أولى القمم في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ضمت إلى جانب المليك أهم قادة العالم وأكثرهم تاثيراً على الأوضاع في الكرة الأرضية.
الرئيس أوباما اتفقت معه أو اختلفت فهو القائد الأعلى للسياسة الدولية، وبالتالي أن يقطع زيارته الرسمية إلى الهند ويتوجه إلى الرياض، فهذا عمل استثنائي من الرئيس الأمريكي الذي لا يتحرك وفق عواطف معينة، ولا لمجاملة بلد ما، بل هو يتبع خطاً يرسم أهمية تحركه، فكل تصرف له يؤثر على مجمل الأحداث الدولية، وبما أن المعروف من الإدارة الأمريكية منذ وقت طويل أنه لا يشارك رؤساؤها في زيارات التعزية، فهذه مهمة دائماً تُناط بنائب الرئيس، إلا أن الرئيس أوباما لم يكتفِ بأن يحرص على التعزية بنفسه في خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - رحمه الله - بعد أن أجرى العديد من الاتصالات الهاتفية بخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله - ووصف الراحل الفقيد بكلمات كشفت المدى الكبير الذي يكنه أوباما من تقدير واحترام للملك عبدالله، والذي قال عنه إنه كان حريصاً على سماع آرائه التي تتميز بالصدق والصراحة والبعد في استشراف المستقبل. لم يكتف بهذا بل قطع زيارته الرسمية وحضر إلى الرياض على رأس وفد كبير ضم ثلاثين من كبار النخبة السياسية المميزة لصناع القرار في أمريكا من الحزبين الكبيرين الجمهوري والديمقراطي. وزيارة أوباما لتقديم واجب العزاء لم تحصل قبل هذا إلا مرة واحدة حينما حضر إلى جنوب أفريقيا للتعزية في بطل التحرير الأفريقي نلسون مانديلا.
ولكن، ورغم كل هذه الأهمية البرتكولية المميزة التي خص بها المملكة العربية السعودية وحملت أبعاداً كثيرة من تقدير للراحل الفقيد وللملك سلمان بن عبدالعزيز وشعب المملكة العربية السعودية، إلا أن الزيارة حملت أبعاداً أخرى مهمة جداً، إذ عززت الشراكة الإستراتيجية بين البلدين، كما لاحظ المتابعون للزيارة أن الرئيس أوباما حرص على إشراك أهم القادة السياسيين الأمريكيين من الذين يسهمون في صنع القرار في أمريكا من كلا الحزبين، فضم الوفد الوزير المخضرم والخبير جيمس بيكر، إضافة إلى العديد من مستشاري الأمن القومي الذين عملوا في الإدارات الأمريكية في عهود الرؤساء الأمريكيين السابقين، بالإضافة إلى عدد من السانتورات الحاليين من الحزبين الجمهوري والديمقراطي.
وقد لاحظ المتابعون للزيارة أن الملك سلمان بن عبدالعزيز والرئيس الأمريكي أوباما انخرطا بعد وصول الرئيس للرياض مباشرة في مباحثات مكثفة استمرت ساعات عدة، وكانت ملفات مكافحة الإرهاب، ومحاصرة الأعمال الإرهابية لداعش وغيرها من المنظمات الإرهابية، إضافة إلى بحث وضع النظام الإيراني وإصراره على تصدير الإرهاب إلى الدول المجاورة وتأثير ذلك على سعيه إلى تصنيع الأسلحة النووية، ولهذا فإن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - لا شك - بأنه نقل للرئيس أوباما حرص المملكة والمنطقة العربية بل وحتى العالم على أن لا يتم عقد اتفاق سيئ مع نظام لا يحترم المواثيق والعهود، وأن إفشال خططه في تصنيع أسلحة نووية عمل يجنب المنطقة والعالم أجمع مخاطر لتهديد السلام والأمن الدوليين. كما أن المباحثات التي استمرت لفترة طويلة قد تناولت الأوضاع المتردية في أكثر من بلد عربي وبالذات في سوريا ولبنان والعراق واليمن، وكل هذا بسبب التدخلات الإرهابية لنظام إيران في الدول العربية المجاورة. طبعاً لابد وأن المباحثات قد تناولت الأوضاع الاقتصادية الدولية والإسهام الإيجابي للمملكة في استقرار هذه الأوضاع ودفع اقتصاديات العالم للنمو.
عموماً زيارة ومباحثات الرئيس أوباما للرياض كأول القمم المهمة في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز تعزز وتؤكد مكانة المملكة كدولة محورية في السياسة الدولية، وكلاعب رئيس على هذه الساحة وليس فقط دورها الرئيس الإقليمي والعربي والإسلامي.