يرتكب المشترك خطأً تاريخياً فادحاً بتبنيه خيار "المجلس الرئاسي" ضد "البرلمان"، وهو الخطأ الذي ينضم لسلسلة أخطائه منذ 2011. لكن هذا الخطأ سيكون فادحاً لأنه من ناحية يؤشر على أن المشترك لم يتعلم من أخطائه السابقة، ولأنه من ناحية أخرى سيحشر المشترك في خانة شركاء الحوثي في إنقلابه الميليشاوي الشامل على الدولة.
"المجلس الرئاسي" يشكل عنواناً لإنقلاب مزدوج على سلطتين من سلطات الدولة اليمنية الثلاث: مؤسسة الرئاسة التي تشكل قمة هرم السلطة التنفيذية ومؤسسة البرلمان التي تشكل السلطة التشريعية. كما يشكل عنواناً لإنقلاب ثلاثي الأضلاع على الدستور، واتفاقيتي المبادرة الخليجية والسلم والشراكة اللتين وقع عليهما المشترك. لكن، وفي حين يأتي هذا المجلس كثمرة لمسار إنقلابي متكامل ومدروس وواضح بالنسبة للحوثي، فإن تبني المشترك له لايبدو سوى ثمرة لغبائه السياسي.
مهما كانت مواقف المشترك من البرلمان ومآخذه عليه صحيحة، إلا أن هذا لايعني أن تبنيه خيار "المجلس الرئاسي" موقف صحيح. وإذا كان المشترك يعتبر تأييده للبرلمان خطأً، فإن تأييده للمجلس الرئاسي خطأ مضاعف وفادح، وهو ماسيكتشفه قادة المشترك لاحقاً بعد أن يصبحوا شركاء للحوثي في انقلابه الميليشاوي على الدولة.
واضح أن قادة المشترك لايدركون خطورة تبنيهم خيار "المجلس الرئاسي" ضد "البرلمان" بعد كل الخطوات الإنقلابية التي قام بها الحوثي. وحين يقول الحوثي إن البرلمان غير شرعي، فهذا مفهوم لأنه لايؤمن بشرعية كل مؤسسات الدولة اليمنية ولأن لديه مشروعاً إنقلابياً متكاملاً. أما حين يقولها المشترك، فما نفهمه فقط هو أن المشترك لايفهم.
المشترك، كما يبدو، لم يدرك بعد معنى وخطورة اللحظة التاريخية التي يمر بها البلد، ولم يدرك بعد أنه أمام ميليشيا تلتهم الدولة بكل معسكراتها ومؤسساتها وسلطاتها، وأن هذه الميليشيا بعد التهامها مؤسسات وسلطات الدولة ستلتهم الأحزاب وتقضي عليها. ولذا، مايزال يشخصن السياسة ويشخصن الدولة:
المشترك يتهرَّب من الوقوف بجانب المؤتمر لأنه يعتبره تابعاً لصالح. لكنْ، حتى لو افترضنا أن المشترك محقّ في عدم وقوفه بجانب المؤتمر (الذي يشترك معه في المصير السياسي والوجودي كحزب)، فهل يعني هذا أنه محق في وقوفه بجانب الميليشيا، وفي لحظة انقلابها على الدولة كاملة؟ النتيجة هي أن المشترك يتهرَّب من الوقوف بجانب المؤتمر (الحزب) كي لايضع يده في يد صالح، لكنه في النهاية يضع نفسه في "حِدْف" الحوثي (الميليشيا)!
والمشترك يرفض خيار البرلمان الذي يعتبره تابعاً لصالح، من أجل ماذا؟ لكي يؤيد خيار "المجلس الرئاسي" الذي يشكل خطوة مهمة وخطيرة في إنقلاب ميليشيا الحوثي على الدولة!
مهما كانت الاختلافات بين أحزاب المشترك وحزب المؤتمر إلا أنها لاتضاهي إختلافاتها الجوهرية مع الميليشيا. ومهما تحدثنا عن لاشرعية البرلمان، إلا أنه يظل شرعياً أكثر من الميليشيا التي تضع الآن لمساتها الأخيرة على انقلابها الشامل على الدولة.
وفي النهاية، على المشترك التراجع عن تبني خيار "المجلس الرئاسي" ضد "البرلمان" ليس من أجل إنقاذ ماتبقى لليمنيين من دولة وإنما أيضاً لإنقاذ سمعته التاريخية من فضيحتين: من فضيحة مشاركته في إنقلاب ميليشاوي على الدولة ومؤسساتها، ومن فضيحة مشاركته في انقلاب ميليشاوي على نفسه. فالميليشيا بعد انقلابها وتقويضها للدولة ومؤسساتها ستنقلب على الأحزاب وتقوضها لامحالة.