لا يختلف اثنان في ذكائك ودهائك وحنكتك يا فخامة الزعيم، بل إن خصومك وأعداء الوطن أنفسهم يؤمنون بذلك، ربما، أكثر من إيمان أنصارك وأنا أحدهم، فهم من وزع عليك كل هذه الألقاب وأنك (الراقص الماهر على رؤوس الثعابين،) إلا أنه وبحجم دهائك وإنجازاتك العظيمة لديك أخطاؤك الكارثية التي طالتك تداعياتها قبل أن تطال الوطن.
من أخطائك التاريخية والقاتلة يا فخامة الزعيم أنك اخترت عبدربه منصور هادي وزيراً للدفاع ثم نائباً لرئيس الجمهورية لتمثيل المحافظات الجنوبية ثم رئيساً مؤقتاً لليمن حلاً للأزمة المفتعلة عام 2011م، بينما هادي عنصر مخابرات بريطاني منذ أن جنّده البريطانيون أثناء احتلالهم لشطرنا الجنوبي من الوطن.
هذا الخطأ يستحق وصفه بالفاحش؛ فإن كنت اخترته وأنت تعلم عمالته، فضلاً عن قدراته التي لا تؤهله لقيادة بلد فتلك مصيبة، أما إن كنت جاهلاً بتاريخ الرجل وما يمكن أن يتسبب به للوطن والشعب من كوارث ومحن، فالمصيبة أعظم.
خطؤك هذا يا فخامة الزعيم بشأن (هادي) خطأ مركب، فهذا الرجل ظل يعمل نائباً لعلي محسن الأحمر الذي كان هو الآخر قد نال من ثقتك ما لم ينله أبناؤك.. حتى ظن الناس أنه الأخ غير الشقيق بل إنك من وصفه في اجتماع مجلس الدفاع الوطني والحكومة عام 2011م بـ(أركان حرب الجمهورية)، ولم تلبث أسابيع لتكتشف حجم الكارثة عندما انشق زاعماً أنه كان الرجل الأول في الدولة، موجهاً رصاصات جيشه السري (مليشياته) إلى صدرك، وعلى نفس المنوال تأتي أخطاؤك الكارثية في علي محمد الآنسي، مدير مكتبك، ومسئول مخابراتك القومي (جهاز الأمن القومي) الذي كان جاسوساً عليك، ومحمد علي محسن مقصع، صالح الضنين، عبدالإله القاضي، الذي يعاني الشعب نتائج ممارساتهم واستهتارهم وفسادهم.
ومن أخطائك يا فخامة الزعيم تعيين خالد بحاح وزيراً للنفط بناءً على ترشيح الشهيد عبدالقادر هلال الدبب والذي أقنعه عبدالله بقشان أن الرجل يصلح وزيراً للنفط وليس له أي تاريخ سياسي أو خبرات إدارية، كذلك تعيينك عبدالمجيد الزنداني عضواً في مجلس الرئاسة، وأنت خير من يعلم بحقيقته وأنه من قيادات تنظيم القاعدة ووهابي لا يقبل بالآخر تآمر على قتل الزبيري والحمدي، ويقود مشروعاً طائفياً.
كذلك تعيينك أحمد بن دغر أميناً عاماً مساعداً للمؤتمر الشعبي العام ثم نائباً لرئيس المؤتمر ووزيراً للاتصالات ونائباً لرئيس الوزراء، بل لقد كنت تجهد نفسك في إيصاله إلى رئاسة الحكومة. الأمر ذاته لا يختلف مع (عميل الإحداثيات) رشاد العليمي، بدءاً من تعيينك إياه وزيراً للداخلية ونائباً لرئيس الوزراء ورئيساً للجنة الأمنية العليا.
يا فخامة الزعيم لم أتخيل يوماً قلمي يكتب عن أخطائك، ليس خوفاً منك أو لشيء آخر، فأنت من أسس حرية الرأي والرأي الآخر.. وإنما كان امتناعي تقديراً لحجم إنجازاتك، ولعلمي أنك كنت على سجيتك القبلية وأن همك الكبير هو الشعب وبناء الوطن وبإشراك الجميع، ولم تكن مهتماً بهؤلاء الأشخاص وربما كنت تعتقد حينها أنهم أصغر من أن يشكّلوا مشكلة وخطراً على الوطن ولكنهم كانوا أكبر خطر.
توليت مقاليد الحكم على إرث دموي، ونظام متقلب يصعب التحكم فيه، ووطن مشطر، وبنية تحتية منعدمة، وإنتاج قومي صفر، وسيادة مسلوبة بيد فاعلين دوليين، ولم يكن أكثر المتفائلين يتوقعون بقاءك رئيساً لعام واحد، وربما بضعة أشهر، لكنك ناقضت كل التوقعات، ليس بقدرتك على الاستمرار في سدة الحكم وفي بلد لم يعرف الاستقرار وحسب، وإنما بعظمة ما اجترحته للوطن من منجزات بدءاً بوقف دورات العنف وصولاً إلى تحقيق الوحدة وبناء الدولة والنظام الديمقراطي والتعددية السياسية واستخراج النفط والغاز.. إلخ.
لم يحكم اليمن الموحد من صعدة إلى المهرة أحد قبلك حتى (ذو يزن)، ومن المستحيل أن يحكمها أحد بعدك على الأقل لخمسين عاماً قادمة.
هتافات الجماهير، الكبير منهم والصغير، الرجل والمرأة، هذه الأيام في الشمال والجنوب، في الشرق والغرب، (سلام الله على عفاش) ليست من فراغ، ولا أعتقد أن هناك -باستثناء تجار الحروب- من لا يتمنى العودة إلى عهدك، ولهذا يتمنى محبوك عدم تكرار الأخطاء، وألا تضع ثقتك في أشخاص أو عناصر تبحث عن المال والمناصب ومصالحها الشخصية، ولا شك أنك الآن خير من يعلم أن من وقفوا في صفك وفي صف الوطن في 2011م، وضد العدوان اليوم هم البسطاء.