بحسب مشروع "وثيقة الحل العادل للقضية الجنوبية" أو ما يُسميه البعض " وثيقة بن عمر" - مع أن كل المكونات شاركت في صياغتها - فان للجنوبيين حصة 50 % من التعيينات في كل أجهزة الدولة المدنية والعسكرية في المناصب القيادية التي يصدر بها قرار من رئيس الجمهورية أو من رئيس الوزراء, وحددت مدة ذلك الاستثناء بان يشمل المرحلة الانتقالية والدورة التي تليها فقط.
تلك المادة حظيت بالإجماع من قبل كل المكونات, على اعتبار أن ذلك التمييز يعتبر "تمييزاً ايجابياً" محدد المدة بسبب ما تعرضت له بعض التيارات الجنوبية من اقصاء منذ حرب 94م والى ما قبل وصول هادي الى السلطة.
لكن هناك تخوف من أن يستحوذ على تلك الحصة فصيل سياسي جنوبي بعينه ويُجيره لمصلحته لضرب بقية المكونات الجنوبية الأخرى, والسيطرة على الساحة السياسية الجنوبية عبر استخدام تلك المناصب والتعيينات, بل أن البعض يقول أن الجناح الجنوبي المؤيد لحرب 94م والذي كان في صف النظام وقتها واستفاد بعد الحرب من موقفه ذلك, هو نفسه الفصيل المتوقع أن يستحوذ على تلك النسبة الاستثنائية, ومن هنا فان من تمم اقصائهم منذ العام 94م من الجنوبيين سيستمر اقصائهم لكن هذه المرة على أيدي جنوبيين.
ومن هنا وحتى لا تكون تلك الحصة مثار خلافات وصراعات في المستقبل قد تُهدد وحدة الجنوب وسلمه الاجتماعي فانه يتوجب وضع معايير وضوابط واضحه ومهنية تسمح لكل الجنوبيين ومن مختلف التيارات والانتماءات السياسية والفكرية وغير السياسية تسمح لهم بالمنافسة على تلك المقاعد في السلطة وفق آلية يُتفق عليها جنوبياً من الآن, وأقترح أن تُشكل هيئة من كل الأطراف الجنوبية تُعنى بتنظيم ذلك الملف ووضع معايير له ومراقبة التعيينات ومدى تساوي الفرص فيها لكل الجنوبيين.
أعتقد أن الحزب الاشتراكي وكل من تعرض للإقصاء منذ حرب 94م بل وكل من تعرض للإقصاء منذ 67م معنيين بوضع معايير واضحة من الآن تضمن عدم استحواذ فصيل سياسي جنوبي على تلك النسبة, ما لم فإننا بذلك "التمييز الايجابي " سنحل مشكلة جنوبية شمالية ونزرع مشكلة جنوبية جنوبية, ستحتاج الى مؤتمر حوار آخر في الجنوب لحلها.
وفي الأخير أود التنويه أنه لا صحة لما يُشاع أن الجنوبيين سيستحوذون على 50 % من كل الوظائف, فالتمييز اقتصر على الوظائف القيادية التي يصدر بها قرار من الرئيس او رئيس الوزراء, أما باقي الوظائف فانه الوثيقة اشارت الى ضرورة انهاء التمييز الوظيفي وتحقيق تكافؤ الفرص لكل اليمنيين, وتكون للجنوبيين أولوية في شغل تلك الوظائف بما يعالج عدم المساواة, والمساواة هنا تعني أن تُعطى لأبناء المحافظات الجنوبية درجات وظيفية "تنزل في محافظاتهم" بما يؤدي الى معالجة الخلل, وبما يُفضي الى أن تكون حصتهم في تلك الوظائف تساوي نسبتهم السكانية وليس نسبة 50 % منها, ومن هنا فانه لا صحة لما يقال أن أبناء المحافظات الجنوبية يمكنهم منافسة أبناء المحافظات الشمالية في الدرجات الوظيفية العادية التي تخصص للمحافظات الشمالية, فقانون الخدمة المدنية ينص على أن الأولوية لأبناء المحافظات في الدرجات الممنوحة لمحافظتهم..
albkyty@gmail.com
- نقلاً عن صحيفة الأولى: