلات قديمة ومتوفرة في المواقع الجهادية على الشبكة العنكبوتية، يتضح ان الكنز الثمين الذي تحدث عن ترامب ووزير دفاعه ،هو مجرد ادعاءات فارغة لا تمت للواقع بصلة، كما انه من جهة أخرى يكشف عن توجه ترامب لاختلاق المبررات وفبركة الأدلة فيما يتعلق بخطر الإرهاب واستخدامها لتنفيذ اجندته في اليمن والمنطقة عموما، وبصورة تعيد الى الاذهان فبركة إدارة بوش الابن الأدلة على امتلاك نظام صدام لأسلحة نووية لاحتلال العراق.
-تتعزز هذه المخاوف مع المعلومات التي تناقلها نشطاء يمنيين في الأيام الأخيرة، تفيد بأن الغارات التي شنتها الطائرات الامريكية خلال الخمسة أيام الماضية على محافظات ابين والبيضاء وشبوة اليمنية، ركزت في اغلبها على استهداف منازل المدنيين، بل وعلى القبائل المعادية لتنظيم داعش كمنازل قبائل قيفة في يكلا بالبيضاء، في الوقت الذي تتجنب فيه استهداف مواقع التنظيم المعروفة في المنطقة.
- هذا الكلام في حال صحته معناه ان المحصلة النهائية للغارات الامريكية لن يكون اجتثاث القاعدة او داعش في اليمن- الذي يحتاج الى تواجد الدولة أولا في تلك المناطق مصحوبا بإجراءات فكرية واقتصادية - وانما دفع شباب تلك المناطق للانضمام الى الجماعات الأكثر تشددا وبالذات داعش، ويبدو اننا أما انتاج جديد لتنظيم داعش في اليمن بصورة مشابهة لما حصل في سوريا والعراق من قبل الأمريكيين والبريطانيين تحديدا.
- كما لا استبعد مطلقا ان يتجه ترامب مستندا الى نصائح محمد بن زايد لتحريك مشروع قانون في الكونغرس بشأن تصنيف الاخوان ضمن الجماعات الإرهابية، وذلك بهدف دفع الالاف من انصارها بل ومن السلفيين والجماعات الإسلامية الاخرى الى تنظيمي داعش والقاعدة، والمحصلة في نهاية المطاف ستكون رفع عدد اتباع التنظيمين الإرهابيين من المئات حاليا الى عشرات الالاف خلال سنوات قليلة، والذي سيؤدي الى نسف استقرار غالبية دول المنطقة والاطاحة بأنظمتها القائمة ضمن عملية جذرية لإعادة رسم ملامح المنطقة، وفي الغالب ستكون السعودية ودول الخليج الهدف الرئيسي للموجة الإرهابية المقبلة، والتي قد تكون الساحة اليمنية منطلق رئيسي لها، وهذا ما يعمل عليه ترامب بتركيزه على اليمن منذ الأسبوع الأول لوصله الى البيت الأبيض على ما يبدو.
aziz5000000@gmail.com