ما يزال التوجس هو السائد لدى غالبية الشارع الجنوبي حيال الدور الذي يلعبه عبدالرحمن الجفري رئيس رابطة أبناء الجنوب العربي في الجنوب خاصة مع ارتباطه المباشر بالسعودية واستخدامها له في مناسبات سابقة لتحقيق اهداف معينة ،فكان ضرب الحزب الاشتراكي في 94م هو الهدف الذي عمل عليه خلال حرب 94م،في حين كان دعم الرئيس السابق في انتخابات 2006م هو سبب عودته الى اليمن ،ورغم أن عودته قبل نحو أسبوعين الى عدن هدفها المعلن دعم محاولات فصل الجنوب عن الشمال ،لكن القراءة المتعمقة لتصريحاته ومواقفه تشير الى عكس ذلك .
-يمكن تلمس ذلك في الحوار المطول الذي أجرته صحيفة عدن الغد مع الجفري بتاريخ 15/11 حيث خلص الى عدة نتائج ابرزها :
1-استحالة تحقيق الانفصال في 30 نوفمبر المقبل واعتبار الطريق ما يزال طويل امام ذلك،وهو كمن يقول للمعتصمين ازيلوا الخيام وارفعوا الاعتصام و افيقوا من الكذبة التي تعيشون فيها بسبب الكذب والتضليل الذي يمارسه عليكم اعلام الحراك ،فالجنوب غير جاهز للانفصال بعد واذا حدث الان سيؤدي ذلك الى كارثة حسب قوله ،لكن الجفري يتجاهل متعمدا حقيقة ان مثل هذا الكلام يعتبر صادما ومثيرا للإحباط رغم واقعيته .
2-حسم الانفصال لن يتم عبر مخيم الاعتصام ولابد أولا تحقيق امرين أولهما انهاء تشرذم القيادات وتشكيل قيادة جديدة وهذا يبدو امر شبه مستحيل في ظل الوضع الراهن لقيادات ومكونات الحراك المختلفة،والثاني التمكن من تنفيذ عصيان مدني شامل يتوقف بموجبه جميع أنواع التعامل مع السلطات،وهذا الامر قد يحتاج الى سنوات طويلة للوصول الى هذا المستوى المثالي من العصيان المدني الشامل وربما يصعب تنفيذ مثل هذا النوع حتى في الدول المتقدمة نفسها.
3-ترجيحه بغرق صالح السيلي في البحر عام 94م وهو بهذا يطيح بالرواية الخيالية التي نسجها اعلام الاشتراكي والحراك من بعده عن مصير السيلي من خلال الزعم بوجوده على قيد الحياة في قبو تحت الأرض تارة في سنحان وأخرى في احد السجون في صنعاء وهكذا،طبعا هذه القضية واحدة من قضايا عديدة تم تناولها بصورة خيالية وبعيدة عن الواقع ضمن سياسة إعلامية محددة كان هدفها الرئيسي على مدار السنوات الماضية شيطنة الشمال واثارة كراهية أبناء الجنوب في الوحدة .
-الشيء الذي لم يقله الجفري صراحة في الحوار فيما يخص السيلي هو سبب رفض الاخير لجميع المحاولات التي بذلها لمساعدته على الهرب من عدن ،ومن الواضح ان الرجل لم يكن يثق بالجفري مطلقا او بالدور الذي لعبه خلال الحرب ،وفي الغالب كان يخشى السيلي من ان تلك المحاولات ليست سوى فخ من الجفري بهدف تسليمه لصنعاء او السعودية.
4-كان من الواضح حرص الجفري على عدم اثارة غضب البيض وتياره ضده في اكثر من فقرة من فقرات الحوار ومن ذلك :
أ- خلال رفضه الحديث عن مصير الأموال التي نهبت من الجنوب عام 94م والحذر الشديد الذي ابداه تجاه هذه القضية رغم علم الجميع ان البيض هو من نهبها واستحوذ على غالبيتها له ولاسرته،وكان ذلك احد أسباب خلاف البيض مع العطاس الذي تحدث عن هذه القضية صراحة في احدى مقابلاته التلفزيونية قبل تصالحه مع البيض .
ب-لجوئه لمغالطة تاريخية بإنكاره شمالية الضالع وحدوث عملية المقايضة بين بريطانيا والامام،حيث تم بموجبها ظم البيضاء الجنوبية للشمال مقابل ظم الضالع ويافع الشرقية للجنوب،والمعروف ان الامام قبل بالمبادلة بعد ان دخلت قوات البريطانيين الى ذمار عبر الضالع وكانت له مقوله مشهورة حول ذلك ،المهم يبدو ان السبب في ذلك راجع لادراك الجفري مدى حساسية هذه القضية بالنسبة لأهل الضالع ويافع ،الذين يسيطرون على تيار البيض .
- كل ذلك يدحض مسألة المصداقية والشفافية والمصارحة التي ظل يؤكد عليها الجفري كثيرا في حواره الأخير ،في حين أن حديثه عن التناقضات التي حدثت بعد اعلان البيض الانفصال عام 94م كإلغاء الشعبية من اسم الدولة المعلنة وإبقاء الدستور وعلم الوحدة طوال الحرب ،كمن يحمل البيض مسئولية الهزيمة في تلك الحرب.
5- قول الجفري ان معظم شعب الجنوب في حرب 94 لم يكن معهم ،يؤكد حقيقة ان تلك الحرب لم تكن حرب شمال ضد جنوب كما يصورها اعلام الحراك بل كانت حرب ضد انفصالي الحزب الاشتراكي لا اكثر ولا اقل ،وكأن الجفري بهذا الطرح يتعمد نسف مبررات رئيسية ارتكز عليها المشروع الانفصالي منذ انطلاقه.
6-لم يكن الجفري مقنعا في اكثر من فقرة من فقرات الحوار ومن ذلك :
أ-في تبريره لأسباب عودته العام 2006م الى اليمن وحديثه عن محاكمات جنائية وليست سياسية لجنوبيين،فالجميع يعرف ان عودته جاءت ضمن الدعم السعودي للرئيس السابق من اجل الفوز بالانتخابات الرئاسية التي جرت في تلك الفترة وما يزال الجميع يتذكر قسم الجفري بان صالح هو الوحيد الذي يستطيع حكم اليمن .
- اعتقد ان اهم ما قاله الجفري في هذه الفقرة هو اقتناعه من خلال تجربته السابقة ان البقاء في الخارج لا يثمر،وهو كمن يقول بصورة غير مباشرة للقيادات الجنوبية في الخارج كالبيض والعطاس وعلي ناصر ان ما يقومون به لاجدوى منه ،وان أي دور لهم في المستقبل مرهون بعودتهم الى الجنوب وليس البقاء في الخارج ،ويعزز من ذلك حديث الجفري عن عدم جدوى ما يسمى بالمليونيات التي ينظمها الحراك ،وهنا يمكن ملاحظة محاولة الجفري نسف دور معارضة الخارج ودور تيار البيض في الداخل أو على الأقل التقليل من أهمية تلك الادوار.
ب- لم يكن الجفري مقنعا أيضا في تبريره لحادثة رفضه رفع علم الجنوب السابق على ظهره عقب عودته الى عدن ،حيث ارجع ذلك الى تفاجئه بالامر ورفضه -من باب الذوق- قيام شخص خلال انشغاله بمخاطبة الجماهير بوضع شيء لايعرف ماهيته على ظهره ،لكن رفض رفع العلم راجع أصلا الى موقف الجفري المعروف المعارض لعودة دولة الجنوب خلال حكم الاشتراكي ونجمته الحمراء،اما مسألة الذوق وتفاجئه بالامر فكان يفترض عدم وقوفه عند ذلك والتغاضي عن مثل هذه الأشياء البسيطة والتركيز على أهمية اللحظة ودلالات رفع العلم لخدمة المشروع الانفصالي .
- مع العلم ان عودة الجفري وحادثة العلم أحدثت ضجة وانقسام واضح داخل ساحة الاعتصام وكشفت عن وجود تباين في المواقف على أساس مناطقي،حيث شن الناشطين من أبناء يافع والضالع هجوما شديدا على الجفري واتهموه بالعمالة للسعودية،مقابل تأييد كبير من ابناء شبوة للجفري وموقفه من العلم ولمشروع الجنوب العربي الذي ينادي به.
- لا اخفيكم مدى اندهاشي واستغرابي بشأن حديث الجفري من ان المليونيات لاتنفع والاعتصام لاينفع والحسم في 30نوفمبر لا ينفع وكأن هدفه الحقيقي من رجوعه الى عدن إزالة الاعتصام وإشاعة جو من الإحباط بين الشباب وبصراحة لا اعلم السبب الحقيقي لذلك وهل للعرق الهاشمي دور فيه أم لا؟ربما من يدري.
aziz5000000@gmail.com