عبدالوهاب الشرفي
طباعة المقال طباعة المقال
RSS Feed مقالات رأي
RSS Feed
عبدالوهاب الشرفي
ما وراء السيطرة القبلية على منفذ شحن
المانيا تقلب الطاولة وامريكا تتحدث بلسانها .....
ما طبيعة الرفض القطري .. و ماهي هي فرص مواصلة الوساطة ؟

بحث

  
كيف نفرض تغييرا حقيقيا ؟
بقلم/ عبدالوهاب الشرفي
نشر منذ: 10 سنوات و شهر و 22 يوماً
الإثنين 29 سبتمبر-أيلول 2014 09:02 م

لم تعرف اليمن دولة على مدى الخمسة العقود الماضية على الاطلاق , وكل ما كانت تعرفه هو كيانات عصابية واسعة لا اكثر , فالدولة هي شخصية اعتبارية تمتاز عن اي شركة او منظمة بأن لها حق التملك و التصرف في الشأن العام بما يحقق المصلحة العامة للمجتمع , وعندما يتصرف الكيان الذي يحمل اسم الدولة التصرفات التي لا تحقق المصلحة العامة فانه لا يمثل دولة باي حال من الاحوال . وما عرفته اليمن من كيانات في العقود الخمسة الماضية لم تعمل لتحقيق المصلحة العامة على الاغلب في ادائها وبالتالي لم تعرف اليمن دولة طوال تلك العقود .
كقضية واقعية كلما حادت الدولة عن قيامها بوظيفتها المفترضة في رعاية الشأن العام واصبحت تخدم فردا او جماعة او حزبا او فئة او قوى نافذه على حساب مصلحة المجتمع كلما تولّد نتيجة لذلك عمليات تغييرية لا يمكن لاحد ان يوقفها وان تمكن من التلاعب بها لفترة , وعلى ذلك فالبلد كان يشهد عمليات تغييرية طوال الخمسة العقود الماضية وان كان الكثير لم يستشعرون ذلك .
نظرا للقوة التي يمتلكها الكيان الذي يقوم باسم الدولة و التي تفوق القوة التي تتوفر لأي كيانات تعمل على التغيير بصورة منفرده فان كثير من الاعمال التغييرية تخرج بصورة سلبية تقف عند اقلاق او ابتزاز او المشاركة للكيان الذي يقوم باسم الدولة , ولذلك فهي اعمال تغييرية لا تحل مشكلة الدولة ولا مشكلات المجتمع على الاطلاق وان امتصت بعض تلك المشكلات لفتره , بينما يضل العمل التغييري في التوالد وصولا الى توليد لحظة ثورية تلتقي فيها كيانات متعددة على هدف التغيير تتمكن جميعا من توليد قوة قادرة على مقاومة القوة التي تتوفر للكيان القائم باسم الدولة و من ثم تزيحه وتتيح فرصة حقيقية لتغيير ايجابي .
هذا ما تفعله الثورات وهو اتاحة فرصة لا اكثر , وهذا ما تعيش اليمن في ضله حاليا كفرصة حقيقية متاحة للتغيير , والتغيير لا يحتاج لأي حيرة في تعريفه او تحديد مداه او التعرف على خطواته فالتغيير ليس الا بناء دولة تتولى ادارة الشأن العام بما يحقق المصلحة العامة .
يتكون كيان الدولة من ثلاث مكونات , اولها هو المكون النظري وهو كل النصوص التي تنظم الاداء والاهداف و تتمثل في مجموعة الدساتير والقوانين والانظمة واللوائح ونحوه , والكون الثاني هو المكون المادي والمتمثل في كل الوسائل والمستلزمات و المعدات ونحوه مما يستخدم لإنجاز الاعمال التي تقوم بها الدولة , والمكون الثالث هو المكون الانساني والمتمثل في كل من يتولى وظيفة عامة من رئيس الدولة وحتى اصغر موظف في وظيفة عامة .
عندما يتحول كيان الدولة الى كيان عصابي لا يكون الخلل بالدرجة الاولى في المكون النظري ولا في المكون المادي ولكنه يتركز في المكون الانساني , وهو اول ما يجب ان يركّز على اعادة صياغته كل من يريد ان يحدث تغييرا حقيقيا في البلد .
لا يكون الخلل بالدرجة الاولى في المكون النظري لأنه اذا كان لدى الدولة اسواء القوانيين والانظمة ويتم الالتزام بها فان ذلك يخلق واقع سيئا بالفعل لكنه ليس اسواء من الواقع الذي يوجد عندما يكون لديها افضل النظم والقوانين و لا يتم الالتزام بها والعمل وفقها . كما لا يكون الخلل بالدرجة الاولى في المكون المادي لان المكون المادي ليس له حق التملك والتصرف ولكنه متصرّف فيه بالكامل .
الخلل بالدرجة الاولى المترتب عليه تحوّل كيان الدولة الى كيان عصابي هو الذي يصيب المكون الثالث للدولة , فالمكون الانساني هو المُتصرف في المكونين الاخرين والمؤثر فيهما سلبا وايجابا , فعندما يبنى المكون الانساني في الدولة بشكل امثل تسير الدولة بالفعل في المسار الاسلم وتتجه نحو تحقيق المصلحة العامة للجميع , بينما يؤثر المكون الانساني اذا كان معطوبا في المكونين الاخرين سلبا اما بمسخ الانظمة والقوانين وهذا عادة ما يكون الجانب الاقل او بالاحتيال وعدم الالتزام بها وهذا الجانب الاكبر , وبالطبع هذا التأثير السلبي على المكون النظري ينعكس على المكون المادي الذي يستخدم حينها استخداما عصابيا لصالح المكون الانساني المعطوب في الدولة وليس للصالح العام .
وضعت ثورة 21 من سبتمبر اليمن امام فرصة حقيقية للتغيير لم تتهيأ للبلد من قبل , ويجب ان تفضي هذه الفرصة الى تغيير حقيقي تثمينا واخلاصا للتضحيات التي قدمت في سبيل قيام هذه الفرصة وهي تضحيات كبيره دماءً و جراح واعتقال و اخفاء قسري وتعذيب و تضييق وتهجير وتشريد ومعاناة وتعب وقلق, وهذا التغيير الحقيقي لن يتم الا بمراعاة هذه النقطة المتمثلة في التركيز اولا على اعادة صياغة المكون الانساني في الدولة .
كل من تولوا مواقع المسئولية خلال العقود الماضية هم اما فاسد او فاشل او متواطئ او مساير , وكل الخبرات والكفاءات و النزاهات و الفاعلين تم تجنيبهم تماما ومنهم من ضل في البلد مقصيا ومجنبا عن العمل العام او هجر البلد وذهب لينال فرصته خارجها .
ما يجب ان يفرضه الثوار الان هو عملية اعادة صياغة المكون الانساني في الدولة بإنجاز عملية تدوير وظيفي واسعة تشمل كل وضائف الدولة المدنية والعسكرية , وبحيث تضمن اقصاء كل من تولوا مواقع المسئولية في الفترات الماضية ولو بصورة مرحلية حتى تعبر البلد هذا المخنق اولا , وثانيا تضمن تفكيك الشبكات والعلاقات التي تشكّلت على مدى العقود الماضية والتي سيمثل بقائها عائقا رئيسيا امام نجاح اي خطوات تغييرية وستعمل ان بقيت على حالها ما تستطيعه لإجهاض او عرقلة او افشال او الحد من اي تغيير, وثالثا تتاح الفرصة لكادر جديد يتحمل المسئولية في الدولة على مستوى الصف الاول والثاني والثالث فيها و بما يمنح البلد فرصة جديده للنهوض بنظرة جديدة ومختلفة للعمل العام .
هذا التدوير الوظيفي الواسع يجب ان يتم فقط وفق معايير الكفاءة والنزاهة و الفاعلية ويضمن اعادة التوازن والشراكة الضامنة للجميع في المكون الانساني لدولة , ويجب ان يتجسد ذلك اولا في الحكومة القادمة التي يجب ان يكون رئيسها وكامل اعضائها شخصيات جديده من غير من تولوا مواقع المسئولية من قبل , وان تكون واحده من اول مهام هذه الحكومة اجراء عملية تدوير شامل في وزاراتهم والمرافق الخاضعة لها وفقا لمعيار الكفاءة والنزاهة والفاعلية وبالطبع بأكبر مساحة ممكنة .
لا يجب ان تقف الامور عند الاتفاقات والنصوص وانما يجب ان يترجم التغيير على الواقع , ولن يترجم على الواقع الا اذا وجد الكادر الذي له المعرفة والقدرة والحرص على تنفيذ ما تم الاتفاق عليه وغيره من النصوص المسيّرة لأداء الدولة , وليس الكادر الذي سيعمل على عكس ذلك حفاظا على ما سيمكنه من مصالحه و علاقاته ومآربه .

Alsharafh.ca@gmail.com

 
Share |
عودة إلى مقالات رأي
مقالات رأي
دكتور/محمد حسين النظاري
لا .. لإغراق البلاد في الفوضى
دكتور/محمد حسين النظاري
صحفي/خالد القارني
احفظوا ماء وجه اليمن !!!
صحفي/خالد القارني
صحافي/عبد الرحمن بجاش
بلغ الضجر مداه !!
صحافي/عبد الرحمن بجاش
كاتب/احمد صالح الفقيه
اعادة بناء الدولة اليمنية
كاتب/احمد صالح الفقيه
كاتب/سمير العمراني
الاخوان الفاشلون .. ونبوءة صالح ..!
كاتب/سمير العمراني
كاتب/امين عاطف
نحن من نصنع الملوك
كاتب/امين عاطف
الـمـزيـد
جميع الحقوق محفوظة © 2012-2024 وفاق برس
برنامج أدرلي الإصدار 7.2، أحد برمجيات منظومة رواسي لتقنية المعلومات والإعلام - خبراء البرمجيات الذكية