كان يجب نزع الفتيل في عمران منذ اشهر , وهو ما كتبت ناصحا به لفخامة الرئيس قبل اكثر من شهرين في مقال بعنوان " لفخامة الرئيس قبل الفوات في عمران " ومع ذلك نحن امام الواقع اليوم وسأتحدث من ضوء ذلك .
تطورات خطيرة هي التي حدثت اليوم بدخول الطيران الحربي في المواجهات وقصفه في اكثر من مكان وان كان قصفا محدودا , وكذلك بما تتداوله الاخبار عن تعزيز بقوات من الجيش تتوجه الى عمران , وهذه التطورات غير مقبولة وليست في صالح مشكلة عمران ولا في صالح البلد ككل , كما قد تذهب بالحدث بعيدا من جميع النواحي عسكريا وسياسيا وامنيا واقتصاديا وتعايشا وستقضي على الفرصة التي لازالت متاحة للبلد على علاتها وهي مخرجات الحوار الوطني تماما . و لا شك ان الجميع يعرف ان البلد لا تتحمل دخولها في حرب جديدة على الاطلاق .
فخامة رئيس الجمهورية وهو الممثل الرسمي لموقف الدولة عليه ان لا يغيب عنه عند اتخاذ قراراته فيما يتعلق بالجيش ان القضية في عمران بدأت سياسية ويجب ان تنتهي سياسيا , ولا يجب ان ينظر الى النتائج مع اهمال الاسباب , وان يتفهم في ضوء ذلك ان الدور الوحيد المقبول قانونا وايجابا لتدخل الجيش في عمران اذا ما قرر ذلك هو للفصل بين المتقاتلين لوقف التقاتل الحاصل لحين بلورة حل سياسي يتم التوجه اليه هذه المرة بجدية من خلال التفاوض مع طرفي الصراع للتوافق على حلول يقبلون بها جميعا وتتولى الدولة فرضها على الارض بصورة صارمة .
الطرف المتمثل في وحدة الجيش التي يقودها اللواء القشيبي ومن يقفون ويقاتلون معها يجب ان يستوعبوا التركيبة القائمة حاليا في الجيش اليمني وانه ما من ضمانه ان يكون تدخله اذا ما تم اتخاذ قرار بذلك سيكون في صالحهم , فالجيش هو توليفة مكونه من ذات التوليفة الموجودة في المجتمع اليمني ودخوله سيستفيد منه الطرفين , كما ان دخول الجيش بوضعه الحالي في الصراع سيؤدي الى تفكك مؤسسة الجيش وربما انتهائها ككيان يمكن التحكم فيه من قيادته , كما لا يجب ان ينسوا ان الطرف المحسوبين هم من ضمنه كان قد خاض حروبا في احداث العام 2011م مع وحدات من الجيش وسيكون لذلك انعكاس على موقف الجيش اذا ما تم جره للصراع حتما .
طرف الثوار من ابناء عمران بمن فيهم انصار الله يجب عليهم عدم التسرع الان وتحديد الموقف بان الجيش قد دخل على خط المواجهات في عمران رسميا بناء على الضربات الجوية التي حصلت حتى الان وانباء التعزيزات التي تحشد الى عمران لقتالهم , فلا يوجد اعلان للموقف الرسمي للجيش من الجهة المعنية حتى الان من جهة , كما ان احتمال اختراق وحدات الجيش وتحريكها خارج القرار الرسمي قائما وحتى على مستوى القوات الجوية وهذا من جهة ثانية .
ومن جهة ثالثة حتى ولو تأكد ان الضربات تمت بتوجيهات من فخامة الرئيس هادي فلا يجب ان يغيب ان العمل على الايقاع بالجيش للمعركة هناك من يعمل له منذ فترة وقد تكون نقلت لفخامة الرئيس صورة غير سليمة عن تطورات الاوضاع في عمران اليوم خصوصا و بالاستفادة من عملية تهريب السجناء الجنائيين من السجن المركزي بعمران ما دفعه للتدخل تبعا لتلك الصورة لحفظ الامن في المحافظة , ويجب عليهم ايصال الصورة الصحيحة للرئيس هادي لتفويت الفرصة على من يعملون لجر الجيش . كما لا يجب ان يمانعوا في تسليم المواقع التي سيطروا عليها لوحدات الجيش من غير الوحدات التي يتقاتلون معها منذ بداية الاحداث في عمران اذا بالفعل تأكد تحريك قوة بتوجيهات من فخامة الرئيس .
يجب ان يعي الجميع ان تدخل الجيش لن يكون في مصلحة احد من الاطراف على الاطلاق و بما فيها تلك التي تنادي وتعمل على جر الجيش للصراع في عمران منذ فترة , ويجب ان يعي الجميع ان دخول الجيش في الصراع الدائر في عمران على وضعه الحالي الذي يعرفه الجميع لن يغير من معادلة الصراع القائمة في كثير , وكل ما سيترتب على دخوله هو توسيع الاثار الكارثية للصراع و اطالة المدة الزمنية له .
للجميع ..عمران تحتاج حل توافقي سياسي , والقتال لن يحل شيء وفقط سيضر بالوطن , والجميع الان امام مسئولية وطنية يجب ان يستوعبها ويتخذ في ضوئها قراره .
Alsharafi.ca@gmail.com