ذلك الشاب الرائع, للتو كان قد دبر أموره, والتحق بوظيفة في شركة خاصة بعد أن (كرهت نفسي في الحصول عليها), وذهب بعد أشهر إلى البنك واقترض مبلغا ليكمل نصفه الآخر كما يقولون, ومن راتبه بدأ يسدد القسط الشهري, ويقوم بعمله على خير وجه, والأمور تسير سيرا حسنا, حتى فرض الظرف الحالي نفسه, ظل يذهب إلى عمله, ومن دباب إلى دباب يظل يتنقل, ولا يشكو ولا يتبرم, لقمة العيش تشتي تعب, لا بأس, يعجبني فيه أنه ظل يتحدث عن الظروف التي تمر بها شركته, والمصاعب التي تعانيها, وهي لفتة مشاركة جيدة أن يحس الموظف بأحوال شركته, ذلك يخلق جواً من ألفة عمل جيدة نفتقده في العلاقة بين الموظف ورب العمل, هو أمر مفقود في الإدارة اليمنية, ظل يقاوم تدهور حالة المواصلات, وغياب الزبائن, وعمل بكل ما يستطيع ليوفق بين واجبه, وما تحتمه عليه الظروف, عينه على حياة شخصية قادمة, يتخيلها موفقة طالما وهو يسدد قسط البنك, حتى إذا جاء ذلك الصباح , ذهب إلى الشركة, عاد, ولكن مكسور الظهر, فقد قال له المدير: إجازه مفتوحة بدون راتب, دار رأسه: كيف؟ تعليمات, سنتصل بك, طيب, كيف, نتفاهم, أنا, ماذا أعمل, خرج لا يلوي على شيء, جاء إليّ وقد أسودت الدنيا في عينيه, طيب على الأقل بالتدريج.. حسسوني بأني دخيل ولست موظفا رسميا, فقد قالوها لي ببرود يفلق الحجر!!, أنا أعلم أن الوضع سيئ بالنسبة للشركه, لكن وضعي سيكون أسوأ, لا أريد أن آكل ولا أشرب, فقط أشتي قسط البنك, هل علي الآن أن أسدد من القرض, لاكتشف في النهاية أنني أغبى إنسان على وجه الأرض!!, أو العن الظرف الحالي من كان سبب فقداني وظيفتي, طيب على الأقل تقدّر الشركة ظرفي , تعطيني حتى راتبي, وتعيد خصمه علي بالتقسيط, مش مشكلة أن نعيش مستقبلا بالتقسيط , خلاص كما قال لا أريد زواجا ولا حياة زوجية, عليّ أن أسدد وبعدين عليّ أن ابدأ التفكير للحصول على قرض آخر, هذا إذا عادت الوظيفة!!, ماذا أفعل الآن؟ تساءل وهو السؤال الذي يرتسم بفزع على وجوه من فقدو أعمالهم, من للعمال المياومة, الذين لا أحد ينذرهم مقدما بإجازة بدون راتب ومفتوحة!!, من يقذفون بأنفسهم إلى الشوارع على باب الله!!, من لهؤلاء, وبالنسبة للشاب, ماذا لو أن الشركات الكبيرة تخصم شهريا من الراتب وتجنبها حتى إذا ما فرض ظرف كالحالي نفسه, صرفت حتى نصف راتب, ليعيش الناس وفي الحد الأدنى؟؟ ماذا لو؟, الآن عشرات بل مئات يفقدون وظائفهم, أما الذين على كشوفات الخدمة, فلينسوا الأمر برمته!!, السؤال القاسي: هل يفكر أحد أي أحد بمشكلة هذا الشاب ويقول له ماذا يفعل؟ أخشى أن يكبر طابور التطرف كما يقولون ونحن نبني أوهاما في الهواء!!, إلا بلغت اللهم فاشهد....