كنا ندرك في السابق ان الإساءة للدين الإسلامي الحنيف هي الجريمة التي تجمع وتوحد جميع التنظيمات الارهابية في بلاد العرب واصبحت قاسماً مشتركاً يجمع تنظيمي «داعش» و«قاعدة الجهاد في جزيرة العرب» من خلال الأعمال والجرائم الإرهابية التي يرتكبهما التنظيمان بصورة متشابهة لإستهداف وتشوية سمعة الإسلام والمسلمين مثل جرائم اختطاف الاجانب والسطو على البنوك واغتيال رجال الأمن وقادة الجيش، وتخريب القطاعات الاقتصادية والانتاجية كمنشآت النفط والغاز والكهرباء وضرب الحياة المدنية والاستقرار الأمني كما هو حاصل في العراق واليمن، ولم ندرك إلا في الأيام القليلة الماضية أن هناك جرائم جديدة ظهرت في الآونة الأخيرة في اليمن بحضرموت والعراق بكركوك تكشف القناع عن سلوك همجي واجرامي آخر يجمع عدائهما للأمة الاسلامية باستهداف النساء والإساءه لُهنَ ولآدميتهن بسبيهُنَ والتنكيل بهُنَ وبيعهنَ ومنعهنَ من الخروج من المنزل إلى الاسواق.
توقعنا سابقاً وفقاً للمؤشرات والسلوك الإجرامي الذي يجمع التنظيمين بإنهما سيتوحدان نظراً لتوحد نهجهما وعدائهما للشعوب الإسلامية وللإنسانية بشكل عام لشعوب المعمورة، ولما تشكلهُ هذه التنظيمات من خطر على الشعوب الإسلامية ودول العالم وعلاقاتها بعض ببعض، نراها تمارس كل صنوف الإرهاب وترتكب جرائم القتل للأبرياء، تلك الجرائم التي يحرمها ديننا الإسلامي الحنيف البريء من هؤلاء المجرمين الذين باسم ديننا الإسلامي الحنيف يرتكبون الجرائم ويسعون فقط لتشويهه وإلحاق الضرر بالمسلمين اين ما وجدوا في اوطانهم أو حيث يتواجدون بالخارج وضرب مصالحهم في الدول الأوربية والغربية.
لقد توحّد ايضاً عدائهما للمرأة في اليمن بحضرموت والعراق بكركوك ومدن أخرى، حين إعلن تنظيم «قاعدة الجهاد في جزيرة العرب» في أواخر شهر رمضان عن «منع النساء من الخروج إلى الأسواق، في ظل عدم وجود المحارم، ومنعهن أيضاً من ممارسة بعض الرياضات ككرة القدم، أو الجلوس في المقاهي» ليخرج في هذا الاثناء ايضاً تنظيم« داعش» في العراق من عباءته والظهور بوجهه الحقيقي ليرتكب جرائم يندى لها الجبين في العراق بانتهاكاته لحقوق النساء التي فاقت الحد، حيث تناقلت وسائل إعلامية "الى ان المنظمات الدولية ومن خلال روايات شهود عيان رصدت الكثير من الجرائم المرتكبة بحق النساء، لاسيما من الاقليات المسيحية والايزيدية، والى ان عصابات «داعش» واثناء الهجمة على مدينة سنجار اغتصبوا العديد من الفتيات وتبادلوهن فيما بينهم، اضافة الى اسر الكثير منهن وسوقهن سبايا، في ما قاموا بقتل اللواتي قاومن ورفضن طاعتهم."
فاستهداف المرأة وحريتها في البلدان العربية وممارسة ضدها كل اشكال العنف والإرهاب ليصل إلى مستوى منعها من الخروج للاسواق إلا بمعية رجل واضطهادها والتشكيك في عفتها في اليمن وتقويض حريتها وتعذيبها، وبيعها كما هو حاصل في العراق يمكن توصيفه بإنتقال السلوك الاجرامي عند هذه الجماعات إلى طور متقدم أكثر خطورة على المجتمعات المسلمة وغير المسلمة.
ان تأييد قادة في تنظيم القاعدة لجرائم "داعش"، كما ظهر إبراهيم الربيش، الذي يعتبر المنظر الديني للجماعة، الخميس الماضي في تسجيل فيديو وهو يشيد فيه بما وصفها بـ«انتصارات المجاهدين» في العراق، وقوله:« إذا صح إيمان المؤمنين ففرحهم واحد... أهنئ المسلمين وجميع المجاهدين في جميع الجبهات بالانتصارات التي حققها إخواننا في العراق على أذناب المجوس، وقد كان الفرح بذلك عظيما، ومن الذي لا يفرح بانتصار أهل السنة واندحار عصابات المالكي التي أذاقت أهل السنة سوء العذاب» .
يعد مؤشراً خطيراً بأن القادم أسوأ في اليمن وان التنظيم لن يتوقف عند توزيع منشورات التحذير للمراة، كما حصل في حضرموت، وقد لا نستبعد انجرار قادته لتقليد داعش واستنساخ نفس معاملتها الإجرامية مع نساء اليمن، وامام مانراه يبقى السؤال يبحث عن اجابة عن اي نجاحات يتباهون هؤلاء؟ هل يتباهون بسبي النساء اليزيدات وبيع 700أمراة بالمزاد العلني بسعر لايزيد عن 150 دولار للفتاة اضافة الى ختان النساء بالقوة وفرض كثير من القوانين بالقوة ؟!،طالما وهؤلاء الوحوش الذين يرتكبون هذه الجرائم لايختلفون عن وحوش قاعدة اليمن الذين يطلقون التحذيرات للنساء في اليمن، ويقفون ضد حرية المرأة يحاولون ثنينا عن نضالنا لإنتزاع حقوقها بل ويريدون اسقاط كل ماتم تحقيقة لنا من نجاحات تمكنا من المشاركة العملية في صناعة القرار لبناء مجتمعاتنا.
تزامن ظهور هذا السلوك الإجرامي من قبل «داعش العراق » والقاعدة في اليمن الموجه ضد المرأة مع ماتشهدة الاوضاع السياسية في المنطقة وبالذات في الدولتين من متغيرات واستحقاقات سياسية قادمة نتطلع نحن النساء لنجاحها لتأسيس مداميك قوية تستند عليها المراة وتمكنها من الاستنهاض بقدراتها إلى جانب الرجل للوصول للغد المنشود ومواصلة نضالها لتحقيق طموحها في بناء المجتمع كشريك فاعل لها حقوق وعليها واجبات والتزام الانظمة السياسية في الدولتين بمواثيق الأمم المتحدة والاتفاقيات الدولية لحماية حقوق المرأة وضمان حصولها على نسبة المشاركة في السلطة والهيئات التشريعية والتنفيذية بتضمينها في الدساتير والقوانين المنظمة للحياة السياسية في البلدين، انما هو تاكيد لممارسة بعض القوى والتيارات السياسية ذات الارتباط مع هذه الجماعات في الدولتين لتحقيق مكاسب سياسية ترمي للنيل من مكانة المرأة وإغلاق كل الطرق واضاعة الفرص المتاحة امامها للإنتقال إلى واقع جديد يمُكنها من المشاركة السياسية والمجتمعية في صناعة القرار.
نحن اليمنيات لا يمكن ان نفسر ما وراء هذه التهديدات والتحذيرات التي يطلقها تنظيم "قاعدة الجهاد في الجزيرة العربية" في بياناته، غير انهُا استهداف متعمد للمرأة اليمنية، ومؤشر خطير لتوّحد هذا السلوك الإجرامي مع نهج "داعش" للضغط على بعض التيارات السياسية ومحاولة ابتزازها للتنازل عن التزاماتها بمنح المرأة اليمنية نسبة المشاركة في صناعة القرار السياسي التي تضمنتها مخرجات الحوار، وأكد عليها قرار مجلس الأمن الدولي رقم (2140)، وإرهابها لتمرير بعض المواد في الدستورالذي يتم صياغته حالياً، التي تقلل من شأنها وتلغي دورها في الحياة السياسية وتهميشها للعودة الى وضعها السابق، ومع ذلك وغيره فإن المرأة اليمنية ستتصدى لهؤلاء القتلة وستسقط اي محاولات منهم لإنتهاك حقوق النساء في الوطن اليمني بشكل عام كما اسقطت نضالاتها رهاناتهم في مراحل سابقة.
n.albadwi2013@hotmail.com