قرار سحب السعودية والامارات والبحرين لسفرائهم من قطر تطور خطير يعكس تدهور الاوضاع في المنطقة ويظهر دور تنظيم الاخوان الذي يقف كلاعب رئيسي خلف هذه التداعيات التي اوصلت الاشقاء الى هذا الانسداد المخيف. دور الاخوان ليس مستغربا ولا يمكن ان نستبعده ، سيما وقد سبق لهم ان استغلوا الدين وضحوا بالشباب كقرابين في معارك عبثية طمعا في السلطة .. اليوم هاهم يورطون قطر في مواجهات مع كل الشعوب العربية بنفس ذلك التفكير المصلحي الاناني الضيق المجرد من اخلاق المسلم السوي ، غير مكترثين بما يلحق بالشعب القطري الشقيق من اضرار بسببهم منذ عام 2011م.
اليوم يمكن القول ان الصورة اتضحت اكثر بان قطر ظلت تمارس دور المرشد السري لجماعة الاخوان لسنوات ، حيث سخرت اعلامها ومساجدها وثروات شعبها لدعم الاخوان الذين جندوا لتدمير دول عربية و قتل وتشريد الملايين من أبنائها بأساليب همجية تنفيذا لأجندة خارجية.
لا يمكن ان نلوم قادة دول مجلس التعاون الخليجي الثلاث لاتخاذهم هذا القرار فقد ظلوا سنوات يدارون قطر وعجزوا عن اقناعها بايقاف تحريض الاخوان ضدهم اطلاقا من المساجد والمنابر الاخرى بعد ان اتخذوا من دولة قطر راس حربة لشن حربهم على السعودية والامارات والبحرين والكويت ومصر واليمن وغيرها .. وبات كل المحاولات بالفشل بسبب غطرسة الجانب القطري الذي يذكرنا بنفس تلك الغطرسة والفرعنة التي اتبعها مرسي والمرشد مع الشعب المصري والتي كانت السبب وراء تفجر ثورة يونيو ..
وندلل على ذلك برد الفعل القطري على قرار سحب السفراء حيث يعكس نفس التفكير المتحجر فقد ذهبت الدوحة الى تكذيب الدول الثلاث في بيان مجلس الوزراء القطري الذي جاء فيه : " أن قرار الدول الخليجية الثلاث سببه خلافات حول شئون " خارج دول مجلس التعاون" ، مشدداً على التزام الدوحة بكل الاتفاقيات المبرمة في إطار مجلس التعاون.."
هكذا جاء رد الدوحة اشد بجاحة من خطب القرضاوي وأكاذيب قناة الجزيرة وهذا ما يزيد المخاوف من قدرة الاخوان على جر قطر الى معركة تصفية حسابات بينهم وبين الامارات والسعودية والبحرين والكويت وغيرها يكون الضحية فيها هو الشعب القطري الشقيق .
ولعل المثير للسخرية وسط هذه التراجيديا هو ذهاب الدوحة الى القول : بان سبب خلافها مع الدول الثلاث هو حول " شؤون خارج دول مجلس التعاون " ولكم ان تفترضوا ان معركة القرم في اوكرانيا قد حسمتها قطر لصالحها وبلمح البصر.
من المؤكد ان الاخوان قد نجحوا في تفجير ازمة حقيقية داخل دول مجلس التعاون الخليجي ولن يتوقفوا بتحويل قطر الى حزام ناسف لا يهدد بتفخيخ مجلس التعاون الخليجي فحسب، بل لن يتردد الاخوان من هد المعبد على رؤوس الجميع ، فهم دائماً على استعداد لإحراق دول المنطقة وتسليم ثرواتها للغرب كما فعلوا مع ليبيا وغيرها ، ولن يترددوا ايضا من الاستعانة بالحرس الثوري الايراني لتحقيق اهدافهم الشريرة ..
ووسط هذه التطورات الخطرة ، فان ما يبعث على الاطمئنان هو ان الدول الثلاث في مجلس التعاون الخليجي اتخذت قرارا في ان واحد ، في تأكيد على ان المواجهة ضد جماعة الاخوان أصبحت مصيرية ، ولا تراجع عن مواقفهم ابداً.. لاسيما وقطر ليس لها أي وزن سياسي او اقتصادي او تاريخي او ثقافي في المنطقة او داخل دول مجلس التعاون برغم ما تبدده من اموال بحثا عن مثل هذا الدور ، لكن للأسف فقد وجه الاخوان المال القطري وورطوها كدولة في سفك دماء ابرياء وتحولت الاموالها الى نقمه على قطر والقطريون .. وتزداد عزلتها عربيا يوما بعد يوم ليصل الامر الى عزل قطر على مستوى دول مجلس التعاون وهذا مؤشر يشير الى ان قطر مقدمة على تطورات داخلية توقف هذا الجنون والتهور في سفك دماء الابرياء ، وحماية للمنطقة من السقوط في قبضة مشعلي الحرائق ، بسبب تفكير الدوحة بعقل القرضاوي وعدم الاتعاظ من الحرائق التي اشعلها في سوريا وليبيا واليمن ومصر.