رغم الهدنة المؤقتة، لا تزال آلة الحرب الصهيونية تواصل عدوانها الغاشم ضد أهالي قطاع غزة وسط صمت دولي مُريب يثير الاستغراب والحنق في آن واحد ، بل لعل مايثيرالإستهجان أيضاً الموقف الأميركي المتعنت ضد الفلسطينيين ومعه الأمم المتحدة التي تبرر هي الأخرى استمرارية هذه الإعتداءات الإسرائيلية ومحاولة تحميل الطرف الفلسطيني المسؤولية حتى دون أن تمتلك من المعلومات الميدانية ما يؤكد هذه الادعاءات، الأمر الذي يزيد من معاناة أبناء قطاع غزة وينذر بكارثة إنسانية وشيكة خاصة بعد إعلان السلطة في الضفة قطاع غزة منطقة منكوبة جراء تبعات العدوان الاسرائيلي والتي تشير الإحصاءات الأولية إلى أن عدد الشهداء الفلسطينيين يقترب من سقف الفي قتيل وأكثر من عشرة الآف جريح .. وهي أرقام مرشحة للزيادة دون أن يتحرك الضمير الإنساني قيد أُنملة لإيقاف هذه الجريمة البشعة .
وإذا كانت الإدارة الأميركية المعادية للقضية الفلسطينية العادلة وانحيازها الكامل للسياسات الإسرائيلية العنصرية معروف وواضح ولا يحتاج إلى كثير شرح بفعل تأثير اللوبي الصهيوني داخل مؤسسات صناعة القرار الأميركي ، فإن الأمر الذي لا يُفهم التعامل المزدوج الذي تكيل به الشرعية الدولية قراراتها وتوجهاتها وفق معايير ومكاييل مختلة لا تستقيم البتة مع سياق المنطق وبخاصة تجاه القضية الفلسطينية وتحديداً فيما يتعلق بتداعيات العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة !
ومع الأسف الشديد فإن ثمة مواقف لم تكن عند مستوى المسؤولية في تعاملها تجاه ما يعُتمل في غزة .. ومنها الموقف الأوروبي الذي لم يخرج عن الحياد السلبي فضلاً عن صمت روسيا والصين اللذين اكتفيا بالتنديد الإعلامي فقط ودون تحرك فاعل لإيقاف العدوان الإسرائيلي البربري الذي لا زال متواصلاً في غزة .. وهي مواقف لا تؤثر فقط على أمن الفلسطينيين وإنما على أمن واستقرار المنطقة ككل .. على أمل أن يبادر أحد البلدين أو كليهما بسرعة دعوة مجلس الأمن الدولي لإيقاف هذا العدوان أو على الأقل فرض هدنة طويلة تتيح وصول المساعدات الإنسانية إلى مستحقيها في القطاع .
أما الموقف العربي تجاه المحنة الفلسطينية فحدث ولا حرج باستثناء بيانات الشجب والتنديد بإستثناء بعض المواقف الصادقة والواضحة ومنها ما عبرت عنه القيادة السعودية مؤخراً وثمنته الرئاسة اليمنية في التأكيد على خطورة استمرار العدوان الإسرائيلي واعتباره تهديداً للأمن الإستراتيجي في المنطقة والعالم، فضلا ً عن التنبيه إلى المآلات الخطيرة التي ستقود المنطقة إلى مالا يحمد عقباه .. والإشارة كذلك إلى أهمية تحمل الأسرة الدولية مسؤولية كاملة تجاه ما يتعرض له أبناء الشعب الفلسطيني من إبادة جماعية يندى لها جبين الإنسانية !
وإلى أن يتوقف حمام الدم الفلسطيني، ستبقى الأزمة والمحنة قائمة وذلك بالنظر إلى حقيقة ساطعة وهي أن حكومات إسرائيل المتعاقبة تغطي فشلها في الإلتزام بإستحقاقات السلام القائمة على مرجعيات الشرعية الدولية بالهروب إلى إقامة مجازر ضد الفلسطينيين تحت سمع وبصر رعاة هذه التسوية ودون أن يرف جُفن للضمير الإنساني الذي يبدو أنه في سبات عميق !!
*صحيفة الثورة: