عبدالملك المعلمي
طباعة المقال طباعة المقال
RSS Feed مقالات رأي
RSS Feed
بحث

  
الراحل الخالد
بقلم/ عبدالملك المعلمي
نشر منذ: 8 سنوات و 4 أشهر و 13 يوماً
الجمعة 11 ديسمبر-كانون الأول 2015 10:52 ص

ياالهي رحل نبراس اليمن في الليلة الظلماء
اه كم هي خسارتنا برحيلك
كيف سنجتاز هذا الدجى الذي خيم على الوطن دون نور بصيرتك ؟
متى سيعم السلام وقد غادرتنا
يا ايقونة الوئام ورائد السلام؟
وحامل الهم اليمني الى عواصم الكون لقد خسرك الوطن وكل قواه السياسية حتى من اختلفت معهم .
يالها من خساره انها خساره لا تعوض في هذا الزمن الرديء .
ايها الراحل الخالد ستعم العتمة وطني برحيلك لانك القاسم المشترك بين كل الفرقاء .
من اين نستمد الحكمة بعد توقف نبضك واغلاق منزلك الذي كان قبلة يقصدها (الباحثون) (والمتطلعون )- وبشكل يومي - عن الرأي والنصيحة واستلهام الحكمة والمتطلعين لاستشراف مستقبل بلدهم من خلالك وما تحمل من رؤى ومبادئ للبناء .
لقد كان منزلك ومثله قلبك اليمني الكبير محرابا لكل رجال الدولة والادب والثقافة والفن والابداع والسياسة والادارة ورجال الاعمال والصحافة وقادة الرأي ومنظمات المجتمع المدني والمؤرخين ووجهاء اليمن والأكاديميين والقضاة والدبلوماسيين اليمنيين والاقتصاديين من اليمنيين والعرب والاجانب.
وطالبي العون واصحاب المقترحات والآراء الداعمة لتطوير وبناء الدوله او تنظيم المؤتمر بمختلف مشاربهم وتوجهاتهم ومبادئهم واهدافهم ومستوياتهم لكل الباحثين عن التجديد او الافادة من عبر التاريخ والانجازات الانسانية.

وكنت ايها الراحل عنا بجسدك الطاهر ، الخالد بيننا وفي نفوسنا وضمائرنا كريما مع كل المريدين كاسمك تتعامل مع كل تلك الفئات والمستويات بتواضع جم ورحابة صدر رغم زحمة برنامجك اليومي الذي يبدأ باكرا وحتى بعد منتصف الليل لكثرة الزائرين والمريدين وازدحام اجندتك ومشاغلك ومسؤولياتك الحكومية والتنظيمية .
وبالرغم من تنوع وكثره المريدين. كان يشعر كل واحد منهم انه الشخص الوحيد الذي التقيته رغم اكتظاظ ردهات منزلك بهم ، بسبب ما اوليته من اهتمام وبشاشة في الاستقبال وكأنك كنت تنتظر تلك المقابلة وتحضر لها ساعات او ايام.

ايها المريدون المحبون لفقيدنا

ان محاولتي كتابة هذه العبارات البسيطة عن فقيد الوطن الراحل الكبير احاول من خلالها ان اساهم في رسم احد ملامح شخصيته القيادية المتميزة، من خلال قربي منه وعملي الحكومي معه او التنظيمي .. فقد كان رغم مشاغله بشوشا ودودا الى ابعد الحدود .
نشطا عالما فقيها متفننا في مجالات عده بل ومتفوقا في كل فن يطرح عليه سريع البديهه يضيف الى مايسمع ،بل يصوب ما يطرح عليه بلباقة غير منفره وتواضع غير متكلف وثقة العارف المتيقن .
عرفته متحمسا لكل تجديد داعما ومدافعا عن كل جهد ايجابي بناء أين كان مصدره دون اي حسابات صغيره.
كان أثنا حديثه مع الاخرين يؤصله برأي فقهي او نظريه علميه او حادثه تاريخيه واحيانا يستعين بالشعر او بتجربة انسانيه ولا يتردد في مزج كل ذلك بالنكتة الهادفة واللاذعة لإيصال رسالته ببراعة وحنكه او لتلطيف الجو اذا لزم الحال.
لا تنقصه الشجاعة في طرح رايه مدافعا عنه بثقة وايمان ودبلوماسيه رفيعة لا ينقصها الوضوح والجرأة صافي الذهن نقي السريرة.
كان رحمة الله تغشاه شديد الاخلاص لبلده متفانيا الى حد التضحية زاهدا في السلطة ، لا يعير مستقبله السياسي كبير اهتمام عندما يصل بحاسته وخبرته وحكمته الى قناعة انه لا مناص من اتخاذ قرارات صعبه فيها مصلحه عامه وعائد مستقبلي للوطن فكان يردد
(( ليذهب المنصب ويبقى استقرار البلد فانا مستعد في سبيل المصلحة العامة ان انهي مستقبلي السياسي)) .. وكان زاهدا في استمراره في العمل الحكومي والتنظيمي.
فهو صاحب مقولة ( رحم الله امرئ عرف قدر عمره ).
برحيل الدكتور الارياني الذي مثل فاجعة لنا شعرنا وشعر الجميع بالفراغ الذي تركه المغفور له بإذن الله .. حيث كان بارعا في ادا ة الدولة في مختلف مناحيها ، صائب الرؤى شديد الوضوح بمتطلبات الانطلاق والتطور مدركا للمثبطات والعوائق متعاملا معها بواقعية وتوازن .
ومن العسير بل ومن المستحيل ان اتناول انجازاته الملموسة وصفاته الحميدة في سطور ومن المهم ان يشكل فريق يتولى جمع كلما يتصل به ليخرج للناس بعمل يحكي سفره الخالد وتتمكن الاجيال القادمة من تداوله .
وسوف اقف في محطة واحده من محطاته العديدة لتناول احدى خصاله التي ابهرتني وهي مهاراته التي لا تجارى في ادارة وقته ومسؤلياته وصداقاته ايضا بدقة في التنظيم والتوازن السلس.
فبالرغم من كثرة التزاماته تجد امامه على مكتبه وفي مكتبته امهات الكتب واحدث الاصدارات ، و كلما يتصل بالشان اليمني من مقالات وتحليلات ومقترحات ارسلت اليه بمختلف وسائل الاتصال من مصادر محليه ودوليه عده ، وان ما يفاجئك بحق انه اطلع عليها وحللها وكتب ملاحظاته حولها.

ليس هذا فقط بل تجد على مكتبه احدث اصدارات الكتب باللغتين الانجليزية والعربية ومن كرمه اذا سالته يعطيك ملخصا سريعا عن مضمون هذا الكتاب او ذاك ولا يبخل عليك بعرض رايه و خلفيه عن دوافع ما ذهب اليه المؤلف وكذا بعض المقارنات بين الكتب التي تناولت نفس الموضوع .
واتذكر في احدى زياراتي له وانا سفيرا لليمن لدى جمهورية الصين الشعبية اصدار الاخ الباحث والمؤلف الاستاذ شايف علي الحسني كتابه عن الصين وجدت الراحل يناقش مؤلف الكتاب بادق التفاصيل والتواريخ التي تغيب عن كثير من المختصين والباحثين في الشؤن الصينية .
كان رحمه الله شعلة متوهجة لا تنطفئ فهو يتابع التلفاز ويسمع الموسيقى ويرد على كل من طلبه على هاتف منزله دون ضجر .
انه شخصية مذهله شديد البساطة في تعامله مع الجميع شديد الثقه بفريق عمله يخدم كل زائريه في منزله بتواضع وحميميه دافئة انه النموذج الاروع للانسان اليمني الاصيل .
كان مدرسة في التعامل وقدوه في الانضباط واخ يتمتع بكل قيم الوفاء ينصح ويعلم كل من حظي بالعمل معه ولا يمن على احد ابدا او يتعالى مهما كان هذا الاحد بسيطا ، او متواضعا في مستواه لانه كان يؤمن ان ذلك الشخص كان يمكن ان يكون مبدعا ومتفوقا لو كان واقعنا اليمني اتاح له فرص التعلم والاستنارة ، كما هو متاح لبقية البشر .

انا وغيري تعلمنا منه الكثير انه نهر عظيم من المودة والانسانية والعلم والقيم والحداثة ، لا يتردد ابدا في مساعدة المحتاجين ونجدتهم .
انه بحق ايقونة المدنيه وعنوان اليمن المتطلع للمستقبل والمتحفز لتغيير الواقع.

كان لي معه الكثير من المواقف سوف اشير الى موقفين منها فقط وهما :
اثناء توليه منصب الامين العام للمؤتمر الشعبي العام تم استحداث تكوين اللجنة الفنية المعنية بالانتخابات ضمن الهيكلية التنظيمية للمؤتمر ، واسند لفريق من الشباب الرائعين مهمة التحضير للانتخابات وادارتها تشرفت برئاسة ذلك الفريق وكنت مع الزملاء اعد له تقارير يوميه او دوريه لعرضها على اجتماعات قيادة المؤتمر.
كان يحرص ان يطلع عليها قبل عرضها على الاجتماع ، ويعيدها لي لاعدادها بشكلها النهائي وقد اضاف الى محتوى تلك التقارير واغناها بالمضامين الهامه والملاحظات الجوهرية التي غابت عنىى كفريق يضم عدد من المختصين المتفرغين لهذا العمل ،، وكان هذا العمل يجهده ويأخذ من وقته الكثير لكنه يقوم بذلك برحابة صدر دون ان يشعرنا بالتقصير مهما بذل من جهد التصويب والاضافات .. هذه هي اخلاق الراحل الخالد و القائد النبيل جم التواضع.
اما في ايام الانتخابات فكان لي معه مواقف ومحطات عديده تعلمت منها الكثير، فكنت كل يوم على موعد معه بعد ان ينتهي من مهامه المتعددة الفعاليات والمقابلات والانشطة والاجتماعات الحكومية والتنظيمية التي يجريها في يومه الطويل حيث يخصص وقتا للجلوس معه وتقديم تلخيصا عن احداث ذلك اليوم وترتيب انشطة اليوم التالي واستمد منه التوجيهات والاعتماد لتلك البرامج .
وكان غالبا ما يتم ذلك بعد منتصف الليل وهو يتناول الطعام واقول له ماذا تعمل يا دكتور الان و يرد ضاحكا اتناول وجبة العشاء ، فأقول ان هذه هي وجبة السحور نضحك معا واطلقنا فيما بيننا على تلك الوجبة اسم ((العشور)) اي جمع كلمتي العشاء والسحور .
ولا انسى انني كنت في كثير من الاوقات شديد الانفعال وحاد المزاج اثناء بعض الاجتماعات ومناقشة بعض الامور التنظيمية او الحكومية ،، الامر الذي يجعل بعض الاصدقاء يبدي ملاحظات على اسلوبي بالقول .. لقد كان مزاجك حادا في هذا الاجتماع ولا يجب ان تتحدث مع الدكتور بذلك الاسلوب مهما كنت مصيبا حينها اشعر فعلا بالخجل واعقد العزم على الاعتذار اليه في اول فرصه اراه فيها .
لكنه كان يقابلني بترحاب كاننا لم نلتقي منذ زمن ويستقبلني بنفس البشاشه والحميميه وسمو القائد الواثق ورحابة صدر المعلم المتفاني.
هكذا هي سجية الراحل الكبير مع الجميع يتقبل الخلاف في الرائ بروح عاليه وسمو اخلاق .
انه الشخص الاسطوري الذي يستحيل ان ارسم صورة عنه بهذه الكمات المتواضعة البسيطة امام العملاق الراحل .
انني اعجز عن التعبير عن شخصيته الفذة النادرة التي لن تعوض شخصية.
افتقدها اليمن في اشد لحظات الحاجه لحكمته ،حيث ارتقى الى جوار ربه بعد ان توقف قلبه الكبير العامر بحب وطنه.
حينما ادرك انه عاجز عن اخراج اليمن من محنته وماساته كما كان يفعل في مراحل ومواقف سابقه سوف يدونها التاريخ له باحرف من نور اتمنى ان تتعلم الاجيال وتنهل من مآثره الوطنية النابعة من عشقه لليمن ارضا وانسانا .

وامام هذه الصدمه والخساره .
لا يسعني الا التعبير عن حزني العميق .واسفي الشديد لفقدان هذه القامه الوطنيه السامقه ، والاستسلام لقضاء الله وقدره وتقبل هذا المصاب الجلل بصبر وجلد وامتثال لارادة الله الذي لايحمد على مكروه سواه .

و ادعو له بالرحمه والمغفره.
ولا اجد حيلة للمشاركه في اربعينية الراحل كواجب وطني في المقام الاول وعرفانا له سوى كتابة هذه الاسطر كتعبير عن صادق التعازي وعظيم المواساة لأبنائه ، وجميع افراد اسرته وفي المقدمة شقيقه استاذنا الشاعر والمؤرخ والباحث الكبير مطهر ابن علي الارياني اطال الله في عمره.
والى كافة ال الارياني الكرام وجميع محبيه ومريديه واصدقائه وتلامذته وكل ابناء اليمن واقول لهم عظم الله اجر الجميع ورحم الله فقيد الوطن واسكنه فسيح جنانه انه على ما يشاء قدير

حسبنا الله ونعم الوكيل
انا لله وانا اليه راجعون

  
Share |
عودة إلى مقالات رأي
مقالات رأي
دكتور/عبدالعزيز المقالح
عواقب تغييب الوعي
دكتور/عبدالعزيز المقالح
كاتبة/نُهى البدوي
عدن تصنع نصراً مفخخاً بالقاعدة وداعش
كاتبة/نُهى البدوي
دكتور/عبدالعزيز المقالح
ماذا تبقى من هذه المنظمة الدولية ؟
دكتور/عبدالعزيز المقالح
كاتب/عبدالمؤمن الزيلعي
النهضة التي نريد ؟!!
كاتب/عبدالمؤمن الزيلعي
كاتبة/نُهى البدوي
القاعدة و داعش سلاح التدمير الشامل للدول الإسلامية
كاتبة/نُهى البدوي
كاتب/عبدالمؤمن الزيلعي
أصوات العلمانية تستغل الصراع في اليمن ؟!!
كاتب/عبدالمؤمن الزيلعي
الـمـزيـد
جميع الحقوق محفوظة © 2012-2024 وفاق برس
برنامج أدرلي الإصدار 7.2، أحد برمجيات منظومة رواسي لتقنية المعلومات والإعلام - خبراء البرمجيات الذكية