نُهى البدوي
طباعة المقال طباعة المقال
RSS Feed مقالات رأي
RSS Feed
نُهى البدوي
اخلعوا جلباب التعايش السلبي مع الإرهاب
الإرهاب يسرق فرحة العيد من الأمهات
إفطار الموت !

بحث

  
اليمن الجرح النازف والأمل النابض
بقلم/ نُهى البدوي
نشر منذ: 8 سنوات و 9 أشهر و 28 يوماً
الإثنين 25 يناير-كانون الثاني 2016 04:53 م

صدم تصريح اللواء محمد علي المقدشي رئيس اركان الجيش اليمني معظم اليمنيين الذي نشرته صحيفة "الرياض" السعودية" منتصف شهر يناير هذا العام وجاء فيه "أن العمليات العسكرية في مرحلتها ما قبل الأخيرة، ومن المقدر أن تستمر حتى ستة أشهر على أعلى تقدير لتعلن إنتهاءها, خاصة وأن التحالف الذي يعد الجيش اليمني جزءاً منه نجح في استرداد ما يقارب ال70 - 80-% من الأراضي اليمنية " بحسب ما ورد في الصحيفة ؛ وزادت هذه التقديرات من حدة أصوات الألم، ووجع اليمنيين حتى كادت تتجاوز أصوات المدافع والرشاشات الصادرة عن جبهات القتال للأطراف المتحاربة في اليمن، ورغم شدة ألم الضحايا وصيحات المقهورين إلاّ أن الأمل والحلم لوقف الحرب لا زال ينبض في حياتهم ، فهم يتألمون ويحلمون بوقف نزيفها الذي يكبد مجتمعهم الفقير أضرار بشرية واقتصادية كبيرة ، لذا فأن الكل يتسأل متى تضع الحرب أوزارها والوصول إلى مرحلة السلام ومداواة الجرح اليمني النازف ؟
تدخل الحرب الفعلية في اليمن عامها الثاني، وبعد كل هذه الفترة من تفجرها نجد أن المجتمع اليمني لن يجني منها شيء ، غير الألم والمآسي والجراح والدمار والتمزق والتشرد شمالاً وجنوباً، لتتضح بذلك الحقيقة التي يحاول اليمنيون مداراتها وعدم التسليم بها أوالاعتراف بأن الحروب واطالتها لا تبني الأوطان بقدر ما تُدمر الشعوب وتمزق نسيجه الاجتماعي ، وتهدر مقدراتها وتؤسس لواقع أكثر قساوة ومأساوية إذا لم يستفد المجتمع منها كدروس للقبول بالتعايش والأعتراف بالآخر، كما حصل من الحروب الأهلية في أوروبا. وحين نراجع ذواتنا ونلتفت إلى الخلف يتبيّن لنا فظاعة الفعل، وما خلفته الحرب من مأساة إنسانية جراء أستهداف الأطراف المتحاربة للمدنيين الأبرياء وقتلهم بصورة مباشرة وغير مباشرة، كالاطفال فحوالي عشرة ملايين من أطفال اليمن يكابدون الألم والمعاناة ، ووفق منظمة "يونيسف" التي قال ممثّلها في اليمن، جوليان هارنس، إنَّ "القصف المتواصل وقتال الشوارع المستمر، يجعل الأطفال وأسرهم عرضةً لمخاطر العنف والمرض والحرمان".
وأوضح، في بيانه الأخير ، أنَّه "يصعب قياس التأثير المباشر للنزاع على الأطفال، إذ تشير إحصاءات صادرة عن الأمم المتحدة إلى أنَّ 747 طفلاً لقوا حتفهم، في حين أصيب ألف و 108 آخرون منذ آذار العام الماضي، وأنَّ 724 طفلاً أجبروا على الانخراط بشكل أو بآخر في أعمال مسلّحة، وهذا ليس سوى جزء من المأساة، وهو بحدّ ذاته أمر صادم بما فيه الكفاية".
كذلك أشار إلى أنّ "آثار العنف تمتدّ على المدنيين الأبرياء إلى أبعد من ذلك، فالأطفال يشكّلون ما لا يقلّ عن نصف النازحين الذين بلغ عددهم 2.3 مليون شخص، والنصف أيضاً من 19 مليون شخص يكافحون يومياً للحصول على حصصهم من المياه." ووفقا للمنظمة الدوليّة، فإنَّ خطر سوء التغذية الحادّ، والتهابات الجهاز التنفسي، يتهدّد حوالي 1.3 مليون طفل دون سن الخامسة، وهناك مليونا طفل على الأقل باتوا غير قادرين على الذهاب إلى المدرسة.
بالأضافة إلى مئات اليمنيين من مختلف الأعمار التي زهقت أرواحهم بسبب تتدهور الوضع الصحي في معظم المناطق اليمنية حتى تلك التي لم تشهد أية مواجهات مسلحة،وتشير الارقام إن تقريبا 6 آلاف يمني تعرضوا لإعاقة مؤخرا، يستفيدون من خدمات الصندوق في الأشهر التسعة الماضية بحسب تصريحات نشرت في وسائل الإعلام منال المروني المديرة المساعدة لصندوق رعاية وتأهيل المعاقين. وتقدر الأمم المتحدة أن ثلاثة ملايين ذوي الإعاقة في اليمن يواجهون تحديات متزايدة في تلبية أبسط احتياجاتهم. ناهيك عن الآف القتلى والجرحى من طرفي الحرب، وضحايا العنف واعمال الإرهاب بعد إن اتخذت التنظيمات الإرهابية من الحرب موسماً خصباً لها للتكاثر في اليمن، إلى جانب الدمار الذي لحق بالبنى التحتية والاضرار الاقتصادية المختلفة التي طالت كل القطاعات الاقتصادية.
نسمع عن وعود من المجتمع الدولي ودول الجوار، لإعداد خطط لإعادة الإعمارفي اليمن،مرتبطة بمدى نجاح خطة السلام الدولية في هذا البلد الفقير، حيث أعلن مؤخراً تولي أحدى الشركات العالمية إعادة إعمار بعض المدن فيه التي تضررت في الحرب ، ولا خلاف هنا عن قدرة دول الخليج والإيفاء بإلتزاماتها لإعادة إعمار المدن وما دمرته الحرب في اليمن؛ لكن هل سيعود الإنسان اليمني إلى ما كان عليه سابقا وهل ستعود ابتسامة الأطفال وضحكة الكبار، وكيف يمكن أن تُرمم حياة الإنسان والشرخ الاجتماعي الذي أحدثته الحرب في الأسرة اليمنية؟
إن اليمنيون يعيشون واقعاً خطيراً تتجاذبهم فيه مليشيات الحروب وحولتهم إلى وقوداً لاستمرار الحرب، في ظل ظهور تُجار وأمراء الحروب الذين لا يسعدهم إحراز أي تقدم لمساعي السلام التي تقودها دول الجوار ومنظمة الأمم المتحدة لوقف الحرب ونزيف الدم، والاذعان لصوت العقل للانخراط في تسوية جدية لصناعة السلام في اليمن، ولهذا تزداد شهية أُمراء وتجار الحروب في اليمن لإطالتها، والعمل على استمرارها، لأن توقفها يعني لهم قطع الطريق أمام استثمارهم لها واستنزاف دول الجوار وتوظيفها للإثراء السريع ، وبمغالطة متعمده منهم للمجتمع الدولي ودول الإقليم ، وعلينا ان لا نندهش فبعض اليمنيون بارعون في استثمار الأزمات والحروب ثم الإعمار، ولديهم ما يكفي من الخبرة والدهاء في إنتاج وصناعة عوامل التهيئة لممارسة الفساد والإفساد الأمر الذي يزيد من مخاوف اليمنيون البسطاء من انتقال داء الفساد واستثمار الأزمات والحروب إلى حكومات ودول الجوار.
لم يعد مقبولاً موقف المواطن اليمني، الذي أصبح مسلوب الإرادة، ينتظر ويتألم ما سيأتي به الآخرون اليه، ويتطلع إلى غدا مشرق، ويحلم بإنهاء دوامة الحرب والعنف التي حولت مجتمعه إلى واقع مأساوي تزداد مرارته باستمرارها، لكن برايي أن الأحلام وحدها فقط لا تكفي لتحقيق شيء، ولن تتوقف الحرب ولن يندمل الجرح النازف في اليمن، إلا عند تخلي اليمنيين أنفسهم عن ثقافة العنف ورفض الآخر، والتحرر من الولاءات والهيمنة الفردية ، والإنجرار خلف الأفراد والمليشيات المسلحة مهما كانت تبعيتها، ومنع المواطن البسيط أن يكون وقوداً للصراعات والحروب، أو الإنجرار اليها مهما كانت الظروف. علينا الالتفات إلى الخلف لمراجعة حساباتنا لنرى ماذا جنى المجتمع اليمني من الحرب وننظر إلى حال أُسر الأف القتلى والجرحى والأرامل والايتام والمعاقين، وإلى وطناً ينهار أمامنا لا نستطيع وقف نزيف جراحه، واصبحت تتعالى فيه أصوات الألم الممزوجه بنبض الأمل لنبكيه، كما بكينا في الأمس فلذات أكبادنا الذين يقتلون أمام أعيننا بآلة الحرب والإرهاب معاً.

n.albadwi2013@hotmail.com

 
Share |
عودة إلى مقالات رأي
مقالات رأي
كاتب/ماهر إبراهيم جعوان
رهن الاعتقال
كاتب/ماهر إبراهيم جعوان
كاتب/حميد منصور القطواني
للحراك:هل تذكرون نصيحتي لكم أن ..( شرعية هادي والقاعدة ليست القضية الجنوبية)
كاتب/حميد منصور القطواني
كاتب/عبدالله الصعفاني
صنعاء .. ومضة الخيال ووجع السؤال!!
كاتب/عبدالله الصعفاني
دكتور/عبدالعزيز المقالح
ماذا تبقى من هذه المنظمة الدولية ؟
دكتور/عبدالعزيز المقالح
كاتبة/نُهى البدوي
عدن تصنع نصراً مفخخاً بالقاعدة وداعش
كاتبة/نُهى البدوي
دكتور/عبدالعزيز المقالح
عواقب تغييب الوعي
دكتور/عبدالعزيز المقالح
الـمـزيـد
جميع الحقوق محفوظة © 2012-2024 وفاق برس
برنامج أدرلي الإصدار 7.2، أحد برمجيات منظومة رواسي لتقنية المعلومات والإعلام - خبراء البرمجيات الذكية