يحيي شعبنا اليمني الابي احتفالاته بثورة 26 من سبتمبر الخالدة في ذكراها (51)، والتي جاء بها شباب اليمن المخلصون والغيورون على وطنهم مما كان يعانيه، حيث فرضت الحياة القاسية التي كان يعيشها اليمنيون آنذاك على الشباب اليمني المتسلح بالعلم، أن يقوم بثورة تسهم في الارتقاء ببلاده على كافة الاصعدة، وتجعله يلحق بركب الدول التي اصبحت امامه في مسار التقدم.
كلما تحل علينا هذه المناسبة الكبيرة، نتذكر كل شيئا لا التضحيات الجسام التي قام بها الشباب الابطال في ميادين الفداء، وللاسف ينسب الشيئ لغير اصحابه ويضيع الشباب بين فرض شخصيات بعينها اما لقرابتها بمن يسطرون التاريخ أو بالنخب السياسية الحاكمة، فيما الشباب لا يجدون من ينصفهم.
ان ايقاد شعلة الثورة ليلة 26 سبتمبر من كل عام على يديى الشباب والشابات والزهور والزهرات من ابناء الكشافة والمرشدات، لهو امتداد حقيقي لصانعي هذه الثورة المجيدة، وان ظنه البعض مجرد شيئ رمزي، الا انها الحقيقة، فكما فجر اجداد هؤلاء الفتية ثورة سبتمبر في العام 1962م، فهم يحيون ذكراهم وتضحياتهم الجسام، ويذكرون الكل بأن الشباب هم من صنعوا الثورة وهم من يحافظون على اتقاد شعلتها الخالدة.
ولكن السؤال الذي ينبغي ان يسأل ماذا استفاد الشباب من ثورة سبتمبر؟ والجواب بكل تأكيد سيكون : حصولهم طيلة هذه السنوات على ما لم يكونوا يحصلون عليه قبل قيام الثورة كم صحة وتعليم وخدمات، ولكن هذا لا يكفي، فجموع الشعب حصلت على ذلك ايضا.. وهنا ينبغي علينا ان نكون منصفين، وان نضع النقاط على الحروف، وأن نعترف بان الشباب وان حظوا ببعض ما يتمنونه او ما يليق بهم طيلة السنوات الماضية، الا انهم لم يصلوا بعد الى تحقيق كل طموحاتهم، والا لما كانوا خرجوا مطالبين بالتغيير السلمي الذي يجعل الشباب في الصدارة.
عندما نتحدث عن الشباب اليمني فنحن نتحدث عن ثلاثة ارباع الشعب، وهي نسبة مهولة أن يكون شعب في أي أمة قوامه ما يقارب ثلاثة ارباع ساكنيه، ولهذا فإن هذه النسبة الكبيرة لا يمكن تجاهلها، ولا يستطيع احد ان يزيحهم عن طريقه تحت أي ذريعة كانت، وإن ظن انه يملك السلطة التي تمكنه من ذلك.
الشباب اليوم محتاجون الى ان يجدوا انفسهم في الاماكن التي تليق بهم، والتي درسوا وتعبوا وتعلموا خلال السنوات الماضية، ليكونوا جديرين بها بعلمهم، لا بحسبهم ووساطاتهم.. لهذا فإن تشبيب الدولة أمر لابد منه، فالدماء الجديدة هي التي لا بد وان تأخذ زمام القيادة، مع الاعتراف بالادوار التي صنعها الاباء من الذين كانوا يتقلدون تلك المناصب.
من حق الشباب ان يصنع حاضره ومستقبله بما يتماشى مع التطور الذي طرأ على العالم، وكان للشباب دور فيه، فالعصر هو عصر العلم، والشباب المتسلح بالعلوم هو وحده القادر الى ان يقدر الاحتياجات التي تتناسب مع العصر الجديد، شريطة التمسك بالعقيدة والهوية العربية والانتماء للوطن اليمني الواحد.
لم يصنع شباب اليمن ثورتيهم 26 سبتمبر 1962م، 14 اكتوبر 1963م -التي نحتفل بذهبيتها هذا العام- فقط، بل شاركوا في اخراج وجلاء المستعمر في 30 نوفمبر 1967م، وأسسوا اللبنات الاولى التي مهدت للوحدة الخالدة في 22 مايو 1990م، فقد كان لشباب ورياضيي هذا الوطن (بشطريه سابقا) سبق تحقيقها عندما التقوا ولعبوا معا باسم الوطن الواحد، والغوا موانع التشطير بلغيهم في صنعاء و عدن في بطولة الوحدة وكأس اليمن، ثم يأتي من يجني ثمرات الوحدة ويقصي الشباب منها وهم صانعوها الحقيقيون قبل السياسيين...نبارك لشباب الوطن احتفالاته المجيدة بأعياده الوطنية (سبتمبر،اكتوبر، نوفمبر) ونجاح الحوار الوطني الذي كان لهم الفضل في اقامته، وكانوا ركيزة مهمة فيه.
* استاذ مساعد بجامعة البيضاء: