مع الهزة العالمية ،التي أحدثها خروج بريطانيا من الاتحاد الأوربي في مناطق العالم المختلفة ،بما فيها منطقتنا العربية ،وتسببه في انعاش الآمال الانفصالية في بعض المناطق نتساءل هنا هل يحق لإمارة دبي الانفصال عن الامارات خاصة مع الحقائق التالية:
1-حرص دبي الواضح في تقديم نفسها كمدينة شبه مستقلة ذات طابع عالمي مع رغبة جامحة في ابراز تفوقها وتميزها بمراحل عن شركائها في الاتحاد .
2-سياسة محمد بن زايد القمعية القائمة على القبضة الحديدية والحكم بالحديد والنار،لدرجة ان مجرد منشور في الفيسبوك ينتقد سياسة النظام او اية أخطاء لحكومته ،كفيل بالزج بصاحبه ثمان سنوات في السجن وربما سحب الجنسية الإماراتية منه، ومليونا درهم إماراتي عقوبة إنشاء حساب وهمي على الإنترنت،مع العلم ان صحيفة هافينغتون بوست شبهت مطلع العام الجاري جرائم جهاز أمن الدولة في الإمارات بنفس ديكتاتورية وأساليب المخابرات في ألمانيا الشرقية ،ومثل هذا المناخ القمعي للحريات والحركة يشكل بيئة ضارة لسياسة دبي وانفتاحها على العالم.
3-يضاف الى ذلك جنوح بن زايد نحو سياسة التدخل في شئون الدول الأخرى وما يسببه ذلك من توتير علاقات بلاده بكثير من دول العالم ،ويؤثر سلبا على الاستثمار والسياحة في دبي، التي ستكون المتضرر الأكبر في المستقبل من سياسة محمد بن زايد في حال استمرارها على هذا المنوال،إضافة الى الارتدادات الأمنية المتوقعة لهذه السياسة على الداخل الاماراتي، ولعل تهديد تنظيم داعش بتنفيذ عمليات في الامارات ردا على عمليات قوات بن زايد في حضرموت،مثال واضح للضرر الذي قد يصيب دبي في مقتل، وينسف كل ما حققته من نجاح طيلة العقود الماضية.
-رغم الجهود التي تبذل من قادة ابوظبي ودبي لمنع خروج خلافاتهم الى العلن جراء الاستياء غير المعلن لدى مشايخ دبي من سياسة محمد بن زايد البوليسية ،لكن هناك حالات كثيرة تكشف عن تلك العلاقة المحتقنة ،كما حصل في قضية ضاحي خلفان ،الذي كان يتولى منصب رئيس جهاز شرطة دبي ،وتم تلميعه بطريقة مخابراتية ذكية قبل عدة سنوات في قضية اغتيال القيادي في حماس محمود المبحوح رحمه الله، وبدلا من ان يتم ترقيته لتولي منصب اعلى، قام حاكم دبي بتنزيله الى منصب نائب رئيس شرطة دبي ،وهو منصب شكلي لا صلاحيات له، ويرجع سبب هذا العقاب الى تقريب محمد بن زايد لضاحي خرفان منه، واستخدامه لإرسال رسائله الضمنية الى منافسيه وخصومه وجس النبض وردود الفعل على بعض القرارات التي يعتزم اتخاذها عبر الايعاز لخرفان بنشر تغريدات على حسابه في تويتر بشأنها بطريقة حادة ومبتذلة ابعد ما تكون عن الدبلوماسية وبصورة تسيء الى دبي اساسا كون خلفان محسوب عليها في ظاهر الامر .
4- حلم دبي القديم بالانفصال عن الامارات ،حيث ظلت في السنوات الأولى من اعلان اتحاد الامارات ترفض تنفيذ القرارات الصادرة من ابوظبي ،وقد برزت الخلافات بقوة في تلك الفترة في مجالي البنوك الاستثمارية والتسلح.
5- انقلاب مشايخ ابوظبي على الاسس التي قامت عليها الوحدة الإماراتية ،كما حصل في موضوع عاصمة الاتحاد،فقد قضت اتفاقية الاتحاد على إقامة عاصمة دائمة للأمارات تسمى الكرامة وحدد موقعها في المنطقة الحدودية بين ابوظبي ودبي كحل وسط لتنازع الامارتين على العاصمة ، لكن الامر ظل مجرد حبر على ورق ،وظلت ابوظبي الى ما قبل عقد من الزمان العاصمة المؤقتة للاتحاد قبل ان يتم اعتمادها عاصمة دائمة من قبل المجلس الاتحادي ،مع العلم ان التنازع على العاصمة كان السبب الذى أدى الى انسحاب قطر والبحرين من الدولة الوليدة قبيل الإعلان عن قيامها رسميا.
5-كان اكتشاف النفط ووجود الجزء الأكبر من حقول الإنتاج في امارة ابوظبي ،سبب رئيسي في تراجع الطموح الانفصالي لإمارة دبي والتوقف عن صراعها السياسي مع ابوظبي وتحول طاقاتها نحو المجال الاقتصادي،ولعل قرض العشرة مليار دولار الذي قدمته ابوظبي لدبي لإنقاذها من ازمتها المالية العام 2008م،والتي اضطرت معها دبي لتغيير اسم برج دبي الى برج خليفة ،يظهر دور النفط والمال في تواري الرغبة الاستقلالية لدبي.
-لكن مع التراجع المستمر لأسعار المشتقات النفطية ،وتوجه دول الخليج للاستغناء عن النفط كمصدر رئيسي لاقتصاداتها وايراداتها من العملة الصعبة ،فأن دبي ستتحرر من الحاجة المالية لابوظبي بل قد تتحول الامارات الأخرى الى عبْ على دبي وسببا في ابطاء نموها، وبالتالي سيكون من حق دبي ان تطالب بحق تقرير المصير اسوة بغيرها خاصة اذا ما تم منح اكراد العراق وسوريا وانفصالي اليمن حق تقرير المصير .
aziz5000000@gmail.com