لم يكن التجمع أمام بوابة جامعة صنعاء اعتباطي أو مصادفة بل كان مخطط له منذ فترة طويلة. بدأ حزب الإصلاح باختراق المنطقة بهدف السيطرة على الجامعة. عمل أولا على تسوير جامع الجامعة حتى يفصله عن الجامعة ثم أخذ مقر جمعية الإصلاح. استأجر كل المحلات على امتداد الشارع وفتح فيها تسجيلات صوتية تبيع الجهل وفتاوي الضلال. بنى الفرقة وجامعة العلوم والتكنولوجية ومستشفى العلوم وجامعة الإيمان. كان الهدف هو محاصرة مصنع الذكاء وعقل الأمة وهو الجامعة.
أثبتت الأيام أنهم لم يكونوا يريدون التغير بقدر ما يريدون تدمير الهامش الديمقراطي الذي كانت وصلت إليه البلاد بفعل التراكم الذي أحدثه المناضلون من مختلف القوى السياسية. حينما خرجوا على علي عبدالله صالح ساعدهم على ذلك الآليات التي أرساها صالح وهامش الديمقراطية التي حققها للمرأة وكذلك للشباب. بدليل أن أحدا اليوم لا يستطيع أن يحتج أو يعبر عن رأيه.
الذين خرجوا ضد صالح خلطوا بينه وبين الدولة ، لذلك لم يدافعوا عن الدولة بل وقفوا ضدها.. وكان لنقابة أعضاء هيئة التدريس في الجامعة دور سلبي حيث انطلقوا من شعارات ثورية أعمتهم عن الحفاظ على عقل الأمة الجامعة .. فكان شعارهم لا دراسة ولا تدريس حتى يسقط الرئيس.. ومثلهم نقابة الصحفيين التي انتهجت نهجا أيديولوجيا وانحازت سلبا وظلت حتى هذه اللحظة تمارس صمتا لافتا فيما يتعرض له الوطن من دمار وقتل وخراب.
لم يستطيعوا تحييد خلافاتهم ومثلهم أعضاء هيئة التدريس فيما يتعلق بالوطن.
اليوم الوطن شهد تدهورا كبيرا وأصبح المشهد قاتما لكن أحدا لم يكلف نفسه بإعادة النظر فيما جرى وتقيم ذلك تقيما موضوعيا ونقديا.
المفارقة العجيبة أنني ألتقيت بأساتذة جامعات من السعودية والإمارات والكويت والبحرين وهم يرفضون العدوان على اليمن وينتقدون ذلك بشدة .. غير الإخوة الجزائريين والتوانسة والمغاربة والعراقيين والسودانيين والمصريين من اليساريين الذين يعبرون عن ألمهم لما يحدث لليمن. وللأسف هناك أساتذة في الجامعات اليمنية وصحفيين ومثقفين يتلذذون كلما سقط صاروخ على بلدهم أو دمر معلما تاريخيا أو قتل طفلا أو امرأة أو رجلا.
هناك غياب للمشروع الوطني. والسبب يعود إلى تدمير الجامعة مصنع الذكاء وعقل الأمة. نحن لا نطالب هؤلاء بالمستحيل بل نطالبهم بأن يكونوا على غرار النخب الموجودة في البلدان الأخرى.
حقيقة أنا لست زعلان من هؤلاء بل زعلان عليهم لأنهم مدمرين نفسيا. فلا يمكن لإنسان سوي أن يقبل احتلال بلده!