تكلم بأي لهجة .. ارتدِ أي زي .. زنّة .. فوطة .. معوزا .. جنبية .. بنطلونا ..لن تدفع ثمن اختيار لهجتك أو زيّك .. أنت في صنعاء .. عاصمة اليمنيين وحاضنهم من أبعد نقطة في الماء إلى أبعد نقطة في الجبل والصحراء .
• انطق حروف الهجاء بمخارج القرية أو المدينة في أي محافظة.. لن يجرّح فيك أحد فكيف يسيء إليك أو يقصف عمرك بتهمة أنك من هنا أو هناك .
• أنت في صنعاء بالزي الشعبي أو العسكري.. في وظيفة رسمية أو مشروع خاص .. متجر .. شركة أو بسطة أرضية أو عربية متحركة .. لك احترام الكل من الكل لأنك في مدينة سام .
• إذا اضطررت مدفوعاً بالقلق من شيء ما لترك منزلك وعدت إلى البلاد في أقصى اليمن .. جنوبه وشرقه ، شماله وغربه سيتولى جيرانك حماية بيتك .. لا تستغرب .. لأنك في صنعاء .. لن يتصل بك أحد كالذي اتصل بالدكتور اسماعيل ليقول له نحن في التي كانت بيتك قم ببيعها منا ولكن بتراب الفلوس .. يعني " بيعة سارق " مع أنه ليس سارقاً وإنما طبيب محترم قضى حياته في التحصيل العلمي وفي حياة عملية حافلة بالعرق.
• منزلك في صنعاء غادره وعد إليه فلن تتصل بك عصابة لتقول لك شوف احنا في الفيلا وإذا كنت من المسؤولين سنصادرها ثم يغلقون سماعة التلفون في وجهك .
• أنت في صنعاء ولذلك لا تقلق من أن سيارتك ستجد من يحطمها لأنها تحمل لوحة معدنية برقم يشير إلى منشئك ومحافظتك .. تحرك براحتك ولا تتوجس خيفة من أن هناك من سيهدد حياتك مدفوعاً باعتبار مناطقي لأحد المسكونين بمرض الطائفية المقيتة .
• انزل إلى شارع هائل ستجد اليمن كلها هناك .. اذهب إلى شارع المطاعم جنوب ميدان التحرير ستراه فسيفساء يمنية مكثفة وهايد بارك حرية أطرافها قادمون من الجهات الأصلية والفرعية لليمن.
* وهكذا .. أنت في صنعاء التي تتوزع حاراتها وأحياؤها وشوارعها الرئيسية والخلفية على ممثلين لكل المناطق اليمنية ثم أنت في مساجد صنعاء .. في عاصمة بلادك قبلة العيش دون خوف من جيران مشحونين بالعقد المناطقية .
ضُم .. أو سربل .. اقنت في صلاة الفجر أو اكتفِ بورد ما بعد الصلاة .. أذّن براحتك .. قم إلى ركعتين قبل المغرب أو ادخل مباشرة في الفرض .. حتى صنعاء القديمة فتحت أبوابها لطالبي الله من كل مكان ينافسون على بيع أي شيء وكل شيء من الفضة إلى المدر إلى أمشطة القمل وحتى السراويل .
• لا مجال في صنعاء للفرز المناطقي والجهوي فأنت في مركز الجسد اليمني.. أنت في مكان القلب من الجغرافيا .. أنت في صنعاء المحبة للجميع والحاضنة للكل .. والعز لليمني القادم إليها من أي مكان وتحت أي ظرف .
• ولكل ذلك لا غرابة إن صارت صنعاء المكان المفضل للنازحين حتى من المناطق التي يلاك في أحاديث الصباح والمساء والسهرة بأنها محررة فيما لا تتوقف فيها متواليات التفجير والقتل .. حتى الذين يتقاتلون في مناطق كثيرة لم يقدموا على ذلك إلا بعد أن أرسل الكثير منهم عائلاتهم إلى صنعاء .
• أما الشاهد والخلاصة والماكنزم في ما تقدم من سطور التذكير فهي الحيرة من أولئك الذين يتمنون تدمير صنعاء ويحرضون عليها وهي التي كانت وماتزال وستبقى الحاضن والملجأ رغم ما تتعرض له من شتى صور القصف والتحريض دونما اعتبار لقسوة السؤال ..ما الذي سيحل باليمن واليمنيين لو تعرضت صنعاء لما تعرضت له مدن أخرى .
• لك كل الحب والصبابة والوله يا صنعاء الحضارة والتاريخ وملتقى تجليات الإبداع العاطفي والأخلاقي والإنساني اليمني .