|
الدراجة النارية والمسدس ذو الكاتم
بقلم/ احمد صالح الفقيه
نشر منذ: 11 سنة و 8 أشهر و 28 يوماً الخميس 21 فبراير-شباط 2013 11:58 م
بالامس جرت محاولة اغتيال المناضل الكبير حسن باعوم على مدخل عدن، كما جرى اعتقال القادة السفير قاسم عسكر والشيخ حسين بن شعيب، وسقط الخميس العشرات في عدن قتلى وجرحى،وفي صنعاء تم الاعتداء على الجرحى المعتصمين امام مبنى رئاسة الوزراء بصنعاء وتم استهداف المناضل احمد سيف حاشد في محاولة اغتيال سافرة. واستهدف المئات من الضباط والناشطين الجنوبيين بالاغتيال بوحدات الدراجة النارية والمسدس ذو الكاتم. وبدمشق قتل وجرح العشرات صباح اليوم في انفجار مروع بجوار مدرسة ومركز ايواء للاجئين الصوماليين في احد اكبر شوارع دمشق حصد عشرات القتلى والجرحى. في مصر جرى قتل عشرات الناشطين من الشباب والفتيات وجرح المئات واعتقال وتعذيب الآلاف منهم وانتهاك اعراضهم واعراضهن في هجمة بربرية لكسر روح الثورة. ويتم تعذيب الشعب البحريني بكل بربرية لكسر ارادته ووأد ثورته وكذلك سكان المنطقة الشرقية في السعودية.
ومات شكري بلعيد، أول ضحية اغتيال سياسي في تونس ما بعد الثورة، وهو يرى «الكابوس» الذي ما انفك يحاربه بعد إسقاط نظام زين العابدين بن علي قبل أكثر من سنتين يتحول حقيقة. في هذه الجرائم كلها نرى اصابع الإسلام السياسي المتمثل باحزاب الاصلاح والحرية والعدالة والنهضة الحاكمة وأتباعها وكلها فروع للاخوان المسلمين، وهي تحاول فرض السيطرة المطلقة على الحكم في كل بلد، وجرّ البلاد إلى دوامة عنف سياسي ممنهج، بهدف إقصاء الخصوم السياسيين. وهي في المحصلة لاتخدم غير الصهيونية بتدمير الاوطان وهدم مقدراتها ووحدتها الداخلية. هذا ما رآه القيادي التونسي المعارض الشهيد وحذّر منه في مناسبات عدة، كان آخرها مقابلة أُجريت معه عبر قناة «نسمة»، قبل يومين من اغتياله أمام منزله.
وبالعودة الى الشان اليمني، ربما كانت عقود من القهر والمعاناة قد مسخت شخصية اليمني وحولته الى جبان رعديد يصفق للاقوياء مالا وسلاحا، ولا يستجيب الا لهم، ولا يسير الا في ركابهم، كما في منظر الشارع الذي يحتشد بمئات الالوف من اجل نصرة طاغية لم تعرف اليمن شرا منه عبر تاريخها، او من اجل نصرة مشايخ وكهنوت وعسكريي حزب الاصلاح وهم شر مكانا وأسوأ طوية من الطاغية الذي كانوا سلاحه وعدته لعقود، وهما بعد، الطاغية وحزب الاصلاح كلاهما عملاء الاجنبي الذي مكنوه من نهب ارض الوطن بما في باطنها من ثروات طائلة، واعداء الشعب، يظهراحدهم بقرون الشيطان والآخر بمسوح الرهبان.
يسير اليمنيون في ركاب هؤلاء الانجاس، يستوي في ذلك الاميون الجهلة، ومن نالوا قسطا من التعليم، ولا ينصرون حتى الجرحى في معتصمهم ضد حكومة اهدرت احكام القضاء واعتدت على الضحايا وبذرت المال العام على اللصوص وحرمت مستحقيه.
واذا كان الجاهل معذورا بجهله في السير في ركابهم لانه كالانعام بل واضل سبيلا، فما بال المتعلمين؟ فالصحافة في بلادنا اصبحت مستحقة للقب المهين (السخافة) وقد فرخ الشيطانان المذكوران عشرات الصخف وعشرات المواقع الالكترونية التي تروج لباطلهما ونكذب لحسابهما، وبين القائمين عليها مواهب كنا نربأ بها عن هذا السقوط، حتى ان القلب ليحزن من هذا التردي الشامل.
بالامس فقط اتهم موقع صدى الغد الحزب الديمقراطي اليمني بانه ممول من الطاغيه، لان الحزب اصدر بيانا يدين فيه وزير المالية ورئبس الوزراء لموقفهما المخزي من الجرحى المعتصمين ، ولأن البيان ذكر رئيس الوزراء ببعض جرائم ماضيه. مع ان الحزب معروف بمناهضته للطاغية وحزب الاصلاح معا قبل ان يعرف الموقع المرتزق طريقه ا لى الفضاء الافتراضي. انه استسهال الكذب.
وقد اصبحت خيانة الامانة طابع اليمنيين الا من رحم ربك، فلا تكاد تجد احدا يصدق في وعده او يؤدي اجبه كما يجب عليه. فحتى رجال الدين الذين يلوكون القرآن ليل نهار نادرا ما يجد بينهم من لا يشتري بعهد الله وآياته ثمنا قليلا. ويبدو ان هذا الخلق في اليمنيين قديم، وقد حفظ لنا الشعر القديم بيتا يقول:
وفي هوازن قوم غير ان فيهمو
مثل اليمانيين ان لم يغدروا خانوا
وفي الشأن العام تسمع اليمنيين مع مافيهم يشكون من الاستبداد ويطلبون الثورة مع ان كلا منهم يحتاج الى ثورة تقوم اعوجاجه.
إن تفكيك الاستبداد لن يتم إلا بعكس الآلية التي جعلت وجوده ممكنا، وأمدته بأسباب القوة، وهي آلية قائمة على التغاضي عن الجرائم وتحويل السلطة الى مؤسسة عائلية وعشائرية أوعصابة ايديولوجية، فجرى وضع اهم وحدات القوات المسلحة والامن تحت قيادة من ذكرنا اعلاه من افراد العصابة والاسرة والعشيرة، ثم وضع مؤسسات ووزارات هامة تحت سيطرة الاصهار والاقرباء والاصدقاء. اذن فتفكيك الاستبداد يستلزم حتما اقالة الجميع من مناصبهم التي تولوها دون استحقاق من كفاءة او جدارة، وكف ايديهم بل ومحاسبتهم على ما سلف منهم من جرائم.
ان اتخاذ هذه الخطوة الضرورية قد يدفع هؤلاء الى مواقع التمرد، وهو امر حسن ان حدث، لانه يعني استئصال شأفتهم والقضاء عليهم مرة واحدة والى الابد. ولا اظنهم مقدمين على التمرد على القرارات الشرعية القاضية باقالتهم، فاللص جبان مهما تسلح.
الناظر الى تجمعات اليمنيين الثائرة في ميادين التغيير والحرية من جهة، والاخرى الموالية للرئيس في ميادين السبعين والتحرير واشباهها من جهة اخرى، يلمس بوضوح الى اي حد يجتمع الملاك والشيطان بداخل كل انسان، والى اي حد تبلغ قابلية الحشود للايحاء والتاثر دون إعمال الفكر او الاستفادة من ملكات الحكم والتمييز.
. وللجماهير عبر التاريخ ادوار منها ما اتسم بالسلبية عبر الدعم الذي اعطته لقوى استبدادية او لايديولوجيات فاشية واوصلتها الى سدة الحكم، او عبر التضحيات العظيمة في سبيل قضايا وطنية واجتماعية، وهو ما يجعلها تجمع بين القدرة على التدمير والقدرة على التضحية الكبرى البناءة في آن واحد.
فجماهير ميادين التغيير والحرية التي حرك خيالها شعار سلمية، الذي اسقط طاغيتي مصر وتونس، اصرت على سلمية تظاهراتها وتقبلت بصدور رحبه كل اشكال القمع اللاانسانية رافضة اللجوء الى العنف. وهي مع ذلك ترسخ الجانب الآخر من الشيطانين وتمكن له ، وتغلبه على الجانب الشيطاني الآخر وتظن انها بذلك ترتقي في مدارج الانسانية والمدنية.
بينما كان الطاغية يلعب دورا ضخما بالنسبة لجماهير ميادين السبعين والتحرير واشباهها، فهي تتماهى مع عنفه وبلطجته، وتسلك سلوكه، لانه مثلها الاعلى، فإرادته وسلوكه يمثلان النواة التي تتحلق حولها وتنصهر فيها. والجمهور هنا وهناك عبارة عن قطيع لا يستطيع الإستغناء عن سيد، فهو جمهور يحترم القوة، ويمارس العنف. |
|
|
|
|
|
|