كما ضحت الولايات المتحدة الأميركية بسفيرها في السابق ( كريس ستيفنز ) الذي مات اختناقاً في هجوم منسق على القنصلية في بنغازي ها هي اليوم تكرر السيناريو نفسه و لكن بأسلوب محنك خبيث بحيث تبدل موقفها الظاهر للعلن فقط من الهجوم الشرس إلى الدفاع المبطن الذي يمنحها نوبل السلام العالمي من أجل التعتيم على حقيقة أهدافها البتروغازية و الإستراتيجية في المنطقة و لكي تعوض رصيدها الذي خسرته من ثقة و تأييد الرأي العام بمواقفها السلبية من الأزمة في الشرق الأوسط ففي الماضي كان تدخلها في شؤون الوطن العربي سلبياً يعكس باطن نواياها و قد تعمدت إطالة مدة الأزمة لإنعاش اقتصادها على حساب دماء الأبرياء أما العمل على إيجاد حلول جدية للأزمة كان مجرد عنوان لرواية ما قبل النوم و هذا ما أدى لتفاقمها و انتشار العصابات الإرهابية و تضاعف عملياتهم الإجرامية حتى أصبح وجودهم يشكل خطراً على مستوى العالم .
أما اليوم فقد بدأت الولايات المتحدة الأميركية تلعب دور المخّلص الأعظم الذي سيخلص العالم من الإرهاب و يحقق السلام العالمي و هذا هو أسلوب الذئاب الدموية المقنعة بوجه الحمل الوديع التي تتلاعب على الحبال السياسية لتحقق أهدافها الإستراتيجية في الشرق الأوسط و تلعب دور البطولة بمسرحية مخلص البشرية من الهلاك الذي لحق بهم من الإرهابيين المختبئين تحت عباءة الإسلام لتشتري بها أدمغة الضعفاء و تقدم نفسها لهم على أنها تغامر و تخوض هذه الحرب فقط من أجل أمنهم و استقرارهم و لكن الحقيقة ساطعة كالشمس و لا يمكن إخفاؤها فلو كانت صادقة بنواياها لما أعلنت تسليحها و دعمها للمعارضة الغير موجودة من أصله إلا كأسم رسخ في العقول الفارغة التي صدقت أن هذه الحرب الدموية هي ثورة من أجل تحقيق الحرية و الديمقراطية .
و على الرغم من أن الصهاينة و بعض الدول المستعربة استفادوا من إطالة مدة الأزمة لأنها تجارة مربحة بمدة زمنية قصيرة إلا أنها كشفت عوراتهم و هشاشة كيانهم و فتحت بصيرة الشعوب على الحقائق التي أثبتت أنها ليست إلا منظمة القاعدة الإرهابية الأداة التي يحركها الصهاينة و التي لعبت دوراً أساسياً في حرب الوكالة لتستنزف الجيوش العربية و تنهك الشعوب و ترميها في بئر اليأس و الإحباط و تحول أميركا اليوم أن تثبت أنه بإستطاعتها أن تخلص العالم من الإرهاب و تلعب على أوتار الدين و الإنسانية فللعلن تريد أن تلعب دور المخلص و أنها تريد تقديم المساعدة فتضحي بحياة الصحفي الأميركي ( جيمس فولي ) لتبرر تدخلها العسكري في العراق و الذي يظهر للعلن بأنها تريد التخلص من تنظيم القاعدة و كوكتيل العصابات الإرهابية الذي يهدد مصالحها و التي هي بالأساس من أوجدتها عند بداية مسلسل سبتمبر 11 و احتضنتها و سلحتها و من ثم زجتها في وطننا العربي باسم الجيش الحر و غلفت تواجدهم على أراضينا بشعارات الحرية و الديموقراطية التي تفتقدها في بلادها و تفرضها علينا في وطننا لتختلق أسباب تحرك فيها الفتنة الطائفية التي أغرقت شعوبنا العربية بدماء أبنائها .
سيناريو تواجد العصابات الإرهابية على أراضينا العربية كان جزء أساسي من المخطط الصهيوني الذي احتل الفكر قبل أن يحتل الأراضي و الذي أقنع العالم العربي بأن هذه العصابات أصبحت تشكل خطراً كبيراً ليس على مستوى الشرق الأوسط فقط بل على مستوى العالم و قد وصلت الشعوب العربية اليوم إلى قناعة تامة بأن خلاصهم من هذه العصابات لن يتم إلا على يد الإله الإعظم أميركا.
والصراعات الطائفية التي تم جرّ الأمة العربية إلى مستنقعاتها كان هدفها الأول هو أن يؤمنوا بأن الحل الوحيد للأزمة هو التخلص من الإسلام بكل أشكاله و طوائفه لأنه أثبت بحرب الفكر أنه دين الإرهاب و ليس دين سلام .
إنها حرب فكرية ذكية محبوكة بدقة عالية لم يعطها العرب أي اهتمام و ها هم اليوم يصفقون للولايات المتحدة الأميركية التي تحاول أن تفرض هيمنتها من جديد على الشرق الأوسط لتلعب دور المخلص الأعظم في عملية السلام و تقوم بطي صفحة تنظيم القاعدة لترميهم في محرقتها بعد أن استخدمتهم كجسر يوصلها إلى مبتغاها في تفكيك الشعوب العربية ليسهل عليها فيما بعد تحقيق أحلام طفلتها المدللة اسرائيل و تحتل الوطن العربي لينهبوا ثرواته في ظل هذه الفوضى و من ثم يقوموا بتقسيمه و قد قدمت العصابات الإجرامية خدمة كبيرة لصالح الكيان الصهيوأميركي حين شوهت صورة الدين الإسلامي الحنيف لأنها أعطت أميركا الدليل القاطع و الذي ستستخدمه كبرهان تقدمه أمام الرأي العام على أن الإسلام هو دين الإرهاب و يجب محاربته و القضاء عليه و هذه هي الثغرة التي سيستغلها الكيان الصهيوأميركي لكي يصلوا إلى هدفهم الحقيقي و يبدأوا هجومهم العلني المدعوم من مجلس الإرهاب الدولي على المقاومة الإسلامية و التي صوروها للعالم على أنها منظمة إرهابية عندما قلبوا الحق باطل و أنه أصبح من الضروري التخلص منها و القضاء عليها و هنا نستنتج أن قتل الصحفي الأميركي كان خبطة إعلامية استثمارية لصالح الولايات المتحدة الاميركية لأنه حقق لهم التدخل العسكري في الوطن العربي من بوابة العراق .
مفاتيح السلام في الشرق الأوسط في يد الأسد و مفاتيح أبواب الإرهاب في يد الولايات المتحدة الأميركية لأنها مصنع الإرهاب الذي تصدره لوطننا العربي و آل سعود هم جذورها العفنة المتغلغة في وطننا و ها قد بدأ السحر ينقلب على الساحر و الصهاينة أصبحوا على موعد مع لحظة تحول تاريخية سلبية مدمرة شاملة لأن فتيل الحرب الذي أشعلوه في سورية بدأ يطالهم جميعاً و إن كانت العراق هي البوابة التي دخل منها الصهاينة على وطننا العربي فسورية الأسد هي مقبرتهم التي تدحرجوا إليها لأنها كانت و ستبقى محور المقاومة و مصنع البطولات و الإنتصارات لأنها تسحق الإرهاب لتصنع السلام و ما يقوم به الجيش العربي السوري ثامن معجزة في العالم من إنجازات و بطولات في ساحات الشرف ستدرسه دول العالم في مناهجها لتعلم أجيالها معنى الصمود و التحدي بالإيمان بالعقيدة القتالية من أجل حماية ترب الوطن و بقوة الإرادة و العزيمة التي لا تقهر و التي ينهار عند جدارها كل المؤامرات .
sousou9112000@hotmail.com