حافظ مصطفى علي
طباعة المقال طباعة المقال
RSS Feed مقالات رأي
RSS Feed
بحث

  
في الواتس (أتحداك أن لا تنشرها).!
بقلم/ حافظ مصطفى علي
نشر منذ: 9 سنوات و 11 شهراً و 25 يوماً
الثلاثاء 06 مايو 2014 06:28 م

انتشر في الآونة الاخيرة نظام آخر للتواصل الاجتماعي هو (الواتس اب) عبر الهاتف الجوال ، يتميز بقدرته على النسخ والاستنساخ ، مما جعل (الفيس بوك( اقل كفاءة في سرعة النقل ، خاصة وأن وحدات الاشتراك في شبكة (الواتس اب) لا تتطلب بالضرورة أن يكون المشترك لديه خط (نت) في منزله .
وقد تجولت (لقاعدة) في (الفيس بوك) وفي الشبكة العنكبوتية عموما والقوى الأخرى لتخلق مناخات ما عرف بـ (ثورات الربيع العربي)، حيث تأثر الشباب في ظل غربتهم الشديدة عن الواقع ؛ بالوعي الجديد في الواقع الافتراضي ، ثم لم يلبث أن أدركوا ذلك الفخ الذي نصب - بإحكام - باسم التغيير والحرية ، فإذا بهم أمام لون واحد من الحكم يلغي الآخر ، ويكتم حريته في التعبير ، ولا يوجد لديه مشروع تنموي إصلاحي حقيقي سوى الاستناد إلى أخطاء الأنظمة السابقة وفسادها!
كشرت هذه القوى عن انيابها في سورية .. سورية صاحبة المشروع التنموي الرائد في المنطقة العربية ، لولا أخطائها في العملية الديمقراطية .. لنكتشف في مصر وتونس أن هناك من استوعب الدرس ، بأن الأمر لا يعدو كونه مغايرة لا تغيير ، ركوب موجة التغيير بإرساء ثقافة وجهها الأول إسلامي والآخر منتقم باسم الإسلام ، ولا أقول إرهابيا ، لأن الإرهاب المتدثر بالإسلام هو صناعة غربية استخباراتية .
ما علاقة ذلك بـ (الواتس اب)؟ لوحظ انتشار لعدد من المواعظ والنصائح الصحية والاجتماعية تتناقل بين الناس ، بما في ذلك الخطب الدينية ، من قبل الشيخ فلان وعلان بواعز من وسطاء محليين ينشرونها بين الشباب ، ووصل الى عدد مما ينشر ليس للاستفادة الشخصية فقط ، بل كي أقوم بإعادة نشرها الى عدد آخر من الأشخاص في الـ (واتس اب) الخاص بي، والزميل الذي أرسلها علق بقوله "لقد وصلت إلي وها أنا أرسلها اليك حتى لا يصيبني مكروه ان لم اعد ارسالها"! وقال لي - ليس مازحا بالطبع -: "أتحداك أن لا تنشرها ". إذاً ارسلها مرعوبا من الوعيد وبالعقاب الذي ينتظره إذا هو لم ينشرها ، تتلذذ الرسالة بألم خروج النفس وبعذاب النار ، ومصائب الدنيا بفقدان الولد او المال او الاخفاق في الامتحانات وغيرها ، وتستشهد بما جرى لطبيب وتاجر وغيرهم من البشر وسيحدث العكس اذا نشروا الرسالة!
ومن هنا ؛ يجدر بنا القول إن اللجوء الى الله محبة ورحمة أفضل من اللجوء إليه خيفة ورهبة ، إن الدفع بالمسلم إلى التمسك بدينه من باب استرضاء الحاجات الفردية غير المرتبطة بحاجات المجتمع أمر واضح في تلك الرسائل ، والمطلوب منك هو ذكر الله وحث الآخرين كذلك على ذكر الله ، أليس من الأفضل الوصول الى هذا عن طريق صور ليس فيها الرعب كـ (القبر بيت الافاعي)، او )وهذا قد يطفئ غضب الله) (ألم طلوع الروح قدره العلماء بـ 3 آلاف ضربة بالسيف)... إلخ. إننا نعيش في عصر تتضارب فيها مصالح الشعوب من اجل غد أفضل لأولادهم وأحفادهم ، ونحن يجب ان نبحث عن مصالح اولادنا واحفادنا ، ليتهم نشروا في ثنايا رسائلهم اهمية العمل والإنتاج بدلا من الاستهلاك لنشرة رسائلهم ليل نهار ، إنهم يغيبون العقل الجمعي للناس ويجعلوا الشباب وغيرهم ينتظرون الموت ؛ لأن الحياة فانية متناسين أن المجتمعات الانسانية تعيش عبر اجيالها الى يوم البعث والنشور.
لقد أطلق المجتمع في فترات سابقة على التنويري صفة المجاهد كـ (محمد علي لقمان المجاهد) وغيرهم من العرب التنويريين، ذلك ان الجهاد كلمة تحمل معاني المعاناة وتحمل المشاق من اجل احياء الارض والناس عن طريق المعرفة والفهم لطبيعة الحياة ، والعلاقة المقدسة مع الخالق ، ومن هنا تأتي اهمية المثقف اليوم ، والتيار المغالي في نهيه وزجره ، إما ان يكون غيور على الدين او ان يكون واقعا في دس قوى الاستكبار العالمي التي تريد ان تشغلنا بأنفسنا ، وتجعلنا نتربص بالموت في دنيانا الفانية ونترك دنيانا لهم ، أي لقوى الاستكبار ، خاصة وأننا منشغلون اليوم عن نفطنا الذي ينهب ، مشغولون عن اتفاقية الجات التي ستجعلنا مستهلكين لمنتجاتهم ، بل ستقام مصانعهم في مدننا ،وقرانا كي لا تتلوث بيئتهم ، وفوق هذا لن يدفعوا سنتا واحدا ؛ لأن اتفاقية (الجات) تنص على الغاء الحواجز الجمركية! ليت رسائل (الواتس) القادمة من المجهول تنشر الوعي بأهمية الحياة حتى لا نستغفل جيلا بعد جيل؛ ذلك ان البشر جميعهم راحلون ، ولماذا نحن فقط المصابون بـ (فوبيا) القبوريات؟! ها هم صعدوا بحساباتهم الدقيقة للسرعة والفيزياء الى الفضاء ، ويخترعون ادوات الحياة من طائرات وسيارات ومكيفات وأدوية وغيرها .. وهم مثلنا يموتون ويشعرون بألم الموت لكنهم يحييون بأعمالهم وتخلدهم اجيالهم ، وربما العالم بمنجزاتهم .. لقد استمرأ الغرب كهنوتنا وأخذ يدعم خطواته الاستعمارية به حتى لا نتحرر من ربقته أبدا.
Share |
تعليقات:
تعليقات:
    • إجمالي تعليقات: 0
  • تحديث مباشر
  • يمكنك الآن الإضافة المباشرة للتعليقات، وعدد كبير من المميزات والخيارات المتاحة فقط للأعضاء ( للدخول إلى حسابك إضغط هنا |  لإنشاء حساب جديد إضغط هنا)
    الاسم
     
    العنوان
     
    بريد الكتروني
     
    نص التعليق
     
الإخوة / متصفحي موقع وفاق برس نحيطكم علماُ ان
  • اي تعليق يحتوي تجريح او إساءة إلى شخص او يدعو إلى الطائفية لن يتم نشره
  • أي تعليق يتجاوز 800 حرف سوف لن يتم إعتماده
  • يجب أن تكتب تعليقك خلال أقل من 60 دقيقة من الآن، مالم فلن يتم إعتماده.
 
عودة إلى مقالات رأي
مقالات رأي
كاتب/عبدالوهاب الشرفي
القاعدة .. ليست تنظيما
كاتب/عبدالوهاب الشرفي
كاتب/طارق مصطفى سلام
لأن الوطن أولى وأغلى
كاتب/طارق مصطفى سلام
كاتب/أصيل القباطي
الإرهاب يُطلق زفرته الأخيرة.. بعض الدلائل..
كاتب/أصيل القباطي
كاتب/وليد محمد سيف
فيدرالية بأقل كلفة.. ؟!
كاتب/وليد محمد سيف
كاتب/مصلح محسن العزير
مع الرئيس هادي ضد الإرهاب الأسود
كاتب/مصلح محسن العزير
كاتب/علي البخيتي
عبده الترب وأساليب جديدة لأخونة وزارة الداخلية
كاتب/علي البخيتي
الـمـزيـد
جميع الحقوق محفوظة © 2012-2024 وفاق برس
برنامج أدرلي الإصدار 7.2، أحد برمجيات منظومة رواسي لتقنية المعلومات والإعلام - خبراء البرمجيات الذكية