كان الوصول لا تفاق السلم والشراكة خطوة جيدة ومميزة ويمكن من خلال تنفيذ بنودها وضع البلد على المسار الصحيح الذي يمكن معه المضي الى الأمام و الخروج من الوضع الانتقالي الحالي والسماح بشغل مختلف الأوعية في البلد عن طريق عمليات ديمقراطية و سياسية طبيعية .
كان السياسيون قد توصلوا الى اتفاق السلم والشراكة على خلفية الأحداث التي شهدها البلد في ال 2014 م , ولكن ما لم يتنبهوا له بعد ال 21 من سبتمبر 2014م هو انه لم يكن اتفاق السلم والشراكة هو الذي حسم الموقف حينها وانما كان الحدث قد سبق العمل السياسي وانتهاء الحدث بالحسم العسكري في ذلك التاريخ .
هذا الحسم العسكري الذي تم في ال21 من سبتمبر ترتب عليه قيام حالات خاصة وجدت كواقع لم تكن أخذت في الاعتبار عند التفاوض والتوقيع على اتفاق السلم والشراكة وكانت هذه الحالات هي منطلق لأقدام الأطراف الموقعة على الاتفاق على خطوات مثلت خرقا للاتفاق وأدخلت المكونات السياسية في حالة من تقاذف المسئولية وضعت البلد أمام أزمة جديدة ربما هي الأخطر عليه وعلى مستقبله منذ العام 2011م .
حالة الانفلات الأمني التي صاحبت الحدث في ال 12 من سبتمبر فرضت واقعا تطلب وجود لجان شعبية لحفظ الأمن من جهة ولملاحقة عناصر الإرهاب التي كان يخشى من تنفيذ ما توعدت به كرد فعل على الإطاحة بقوى النفوذ في ذلك التاريخ .
حالة وجود معسكرات نفوذي كانت خاضعة لقوى النفوذ وليس لوزارة الدفاع فرضت ان يقوم انصارالله بسحب آلياتها وعتادها لتحريزها باعتبار بقائها في أيدي القيادات التابعة لقوى النفوذ يمثل خطرا وقد يتسبب في مواجهات جديدة وقد تتسرب من أيدي الجميع نتيجة الوضع الذي ساد حينها .
حالة الحسم بالقوة للحدث مع عدم تغير اي شي في مؤسسات وأجهزة الدولة جعل التخوف من تحول قوى النفوذ عبر جيوبها وشبكاتها وعلاقاتها في تلك المؤسسات والأجهزة الى الانتقام بضرب ما تبقى من بنية الدولة و اقتصادها ومواردها المتبقية ونحوه ما تطلب قيام لجان رقابة ثورية للحد من وقوع ذلك قدر الإمكان .
بانتهاء الحدث بدأ فخامة الرئيس هادي في مطالبة انصارالله برفع لجانهم الشعبية ووقف توسعها ووقف عمل لجان الرقابة الثورية وتسليم أسلحة الدولة المأخوذة من معسكرات النفوذ واعتبر عدم التنفيذ الفوري لذلك خرقا لاتفاق السلم والشراكة , وأنصار الله بدورهم لم يكن من الممكن لهم تنفيذ تلك الطلبات فورا للاعتبارات السابقة ودون ان يبدوا استعدادهم واضحا لتلبيتها فور معالجة تلك الاعتبارات , وتبعا لذلك وجدت حالة احتقان بين هادي وأنصار الله ترتب عليها الهجوم الحاد من هادي على انصارالله ورد انصارلله بالتوسيع و التأكيد على قيام تلك اللجان وعلى نفس آليتها في العمل وبدأت حالة من تقاذف المسئولية تطورت وتعقدت ووصول الى قيام هذه الأزمة الحادة التي نراوح في ضلها .
يراوح البلد اخطر أزمة في ضل أفضل فرصة تهيأت له للتغيير بعد الإطاحة بقوى النفوذ التي كانت تمثل العائق الرئيسي أمام المضي لأي تغيير حقيقي في البلد , واتفاق السلم والشراكة لا يزال مثاليا لعبور البلد هذه المرحلة ولكن التزام الأطراف بتنفيذه أصبح يتطلب تهيئة على الواقع تسمح لكل الأطراف بتنفيذ التزاماته في الاتفاق دون اي مخاوف , وبعبارة أخرى مطلوب معالجات خاصة للأوضاع الخاصة التي وجدت نتيجة الحسم العسكري للحدث في ال 21 سبتمبر ولمضاعفاتها .
بناء على ما سبق أضع الحل المقترح التالي باسم جهاز الرصد الديمقراطي سيرا على ذات النهج الذي حاول به الجهاز ان يساهم في حل أزمات سابقة من خلال مبادرتيه السابقتين , الأولى الواردة في المقال " هذا هو المخرج ان أردتم مخرجا " والثانية الواردة في مقال " مبادرة فخامة الرئيس يجب ان تطور " وهما مقترحين نشرا في الكثير من وسائل الإعلام واسهما بقدر ما في التقريب بين المكونات السياسية والوصول لاتفاق السلم والشراكة , ويتمثل هذا الحل المقترح في الأتي : -
اولا - يطلب من اللجنة الاقتصادية ان تعد فورا مصفوفة تأهيل وتفعيل لأجهزة الرقابة المختلفة تتضمن التعيينات و الرفد بالخبرات والكفاءات و الكوادر اللازمة و غير ذلك من الإجراءات والدور و المواصفات والمهام الاستثنائية والتقارير ونحوه مما يضمن نقل مستوى عمل أجهزة الدولة الرقابية الى المستوى المطلوب للمرحلة , وترفع المصفوفة لفخامة الرئيس ولدولة رئيس الوزراء لإصدار القرارات و التوجيهات بتنفيذها على واقع تلك الأجهزة , وبالمقابل يتوقف أنصار الله عن آلية الرقابة الثورية المتبعة حاليا .
ثانيا - يوجه رئيس الجمهورية وزارة الدفاع والداخلية بإعداد مقترح بالمعالجات المطلوبة العاجلة في أجهزة الجيش والأمن والتي تضمن مجاوزة هذه الأجهزة لحالتها الراهنة , ويأخذ المقترح في الاعتبار استيعاب ما يمكن حاليا استيعابه من مخرجات الحوار المتعلقة بالجيش والأمن وكذلك مرعيات التوجه المباشر لمحاربة الإرهاب , وترفع اللجنة مقترحها - متضمن المعالجات في القيادات او التشكيل او الانتشار او استيعاب مختلف القوى وفق مخرجات الحوار الوطني وغيره مما يلزم - وذلك لرئيس الجمهورية لتدارسه مع مستشاريه وبعد التوافق عليه يصدر فخامة الرئيس قراراته و توجيهاته بالتنفيذ على واقع المؤسستين , وبالمقابل يقوم أنصار الله بالتوقف عن أليه اللجان الشعبية الحالي وتسليم الدور كاملا لأجهزة الأمن والجيش و يسلم أنصار الله الأسلحة التي حرزوها في أحداث 21 سبتمبر 2014 م .
ثالثا - تشكل اللجنة المشتركة لحل اي خلاف المتفق عليها في اتفاق السلم والشراكة وتتولى الوقوف على برنامج الحكومة وتقرر ما يتم بشأنه من القبول به كما هو او اي تعديلات او إضافات عليه وتطرح التعديلات والإضافات ان وجدت على مجلس النواب لنيل ثقته عليها .
رابعا - يصدر رئيس الوزراء قرارا تكميليا يضيف عدد من الاكاديمين و الخبراء الاقتصاديين والماليين والإداريين من خارج الوزارات و المعروفين بالمهنية والحياد وذلك للجنة الاقتصادية لكسر طابعها الحكومي الغالب حاليا ويراعي ان يتم هذا الأمر قبل انجاز البند أولا من هذا المقترح .
خامسا - يراعي رئيس الجمهورية في اي قرارات تعيينات قادمة ان تصدر بأسماء تتوفر فيها صفة الكفاءات والنزاهة وان تكون في الغالب بأسماء جديدة من غير الذين تولوا مواقع المسئولية في المراحل السابقة .
سادسا - تخاطب الحكومة كل من الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن و مجلس التعاون الخليجي ودولة الإمارات المتحدة ومجلس الأمن بأنه قد تم معالجة مختلف الاختراقات والخلافات المعيقة للمضي في تنفيذ اتفاق السلم والشراكة وان جميع الأطراف ملتزمة بتنفيذه وتطلب إلغاء او تجميد ما صدر عنها من المواقف والقرارات العقابية بخصوص تنفيذ اتفاق السلم والشراكة .
سابعا - بعد ما سبق يتم المضي قدما في تنفيذ باقي بنود اتفاق السلم والشراكة كما هو متفق عليه والالتزام بمعالجة اي إشكالات قادمة عبر اللجنة المشتركة بموجب الاتفاق لهذا الغرض .
ما سبق من النقاط أضعها باسم جهاز الرصد الديمقراطي ( جرد ) بين يدي فخامة رئيس الجمهورية ودولة رئيس الوزراء و مختلف المكونات السياسية و الأطراف المعنية بالعملية السياسية في البلد , كمقترح لمجاوزة الأزمة السياسية الحاصلة حاليا وتخرج العملية السياسية من حالة الاحتقان الحاصلة و تهيئ الواقع للمضي قدما في تنفيذ اتفاق السلم والشراكة وتضع البلد وجميع المكونات على المسار الصحيح .
Alsharafi.ca@gmail.com