|
فلسطين وميثاق الحرية الجنوب إفريقي
بقلم/ احمد صالح الفقيه
نشر منذ: 10 سنوات و 7 أشهر و 12 يوماً الخميس 10 إبريل-نيسان 2014 02:04 ص
في 25 يونيو 1955 اجتمع في مدينة كيب تاون في جنوب إفريقيا أكثر من ثلاثة آلاف مندوب يمثلون حوالي مائتي منظمة. وكان العامان السابقان قد كرسا للتخطيط والتنظيم الرامي إلى عقد هذا المؤتمر الذي سمي مؤتمر الشعب، وتضمن ذلك توزيع ملايين المنشورات التي حملت سؤالا واحدا طلب من الشعب الإجابة عليه. وكان السؤال يقول (إذا كنت من يصنع القانون فماذا ستفعل؟)
وقد قام المؤتمرون المسمون بإرادة الشعب، من خلال الإجابات التي تلقوها، بإصدار ميثاق الحرية الذي أصبح احد أعظم المواثيق في تاريخ الإنسانية. معلنا إرادة الجماهير للنضال ضد الفصل العنصري والقوانين الجائرة. وما أحوجنا اليوم إلى استلهام هذا الميثاق في فلسطين والعراق وكل قطر عربي.
التخبط العربي:
بالهزيمة النكراء في حرب الأيام الستة في عام 1967 هزمت الأنظمة العربية التي لا تزال في سدة السلطة إلى اليوم هزيمة ساحقة. وهي الأنظمة التي ورثت عبر الانقلابات العسكرية الأنظمة الملكية التي سبقتها والتي هزمتها إسرائيل أيضا في العام 1948 و جاءت إلى السلطة حاملة وعود الثأر وتحرير فلسطين من النهر إلى البحر.
وعلى الرغم من المكابرة التي استمرت أعوام بعد هزيمة 67, أعلنت هذه الأنظمة استسلامها لمنطق التفوق الإسرائيلي المدعوم من الغرب عتى الرغم من خوضها عام 1973 حربا ابلت فيها بلاء حسنا . وكانت مظاهر الاستسلام متعددة بداية من معاهدة كامب ديفيد التي استعادت مصر بها سيادة منقوصة على سيناء ثم اتفاق السلام الأردني الإسرائيلي الذي سبقه تنازل منظمة التحرير الفلسطينية عن هدف تحرير كامل فلسطين. وقد أعلن النظام العربي اعترافه بالهزيمة ونتائجها في سلسلة من القمم العربية أخرها قمة بيروت 2003 بيد أن هذا الاعتراف والاستعداد للتطبيع مقابل دولة فلسطينية على أرض 67 المحتلة يبدو انه جاء متأخرا بعد أن تآكلت مصداقية النظام العربي فقابلته إسرائيل بالازدراء واجتاحت أراضي السلطة الفلسطينية التي كانت قد تسلمتها بموجب اتفاقية اوسلو.
الموجة الثالثة للنظام العربي:
في فترة ما بعد هزيمة 67 ظهرت الحركات التحريرية المسلحة وقد دخلت في متاهات الايديولوجيات المتصارعة التي أوقعتها في حبائل الصراع العربي العربي من جهة، والصراع مع الانظمة العربية المضيفة التي كانت تسارع الى ضرب القلسطينيين كلما تلقت هي ضربة اسرائيلية ردا على عملية فدائية، وانتهى بها الامر الى التورط مضطرة في الحرب الاهلية اللبنانية التي انتهت بالاحتلال الاسرائيلي لبيروت واعادة تشريد القوات الفلسطينية ني مناف عربية أبعد، حتى انتهى بها الامر الى توقيع اتفاقية اوسلو. ثم أعقبتها الحركات الجهادية الإسلامية، فلسطينية وغير فلسطينية، حاملة نفس وعود النظام العربي القديمة بالثأر وتحرير فلسطين، ولكن سعيها إلى وراثة الأنظمة العربية المهزومة جوبه بمقاومة شرسة من قبل الأنظمة وحلفائها في إسرائيل والغرب. وقد أصبح للموجة الثالثة بعد إسلامي يتمثل في إيران وطالبان في أفغانستان.
الشعارات التي تحملها الحركات الإسلامية فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية إما أنها خيالية وفضفاضة عندما تتحدث عن طرد اليهود من فلسطين, أو غامضة كما هو الحال مع حركة حماس التي تقبل بحل الدولتين من جهة وتحمل شعار تحرير فلسطين من النهر إلى البحر في الوقت ذاته، وهذا لعمري هو التخبط بعينه.
استلهام ميثاق الحرية:
إن ميثاق الحرية الجنوب أفريقي الذي اعرضه فيما يلي يعطي صورة واضحة عن البصيرة الثاقبة والعقلانية التي تمتعت بها حركة التحرير الجنوب أفريقية. وهو ما أوصلها إلى تحقيق برنامجها بحذافيره. وأعتقد أن على الفلسطينيين استلهام هذا الميثاق ونبذ فكرة حل الدولتين لأنها غير عملية تترك ملايين المهجرين الفلسطينيين خارج الحل, ومن ثم تطيل أمد النزاع. وكما هو الحال في ميثاق الحرية، أعتقد أنه يجب التمسك بالدعوة إلى دولة ديمقراطية واحدة في كامل فلسطين لكل مواطنيها العرب واليهود كما كان عليه الحال في ميثاق منظمة التحرير الفلسطينية الأول، إذ أن ذلك وحده هو ما يكفل حل القضية نهائيا سواء كان اسم الدولة إسرائيل أو فلسطين أو إسراطين.
نص ميثاق الحرية:
نحن شعب جنوب إفريقيا نعلن للبلاد وللعالم اجمع أن جنوب إفريقيا تخص كل من يعيش عليها من السود والبيض، وانه لا يمكن للحكومة أن تبرر ادعاءها بامتلاك السلطة ما لم تكن مستندة إلى إرادة الشعب.
إن شعبنا قد سلب منه حقه في المواطنة الذي يكفله له مكان مولده، وحقوقه في الحرية والسلام,
إن وطننا لن يعرف الرخاء والحرية إلا عندما يتمكن شعبنا من العيش في ظل الأخوة، متمتعا بالحقوق المتساوية وتكافؤ الفرص. إن دولة ديمقراطية مرتكزة على إرادة الشعب هي القادرة وحدها على ضمان جميع حقوقه في المواطنة دون تفرقة بسبب اللون أو العرق أو الجنس أو العقيدة. ولذلك فإننا شعب جنوب إفريقيا سودا وبيضا، وكإخوة ومواطنين متساوين، نتبني معا ميثاق الحرية هذا، ونتعهد بتكريس أنفسنا للنضال معا بأقصى ما نملك من قوة وشجاعة لتحقيق التغييرات الديمقراطية الموضحة في الميثاق وحتى تحقيق الفوز بها.
الشعب سيحكم:
إن كل رجل وامرأة سيكون لهم الحق في الانتخاب والترشح لجميع الهيئات التشريعية.
لجميع المواطنين الحق في المشاركة في إدارة البلاد.
ستكون حقوق جميع المواطنين متساوية بصرف النظر عن العرق واللون والجنس والعقيدة.
سيتم استبدال جميع أجهزة حكم الأقلية وهيئاتها الاستشارية ومستشاريها وسلطاتها بأجهزة ديمقراطية لحكم ذاتي.
حقوق متساوية لكل المجموعات الوطنية:
ستكون هناك أوضاع متساوية لكل المجموعات الوطنية والأعراق في جميع أجهزة الدولة وفي المحاكم والمعاهد.
سيكون للجميع حق متساو في استخدام لغاتهم الخاصة وتطوير ثقافتهم الفلكلورية وعاداتهم.
سيحمي القانون كل المجموعات الوطنية من الشتائم والتمييز الموجه إلى أعراقهم وكبريائهم الوطني.
ستعتبر كل محاولة لترويج أو ممارسة التمييز الوطني أو العرقي أو الديني أو اللوني جريمة يعاقب عليها القانون.
سيشارك الشعب في الثروة الوطنية:
سيتم إعادة الثروة الوطنية لبلادنا ومواردثا ومقدرات جنوب إفريقيا إلى الشعب.
الثروة المعدنية تحت الأرض والبنوك والاحتكارات الصناعية سيتم تحويل ملكيتها إلى الشعب بأكمله.
سيتم توجيه التجارة والصناعة للعمل على رفاهية الشعب.
لجميع المواطنين الحق في المتاجرة أينما يشاءون، ولهم الحق في الصناعة والعمل في كافة المهن والحرف والتخصصات.
ستكون الأرض لمن يعمل فيها:
سيلغى التمييز في ملكية الأرض على أساس العرق وسيتم إعادة توزيع الأرض على العاملين عليها من اجل مكافحة الجوع وتلبية المتعطشين إلى ملكية الأرض.
ستساعد الدولة الفلاحين بالأساسيات والبذور والحراثات والسدود لإنقاذ التربة وحمايتها وستساعد الحراثين.
سيكون للجميع الحق في امتلاك الأرض حيثما يشاءون.
لن تسرق مواشي الناس، وسيتم إلغاء السخرة وتشغيل الراغبين في المزارع.
ستكون حرية الانتقال مكفولة لجميع العاملين في الأرض.
الجميع متساوون أمام القانون:
لن يسجن أي إنسان أو يرحل أو تقيد حريته بدون محاكمة عادلة.
ستكون المحاكمة ممثلة للشعب كله.
سيكون السحن عقابا على الجرائم الجسيمة المرتكبة من الشعب فقط وسيكون الهدف منه إعادة التأهيل لا الانتقام.
ستكون القوات المسلحة وقوى الأمن مفتوحة أمام الجميع وعلى أساس من المساواة وتكافؤ الفرص وستكون حامية ومعينة للشعب كله.
سيتم استبدال جميع القوانين القائمة على التمييز على أساس من العرق أو اللون أو الجنس أو العقيدة.
سنتمتع جميعا بحقوق الإنسان:
سيكفل القانون للجميع حرية التعبير والتنظيم والاجتماع والتظاهر والدعوة والعبادة وحرية تعليم أطفالهم.
سيكفل القانون حرمة البيوت من غارات أجهزة الأمن.
سيكون الجميع أحرارا في السفر من الأرياف إلى المدن، وبين الولايات،ومن جنوب إفريقيا إلى خارجها دون قيود.
ستلغى جميع القوانين الخاصة بتصاريح المرور وكل أنواع القوانين التي تقيد هذه الحريات.
سيعمل الجميع وسيكفل لهم الضمان:
لجميع العاملين الحق في إنشاء النقابات وانتخاب رؤسائهم وعقد اتفاقيات الأجور مع مستخدميهم.
ستكفل الدولة حق العمل وحقوق العامل في الحصول على تعويضات البطالة كاملة.
سيحصل الناس من مختلف الأعراق على ذات الأجر مقابل نفس العمل.
سيكون العمل الأسبوعي أربعين ساعة، وسيكون هناك حد أدنى للأجور، وإجازة مدفوعة الأجر، وإجازة مرضية لجميع العاملين، كما ستمنح كل الأمهات العاملات إجازة وضع مدفوعة الأجر.
سيحصل عمال المناجم وخدم المنازل وعمال الزراعة وموظفو الدولة على نفس الحقوق التي يحصل عليها كل العاملين.
سيحظر عمل الأطفال والسخرة والعمل التعاقدي الجائر.
ستفتح أبواب الحرية والثقافة:
ستكتشف الحكومة وتطور وتشجع المواهب الوطنية بغرض تطوير حياتنا الثقافية.
ستكون جميع كنوز المعارف البشرية متاحة للجميع عن طريق التداول الحر للكتب واتصال الأفكار ببلادنا.
سيكون هدف التعليم جعل النشء يحب شعبه وثقافته، وتكريم الأخوة البشرية والحرية والسلام.
سيكون التعليم حرا وإجباريا وشاملا بالتساوي لجميع الأطفال.
سيتاح التعليم العالي والتدريب التقني للجميع عن طريق المعونات الحكومية والمنح وعلى أساس الكفاءة.
سيتم القضاء على أمية الكبار بواسطة مشروع وطني كبير.
سيكون للمعلمين جميع حقوق المواطنين الأخرى.
سيتم إلغاء الفصل العنصري في الحياة الثقافية والتعليم والرياضة. (ا ه)
|
|
|
|
|
|
|