انطلقت أعمال القمة العربية في دورتها الرابعة والعشرين التي تحتضنها العاصمة القطرية الدوحة في خضم تحديات كبيرة تواجه شعوبنا العربية ، وآمال وتطلعات عديدة ترنو إليها بعد انتصار ثوراتها الربيعية التي اندلعت قبل نحو عامين في أكثر من بلد عربي ، بدءاً بتونس ومصر وليبيا واليمن واستمراراً لتشمل سوريا وبلدان عربية أخرى ..!
هذه القمة العربية تتميز عن غيرها من القمم العربية السابقة بحكم نوعية الملفات المطروحة أمامها ، ولعل الملف السوري أكثرها أهمية كون القضية السورية اخطر حدث ضاغط على مجمل فعاليات هذه القمة يطرح بقوة ضرورة دعم الشعب السوري في انتصار ثورته ووضع حد للعنف والدم الذي يمزق هذا الشعب الشقيق .. حيث لم يكن القرار الذي اتخذ أمس الأول بمنح مقعد سوريا إلى المعارضة ، الاّ خطوة في الاتجاه الصحيح تؤسس للتعامل مع الثورة السورية كواجهة سياسية شرعية لسوريا على مستوى الجامعة العربية .
أمام قمة الدوحة مهام ومتطلبات تفرض على القادة العرب إن تبدأها بالمصالحة التامة مع الإصلاح الكامل للجامعة العربية ، ذلك أن التحولات السياسية التي شهدتها بلدان الثورات العربية تتطلب نظاماً عربياً جديداً ومستوعباً لهذه التحولات ومعبراً عنها و جامعاً لإيقاع التغيير وضمان الحريات والحقوق في مقابل القضاء التام على بقايا الفساد والاستبداد ..!
وإذا كانت الأوضاع العربية جراء معطيات الشارع العربي الجديدة ، وابرز هذه المعطيات ما شهدته بلدان ثورات الربيع العربي ، تمثل ابرز ما ستتناوله القمة في فعالياتها ، فأن المطلوب حتماً هو دعم هذه البلدان التي انتصرت على أنظمة القهر والاستبداد ، والوقوف بجانبها لتشكل تحولاتها نحو التغيير الشامل وإرساء مداميك الحرية وبنيان النظام السياسي الجديد سيراً نحو الاستقرار والتقدم والرقي ..
دولة قطر هيأت الأجواء والظروف لإنجاح القمة العربية ، والجميع ينتظر أن تخرج قمة الدوحة بنتائج مثمرة ، طالما ومن يرأسها هي قطر المعروفة بمواقفها الداعمة للشعوب العربية في انتصار ثوراتها ولتحقيق أهدافها في الحرية والكرامة وبلوغ كامل تطلعاتها وآمالها ..!
- الملفات الساخنة التي سيتناولها الزعماء العرب في نقاشاتهم ومداولاتهم ، خصوصاً في المجال الاقتصادي ، تكسب قمة الدوحة العربية أهمية كبيرة .. ومن أهم هذه الملفات السوق الحرة العربية والاتحاد الجمركي العربي وتعزيز التجارة والاستثمار ، والتجارة البينية العربية التي لا تتجاوز 10% وتشهد تراجعاً مخيباً للآمال ، وكذا توسيع فرص التعاون العربي في قطاعات الطاقة والصناعة وغيرها مما يؤسس لمنظومة اقتصادية عربية مشتركة .
ما يعطي الدور الريادي لدولة قطر في هذا المضمار ، انها اصبحت نموذجاً عربياً فريداً في تحقيق الانجازات والتطور في صناعة النفط والغاز ، وقدمت دعماً كبيراً للبلدان العربية لتعزيز التكامل الاقتصادي ، ولديها رؤية استراتيجية لوضع الاقتصاد العربي في مقدمة القاطرة التي تقود نحو التكامل الاقتصادي والسياسي وتحقيق الوحدة الحقيقية بعيداً عن الشعارات الكلاموية التي لا تجدي نفعاً..!
كان قرار عقد قمة اقتصادية عربية سنوية التي عقدت دورتها الاولى في الكويت يناير 2009م .. يندرج في إطار السعي لتطوير العمل العربي المشترك الذي استنفد جهوده في القضايا السياسية ومعالجة الازمات دون إيلاء الاهتمام المطلوب للقضايا التنموية باعتبارها الطريق الصحيح لإرساء التكامل والتضامن والعمل العربي المشترك الذي يمثل الضمان الاساسي ليس لنهضة الامة فحسب ، بل لأمنها القومي ومستقبل اجيالها ...!
-دولة قطر:
دولة قطر تخطو ، اليوم ، خطوات نهضوية واثقة وتحقق انجازات اقتصادية واجتماعية وثقافية كبرى ، حتى أصبحت من أسرع الاقتصادات العالمية نمواً وبمعدل متوسط دخل للفرد يعد بين الأعلى على مستوى العالم قدره (ثمانية وثمانون ألف دولار) ..!
الطفرة التي تمر بها دولة قطر سياسياً وأقتصادياً وأجتماعياً وثقافياً ، ليست الاّ ثمرة قيادة حكيمة ممثلة بحضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني وسمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني ولي العهد .. ذلك أن مالدى قطر من ثروات هي نفسها موجودة لدى الدول الخليجية الأخرى التي بدأت نهضتها قبل هذا البلد بسنوات طويلة ، لكن قطر استطاعت ليس فقط اللحاق بهذه الدول في النمو ، ولكنها تجاوزتها وأصبحت اليوم أكثرها امتلاكاً للبيئة الاستثمارية المواتية وأكثرها جذباً للاستثمارات الأجنبية المتدفقة في مجال الطاقة والمجالات المصرفية والصناعية والخدماتية..!
قطر اليوم من أكبر دول العالم الشريكة في أكبر المشاريع الاستثمارية الصناعية والتجارية العربية والعالمية ، وهي كذلك تتبوأ مكانتها اللائقة كمركز تعليمي عالي في منطقة الخليج العربي ومنطقة الشرق الأوسط..
ففي قطر مدينة تعليمية كبرى تتوسع بصورة لافتة في استقطاب المعاهد والجامعات والمؤسسات التعليمية ذات المستوى العالمي التي تقدم خدماتها من داخل الدوحة..
هذه قطرة في خضم انجازات قطر وتحولاتها المثيرة للإعجاب..!