محمد حسين النظاري
طباعة المقال طباعة المقال
RSS Feed مقالات رأي
RSS Feed
محمد حسين النظاري
لا .. لإغراق البلاد في الفوضى
مع هادي من أجل بلادي
مونديال الجَمال والجِمال

بحث

  
الحديدة مدينة منهوبة
بقلم/ محمد حسين النظاري
نشر منذ: 11 سنة و 3 أشهر و 20 يوماً
الخميس 01 أغسطس-آب 2013 01:52 ص

هل تصدقون الحديدة مدينة منكوبة؟ عندما كنت أكتب عن نكبة عروسة البحر الاحمر، ابتداء بتهالك الكهرباء وانهيار الصرف الصحي ورداءة الخدمات الصحية وتفشي الأمراض، ونهب الاراضي، وتراجع الرياضة، وانحسار الثقافة، و....... الخ من الامور الكثيرة كانت السلطة المحلية حينها تتجاهلها، معتبرة ان الامور عال العال.. ناديت باستمرار بأن يتم عقد جلسة مجلس الوزراء بالحديدة وحدث ذلك بالفعل.. ولكن ما هو المردود الذي تحصلت عليه المحافظة لا شيء، فقد زادت الامور سوء على سوئها.
أخير أفاق الاخ المهندس أكرم عطية، ليعلن كقائد للسلطة المحلية ان الحديدة مدينة منكوبة، وهي دعوة تدعونا للضحك والحزن في آن واحد، لسببين أولها انها جاءت من الذي يفترض ان يمنع النكبات كرجل أول في المحافظة، وثانيها ان مسؤولينا كعادتهم لا يشعرون بالشيء الا بعد خراب مالطا.
الحديدة منكوبة لأن سلطتها المحلية عاجزة عن تقديم أي شيء للمواطنين، فالمجاري التي يتحدثون عنها -اليوم- غزت البيوت ودخلت غرف النوم -منذ أشهر وفي حارتي التي اسكن بها- وحينها لم تحرك السلطة المحلية ساكنا، ولكنها وما ان غزت محيط القصر الجمهوري، وأحاطت بجوانبه، أفاقت لتعلن ان الحديدة اصبحت منكوبة، فربما يفكر الاخ الرئيس في العودة من أمريكا للحديدة مباشرة، ولن يجد حينها الا المجاري تحاصر القصر، وعندها لن تنفع الاعذار.
ان النكبة الحقيقية التي تعاني منها الحديدة تتمثل في ابتعاد الاخ المحافظ عن الناس وانزوائه في مكتب مركز المعلومات، ليتيح الفرصة ان تصله خلال السنتين، معلومات مضللة، ولو ان الاخ المحافظ كان يقوم بالزيارات المدانية الى الشوارع والأحياء، لعرف من الناس ما يجب ان يصله من الذين يحجبون الحقيقة عنه، والذين وللأسف الشديد استطاعوا ان يظهروه كمحافظ فشل في ان يقود محافظة مسالمة، فكيف به اذا كانت غير الحديدة، والمحزن انهم يريدون ان يصوروا لنا ان هذا هو ابن تهامة التي يقودها، وهذه هي قدراتكم.
مشكلة المجاري التي تراكمت بسبب عدم حلها، لا تتواجد إلا في مناطق ظهر فيها الحراك التهامي، وكأنها عقوبة ضد السكان، فلا توجد مشاكل الصرف الصحي في شمال شارع صنعاء، أما الحديدة القديمة في الحوكين والصبالية والدهمية وغليل، فهي مسابح في الهواء الطلق للحشرات والجراثيم، وانتقلت منها الى البيوت في حالة لم تكن الحديدة فيها على هذا النحو أبدا، مع استغرابي لعدم ذكر ان الحديدة منكوبة بسبب التلوث البيئي الناتج عن تكدس القمامة في الشوارع الرئيسية، وهذا أمر لا يحتاج لتدخل حكومة الوفاق، بقدر ما يحتاج حسن ادارة من السلطة المحلية.
لست من الداعين للخروج بالمظاهرات على السلطة، ولكني افضل ان تمتلك هذه السلطة الشجاعة الكافية، وتقدم استقالتها للأخ رئيس الجمهورية، فمن المخجل ان يتحصن المحافظ في بيته، وتخرج مسيرات يرتدي المشاركون فيها الحفاظات، ليبينوا للجميع الوضع المزري الذي وصلت اليه الحديدة.. وهنا اتساءل اذا كان هذا يحصل في عاصمة المحافظة وبالقرب من قيادة السلطة المحلية؟ فكيف هو الحال بالمديريات 24 الاخرى؟ الاكيد ان وضعها كارثي، ولكن لا يوجد من يوصل صوتها للحكومة.
حكومة الوفاق الوطني مساهمة مع السلطة المحلية فيما وصلت اليه الامور في الحديدة، في لم تساهم في حل المشكلات، كما انها لم تتجاوب مع مطالب الناس ، الامر مطروح بين يدي الاخ رئيس الجمهورية الذي بيده انقاذ الحديدة مما هي فيه، وتعيين قيادة جديدة، تستطيع ان تتفهم ما يحتاجه الناس، وان تلبي تطلعاتهم، فإذا لم تستطع حكومة الوفاق ان تلبي احتياجات الحديدة، وهي التي تستقطع كثيرا من مواردها من خيرات المحافظة، فما عليها الا ان تكف عن تلك الاستقطاعات وأن تترك موارد المدينة لها تصلح بها حالها.
الحديدة يا سادة مدينة منهوبة، فخيراتها لغيرها، وكهربائها لمدن أخرى، وزراعتها تباع بأرخص الاثمان، وأهلها يشتغلون في اقل الوظائف والمهن، أراضيها تنهب بالكيلومترات، وسواحلها تغتصب، وصيادوها يهانون ويحبسون في دول الجوار.. اننا قبل ان نتحدث عن ان الحديدة مدينة منكوبة، علينا ان نعترف بالحقيقية أنها مدينة منهوبة.
على سكان محافظة الحديدة ان يدركوا ان الاشخاص الذين تولوا امرها لم يقدموا شيئا خلال الفترة الماضية، سواء كانوا سلطة محلية او مجالس محلية او اعضاء مجلس النواب، جميعهم بحثوا على مصالحهم الخاصة، وتركوا الحديدة تغرق في نكباتها، ولهذ ينبغي عدم التصويت لي منهم، إذا بلغ به التبجح والترشح لأي من المجالس المذكورة سابقا... فقد انقشعت الغمامة وانفضح المستور. الحديدة لا يوجد بها هيبة الدولة التي هي ضائعة في محافظات أخرى، ولكنها في الحديدة أشد، فالمواطنون يعانون من ارتفاع سعر تكلفة الكهرباء وانعدام الخدمة، فيقومون بالربط المباشر من الاعمدة، ولا يستطيع احد محاسبتهم، وهذا سيسبب كارثة حقيقية.
من الاشياء الجميلة التي حصلت في الحديدة، اعادة احياء مستشفى الثورة من جديد، فقد دخلته هذه الايام برفقة العزيز والخدوم عبد الله عجيلي، فوجدت فيه تغيرات تستحق الاشادة مثل الطوارئ وقسم الأطفال، الحروق، التوليد، إعادة التكييف المركزي.. للأسف الشديد المواطن فقد الثقة في المستشفيات الحكومية، واتجه للخاصة، مع ان تلك الخاصة لا سيما في الحديدة تقدم الموت السريع عبر التخدير، فقبل أيام توفى احد الذين اعرفهم في مشفى خاص وهو لم يدخل إلا ليجري تجير لإحدى يديه، وكان ذلك بسبب جرعة التخدير الزائدة.. نتمنى ان تعود الثقة بين المواطن والمرافق الصحية الحكومية، فتلك الخاصة تمتص الجيوب والقلوب في ان واحد... إذا فالحديدة قبل ان تكون منكوبة هي منهوبة منهوبة منهوبة.

* أستاذ مساعد بجامعة البيضاء:

Share |
عودة إلى مقالات رأي
مقالات رأي
كاتب/جمال محمد حُميد
مؤتمر حوار أم مؤتمر تكفير؟
كاتب/جمال محمد حُميد
كاتب/عبدالوهاب الشرفي
يوم القدس العالمي ... إطلاق ( للقضية ) من أغلال التعاطي الرسمي
كاتب/عبدالوهاب الشرفي
كاتب/ماهر إبراهيم جعوان
إنما النصر صبر ساعة
كاتب/ماهر إبراهيم جعوان
كاتب/علي البخيتي
وهم الحوار وورطة الاشتراكي والناصري
كاتب/علي البخيتي
كاتب/عبدالوهاب الشرفي
الفيدرالية في اليمن .. ( نقطة بداية ) خاصة
كاتب/عبدالوهاب الشرفي
كاتب/عبدالخالق عطشان
جذور الدولة المدنية الحقيقية
كاتب/عبدالخالق عطشان
الـمـزيـد
جميع الحقوق محفوظة © 2012-2024 وفاق برس
برنامج أدرلي الإصدار 7.2، أحد برمجيات منظومة رواسي لتقنية المعلومات والإعلام - خبراء البرمجيات الذكية