في مكان سامق وعالٍ - شرقيٍ غربيٍ جنوبيْ - والجهة القبلية لا يوجد فيها لا نافذة ولا باب ولا حتى ( شاقوص ) بقية الجهات موصدة النوافذ والباب مغلق بإحكام .. مَنْ بالداخلِ يستمتعون بجلسة أريحية يمنعون كل ما يشوش عليهم جلستهم يحرصون على مراقبة النوافذ والباب يتداولون الأراء فيما بينهم وكذلك الأفكار ومِن تكرارها فتراها قد أسِنت ومع ذلك فهي أراء تُوحي بأنها وحيٌ غير أنها وحي ٌ سياسي يُوحَى إليهم من بعضهم البعض..
الساكنون في هذه الطيرمانة يشاهدون مِن عَلٍ كُل من تحتهم وحتى الأدوار التي تحتهم لا يعيرونها إهتماما كافيا فحيثما هُم فَهُمُ الكُل في الكُل ، حينما تريد أن تشاركهم جلستهم بلسانك أو قلمك فإنما أنت ( شَانِنِي ) يَهُبُّون سِراعاً لسد الفتحة التي تسربتَ منها إليهم.. لِم لا ؟! طالما وأنت ستسبب لهم الصداع وتُذهب كَيفَهم ومقيلهم (السياديني) والذي تُظلِله أدخنة (القَرقرة) الحزبية .
في الشارع والواقع أحداثٌ جِسام بيد أن ساكنون الطيرمانة يكتفون بإزاحة ستائر طيرمانتهم دون فتح النوافذ ليُلقون نظرة من خلال ذلك الزجاج العاكس والذين يرون غيرهم ولا يرونهم ، نعم يكتفون بإلقاء نظرة وإن تكلموا فكلامهم لا يؤمِّن من خوف ولا يُسمن ولا يغني من جوع ، دخلوا هذه الطيرمانة شُبانا وهاهم اليوم شيبانا ومنهم من غادر طيرمانتهم غير أن البقية مازالوا يرون أنهم لا سواهم هم الصفوة وأهل الصُفة والسقيفة والمُبشرون وكأنهم في غار حراء أو غار ثور وهم الذين لاخوف عليهم ولايحزنون ، مادون طيرمانتهم واسفلها قد هُجِر وعُطّل ونَسجت عليه العنكبوت وباضت على بابه الحَمام ..
إنني تلميذٌ في حضرة أساتذته غير أنهم علموني يوما دُرراً نبوية ( رحم الله أمرئً أهدى إليّ عيوبي ) و ( المؤمن مرآة أخيه ) فأرجو الله أن لا يسيؤن الظن بي ويحسبوني مرآةً مقعرة أو حتى مُحدبة وكم شَنفوا مسمعي بمقولة ( كلنا ذوو خطأ ) وأتمنى أن أكون على خطأ وهم على صواب ، غير أني مُحبٌ لهم فلهم يدٌ عندي لن أكفُرها وأقل وفائي لهم أن يسمعوا نُصحي وأرجوا ألا يكونوا ممن لا يحبون الناصحين .
الشفافية أضحت ضرورة منكم والجهر بالحق أضحى لازما ووضوح المواقف خير من اغماضها والإفراط بالمهادنة تقود حتما إلى المداهنة وكلمة الحق في وجوهكم هي مقدمة لأن تقولوا كلمة الحق في وجه السلطان الذي أفرطتم في حُبه ثم مالبثتم ان عضيتم أكف الندم من جراء إفراطكم ، الركون على الخارج في محاسبة أعداء الداخل والإعلان بذلك او السكوت عنه مجلبةٌ للتبعية وأنتم بذلك تسنون ذلك ونخشى أن يصيبكم ما أصابهم .
البقاء في دروس الإبتلاء والصبر والسرية والتقصير في التحضير لدروس الإعداد والعُدة بما يتلاءم مع الواقع نوع من التقصير في التوفيق بين الأصالة والمعاصرة والوقوع في تهمة السلبية.. والسلمية البحته لا تفضي إلى التمكين ..
مازال في الوقت مُتسع ومازالت الخيرية فيكم كما هي في غيركم وما زلتم أهلا للريادة وكما علمتونا ( الرائد لايكذب أهله )